لا يختلف اثنين على أن مهرجان كناوة بالصويرة يستقطب الآلاف من السياح الداخليين والخارجيين للمدينة كل سنة، فما إن يسدل المهرجان الستار عن إحدى دوراته حتى تجد الناس يحجون إلى "موكادور" من كل حذب وصوب، ولكن هذا هو بيت الداء، فإن كان المهرجان يزيد الصويرة إشعاعا ويستقطب السياح، غير أن ما يخلفه من أضرار يجعل سكان في غنى عن فضله. فما هي الأضرار ومن هم المتضررون ؟ سكان الصويرة يعانون كل سنة من الاكتضاض في فترة نشاط المهرجان، حيث يتم تكسير نمط عيشهم الهادئ من قبل الزائرين، فحيوية الشوارع والأزقة الصغيرة لا تنقطع، وكذا صخب الأجواء الذي يحرم جفون سكان موكادور من النوم طيلة أيام المهرجان، ناهيك على أن الزوار الذين يستقطبهم المهرجان أغلبهم مراهقين، ولا يخفى على أحد أن هذه الفترة من حياة الإنسان ترتبط بالطيش والتمرد على القواعد والتعليمات، وهذا يظهر جليا على أعمال التخريب والسرقة وانتهاك الحرمات والإزعاج الذي يتسبب به هؤلاء الشباب للسكان الذين لم يألفوا هكذا أعمال في مدينتهم المسالمة. وقد صرح أحد سكان صويرة ل "نون بريس" قائلا : "أغلبنا لا يبرح بيته لأثناء المهرجان إلا للضرورة، فالزوار يجلبون معهم ظواهر لم تألفها ساكنتنا المحافظة، نحن نعتز باستظافة الناس في مدينتنا لكن عليهم أن يلتزموا بنظام المدينة وأن يحافظوا على سلمها ونمط عيشها". قد يظن البعض أن المهرجان ينعش المدينة من الناحية الإقتصادية، وأنه يذر دخلا على أصحاب المحلات التجارية لترويج سلعهم وبيعها، لكن ليس هذا ما صرح به مجموعة من أصحاب المحلات بالصويرة، حيث أفاد: "نحن نبيع بشكل أفضل حين لا يكون المهرجان، إذ يكون غالبية المشترين من السياح الذين يحجون للمدينة خلال فترة هدوءها وهم أكثر من أولئك الذين يستقطبهم المهرجان، وزد على ذلك أعمال السرقة التي تتعرض لها المحلات أوقات الذروة بفعل الإزدحام والإكتظاظ". من زار الصويرة أثناء المهرجان يعلم أن أغلب الشباب الذين يأتون إلى الصويرة يبيتون في الشارع مما يعرضهم للسرقة أو الاعتداء، وخصوصا الإناث منهم، وفي أرحم الحالات يكترون غرفة صغيرة يتوزع ثمنها بين 15 أو 20 شخصا من الجنسين معا، فلك أن تتخيل وضعية نومهم. فغالبا ما تنشب الصراعات بينهم جراء انعدام الأمان والثقة. ومن جهة أخرى فالمهرجان يعتبر سوقا مفتوحا لتجار المخدرات، الذين يوزعون كل أنواعها بين أوساط الشباب القادم من مدن مختلفة. وما هذا كله إلا غيظ من فيض، وما خفي كان أعظم، فحثما هناك جوانب أخرى تعنى بالدعارة والفساد وما إلى ذلك من الأعمال التي تخرب هوية حضارة بناها السلف على أسس القيم الخلاقة والتعايش تحت لواء السلم، فهل هذا هو تأثير الموسيقى والفن على المجتمع؟