تطرق مشاركون في الملتقى المغربي الألماني الأول حول الطاقة، تحت شعار "جميعا من أجل إنجاح الانتقال الطاقي" المنعقد يوم الثلاثاء 28 شتنبر الجاري، إلى عدة زوايا هامة تهم موضوع الانتقال من خلال ثلاثة محاور رئيسية، محور تخطيط الانتقال الطاقي وآثاره على المدى البعيد، محور خلق الفرص الاقتصادية ورفع تحديات الانتقال الطاقي، والمحور المتعلق بتعبئة مختلف مكونات المجتمع لإنجاح الانتقال الطاقي. وبخصوص ماهية الانتقال الطاقي، حسب الورقة التي أعدتها كتابة الشراكة الطاقية المغربية الألمانية، فهي تامين الاحتياجات من الطاقة، وتعزيز القدرة التنافسية، والحد من التكاليف الاجتماعية للتغيرات المناخية الناجمة عن انبعاثات غازات الاحتباس الحراري. وشددت الورقة على أن دورات التخطيط تتوخى العائد من الاستثمارات على المدى الطويل، فبمجرد الانخراط يصبح التراجع عن قرارات الاستثمار غير ممكن، وإلا سوف يتم تسجيل خسائر اقتصادية مهمة، وبالتالي فإن الاستراتيجيات الطاقية وخرائط الطريق ينبغي أن تكون بأهداف في أفق 2030 و2050، حتى تتمكن دوائر القرار من تخطيط الانتقال الطاقي ومنح الثقة ووضوح الرؤية بالنسبة للمستثمرين. فالتخطيط للمسارات المناسبة ينبغي أن تأخذ بعين الاعتبار التحديات الماكرو-اقتصادية والمناخية، كما تأخد بعين الاعتبار عدة أسئلة أساسية، مثل نوعية التكنولوجيات المعتمدة، توقع التكنولوجيات التي ستظهر في المستقبل، كيف وبأي مقدار يمكن تخفيض الاستهلاك الطاقي، كيفية تخفيض المصاريف إلى الحد الأدنى مع تحقيق أكبر قدر من الاستفادة للمجتمع. وتتمثل الدعائم الأساسية لأي انتقال طاقي، تضيف الورقة، في كفاءه استخدام الطاقة، والحد من الاحتياجات الطاقية، والاستعاضة عن مصادر الطاقة الأحفورية بمصادر طاقية مستديمة ومنخفضة الانبعاثات، خاصة المتجددة منها. كما يفرض إدخال المرونة في النظام الكهربائي نفسه على نحو متزايد وذلك باستخدام تكنولوجيات مثل التخزين واليات السوق، وإدماج قطاعات الصناعة والبناء والنقل من خلال الكهربة في هذه المجالات. ويعتبر التزود الآمن والمستقل من الطاقة والحد من التكاليف الاجتماعية والبيئية على المدى الطويل من ضمن الأهداف الرئيسة للانتقال الطاقي، وتخفيض التبعية لمصادر الطاقة الأحفورية من خلال تدابير النجاعة الطاقية وتعويضها بمصادر للطاقة المتجددة. فمحطة توليد الطاقة التي تعمل بالفحم ستظل ملوثة بحلول عام 2060، الشئ الذي يحتم وضع رؤية متماسكة تأخذ بعين الاعتبار كل ذلك مع الاعتماد على النماذج والسيناريوهات، وإسقاط نتائج التدخلات المختلفة في قطاع الطاقة. وبالنسبة للسيد مارتين شوبه، رئيس قسم بالوزارة الاتحادية للاقتصاد والطاقة والمكلف بتحديث مخططات الطاقة في أفق 2050، والذي شارك في هذا الملتقى المغربي – الألماني، فإنه "لا يوجد حل للجميع لكن التأكيد على الخيارات الأربع المتمثلة في النجاعة الطاقية، الطاقات المتجددة، مرونة الأنظمة الكهربائية واندماج جميع القطاعات المستهلكة للطاقة، وذلك في إطار خلق رؤية بعيدة المدى من أجل خلق ظروف مستقرة للاستثمار في المستقبل" ويضيف: "وقد أسهمت عملية الانتقال الطاقي التي بداتها ألمانيا منذ ما يقرب من 20 عاما إسهاما كبيرا في انخفاض تكاليف الطاقات المتجددة، وأظهرت الحسابات في النهاية أن الانتقال الطاقي هو خيار اقتصادي وليس فقط خيارا بيئيا". ويذكر أن التعاون بين ألمانيا والمغرب في إعداد النماذج والسيناريوهات الكهربائية للمغرب يرجع إلى حوالي سنتين، بعد توقيع اتفاقية شراكة في في مجال الطاقة، وتهدف المساعدة التقنية، المقدمة من طرف الوكالة الألمانية للتعاون إلى إطلاع المسئولين وباقي الفاعلين الأساسيين على خيارات المسارات الممكنة بالنسبة للمغرب.