هم شباب اختاروا لأنفسهم أسلوب عيش مغاير عن ذاك الذي اعتاده مجتمعنا، حملوا العدة وشدوا الرحال، وقرروا أن يكون السفر شغفهم المشترك، وسبيلهم إلى تكريس مجموعة من القيم الخلاقة والإيجابية، فما إن تطأ قدم أحدهم أرض بيته حتى تضيق به جدرانه، ويلوذ بنفسه إلى سعة الطبيعة. فمن هم الرحالة الجدد؟ سرعان ما انتشرت ظاهرة الترحال أو "التريب" كما هو متداول لدر محبيه بين أوساط الشباب، فأصبحت تستهوي الصغار والكبار ذكورا وإناثا، فقد ساهمت هذه الظاهرة في إنعاش السياحة الداخلية في السنوات الأخيرة، كما حثت الشباب على التعرف على مناطق رائعة وثقافات مختلفة تشكل هوية بلدهم المغرب. ويقول أنس يقين أحد أشهر الرحالة المغاربة ل"نون بريس": السفر ليس هواية بالنسبة لنا بل هو أسلوب عيش اخترناه لأنفسنا، نحن اخترنا أن نعيش على هذا النمط وأن نؤطر حياتنا وفقه، المحامي والطبيب والجزار والميكانيكي والصحفي اختاروا أن تكون حياتهم ممولة من خلال هذه المهن، وكذلك نحن اخترنا السفر كمهنة لنا، وعلى خلاف ما يظن البعض فنحن لسنا بشباب طائش ولا يضأل مستوانا الفكري عن المعدل، فمنا المثقفون وحملة الشواهد العليا الذين أتموا ما ثقفوه خلال مسارهم الدراسي بمكتسبات وإديولوجيات تعلموها خلال احتكاكهم مع الطبيعة الأم. ويضيف أنس، السفر يعلمك مجموعة من القيم الإيجابية من قبيل السلمية، المشاركة، التعايش، والتأزر وغيرها …، كما يبني لك شخصية متوازنة، ويعلمك كيفية الحوار الداخلي مع الذات والتأمل العميق الذي يضمن توازن العقل والروح والجسد. في ظل هذه القيم التي يكتسبها الرحالة، تظهر مجموعة من الأعمال التي يحسبها البعض على هؤلاء الشباب، من قبيل السرقة والتسول وتخريب الممتلكات العامة. ولتوضيح هذه النقطة يقول توفيق لزرق مدير مجموعة "تريب موروكو" التي تجمع ازيد من 20 ألف رحالة ل "نون بريس": نحن نتقيد بمجموعة من الأخلاق أثناء الترحال والتنقل من منطقة إلى أخرى، لا نقلل من احترام الناس، نحترم خصوصياتهم وتقفاتهم ولغاتهم، ونتسم بالسلمية والتعايش مع الناس، فحتى في أحضان الطبيعة الأم، لا نقطع الأشجار ولا نلوث أو نضيع المياه، ونحترم عرف الرحالة المغاربة، ونرفض كل من يسيء لشغف الترحال بأعمال من قبيل التسول والسرقة وغيرها، فهؤلاء الناس لا ينتمون إلينا ولا يمثلون إلا أنفسهم، فالترحال أخلاق قبل كل شيء. وهذه الظاهرة خلفت مجموعة من الإيجابيات لا تعد ولا تحصى على عدة مستويات، فهي تساهم في تنشيط السياحة، كما تساهم في تكريس ضوابط التعايش الإجتماعي وتعزيز دينامية الشباب.