عقد الحزب الاشتراكي الموحد بمدينة تطوان المؤتمر الجهوي التأسيسي الأول للحزب بجهة طنجةتطوانالحسيمة، الذي احتضنته سينما «ابنيدا» يومي الجمعة والسبت الماضيين، تحت شعار «الكرامة». وحسب ما أوردته يومية المساء فقد أكد مصطفى الشافعي، عضو المكتب السياسي لحزب الاشتراكي الموحدتطرق خلال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، أن المؤتمر ينعقد في ظل أوضاع اجتماعية وسياسية واقتصادية يطبعها الاحتقان، تتحمل الدولة مسؤوليتها بكل أجهزتها المؤسساتية، الوطنية والجهوية والمحلية. وحمّل المتحدث الدولة مسؤولية الفساد المستشري في جل القطاعات الحكومية بسبب غياب المحاسبة وتشجيعها على الإفلات من العقاب، مما جعل «دائرة الفساد والاستبداد» تتسع بشكل خطير، يضيف الشافعي، الذي أبرز الدينامية الاحتجاجية الشعبية ذات الطابع المحلي والجهوي التي ينعقد المؤتمر تزامنا معها، كحال الحسيمة. وبهذه المناسبة قدم تحية خاصة لحراك الريف على صرختهم الاحتجاجية ضد التهميش والمحسوبية والرشوة. وخلال اليوم الموالي تميز المؤتمر بكلمة النائب البرلماني عمر بلافريج، الذي قدم مداخلته مساء السبت، أكد فيها أن حزبه كان يطالب دوما بملكية برلمانية، مستدركا أنه يعرف أن «فئات من الشعب لا تفهم معنى هذا الطلب، وأنه لذلك يحرص مناضلو الحزب في كل اللقاءات التواصلية مع المواطنين، في جميع مناطق المغرب، على التعريف بهذا الخيار السياسي الذي يؤمنون به ويدافعون عنه. وأضاف أن «الملكية البرلمانية لا تعني أبدا أننا ضد الملك.. فهي تعني الحفاظ على المؤسسة الملكية، لكن مع تطبيق حقيقي للديمقراطية على جميع مستويات الحكم». وضرب بلافريج مثالا بمنطقة تطوان التي يتدخل فيها الوالي في أمور نزع الملكية وشؤون أخرى ترتبط بمؤسسات أخرى للدولة وبالسلطات المنتخبة وبالمجتمع المدني. وتابع «لو كان نظامنا السياسي هو ملكية برلمانية فعلية، فإنها ستكبل أيدي المسؤولين الحكوميين في جميع القطاعات لمنعهم من التطاول على اختصاصاتهم وتجاوزها كما يفعلون حاليا». وبخصوص موضوع العزوف السياسي، ذكَّر المسؤول الحزبي بنسبة المغاربة المقاطعين للعمل السياسي، حيث قال إن عدد المواطنين البالغين سن الرشد في حدود 25 مليون، بينما الذين شاركوا في العملية الانتخابية لا يتجاوزون خمسة ملايين، مما يعني أن 75 بالمائة من المغاربة عازفون عن الفعل السياسي، إما لأنهم لا يثقون في إمكانية الأحزاب على التغيير، أو لكونهم ينظرون إلى السياسيين على أنهم «كائنات انتخابية» تتصف جلها بالانتهازية، يضيف بلافريج. وفي هذا الصدد، أكد القيادي اليساري أن عددا كبيرا من المغاربة الذين يرتابون من السياسيين، لم يتعرفوا بعد على حزب اليسار الاشتراكي الموحد، وعلى برامجه الاقتصادية والاجتماعية، وعلى تصوره العام لنظام الحكم والسلطة في المغرب، وعلى أفكاره ومبادئه التي يؤمن بها، والمتشبعة باليسار الديمقراطي والفكر الإنساني العالمي، والمنفتحة على كل الأفكار الحديثة. وتطرق النائب البرلماني في مداخلته إلى القطاعات الاجتماعية، وعلى رأسها التعليم، مبديا استغرابه الكبير من قرار الحكومة الحالية النقص من ميزانيته، في تناقض تام مع نفسها، لأنها منحت التعليم الأولوية في برنامجها الحكومي. وتساءل بلافريج: «كيف تُعطى الأولوية للتعليم ثم يُنقص من ميزانيته؟! وفي السياق ذاته، عرض بلافريج مقتطفات من التقارير الدولية والأممية التي تضع المغرب في مراتب متدنية من حيث جودة التعليم، إلى جانب دول يعاني بعضها من ويلات الحروب. وعرج ممثل فيدرالية اليسار الديمقراطي بالبرلمان على مقترح حزبه الأخير، القاضي بتعديل البرنامج الحكومي بإضافة ضريبة على الثروة موجهة إلى المقاولات، تبلغ نسبتها واحد بالمائة، بغرض دعم القطاعات الاجتماعية مثل التعليم والصحة، موضحا أن من يكسب، مثلا، مليار سنتيم سنويا سيؤدي مليون سنتيم لصندوق الضريبة على الثروة. وأعرب بلافريح عن صدمته لكون الغالبية الساحقة من النواب البرلمانيين صوتوا ضد مشروع التعديل، متذرعين بكون هذه الضريبة، لو طبقت، ستضعف الجاذبية الاستثمارية للمغرب. في حين أن أهم المشاكل التي يواجهها المستثمرون الأجانب بالمغرب، حسب بلافريج، هي النقص الحاد في اليد العاملة المكونة بسبب تخبط قطاع التعليم والتكوين في البلاد في سياسات إصلاحية غير مجدية. وأكد بلافريج على أن حزبه لم يدخل المعترك السياسي لتأثيث المشهد السياسي الوطني، بل يهدف إلى تولي مقاليد الحكم بالبلاد، حتى يتمكن من تطبيق أفكاره ومشاريعه الإصلاحية الجذرية. ومن أجل هذه الغاية الكبرى، يضيف عمر بلافريج، يجب على مناضلي الحزب التركيز على العمل القاعدي، عبر توعية المواطنين وتعريفهم بتصورات الحزب ومبادئه وأهدافه، وهو مسار طويل يجب على المناضلين التحلي فيه بالصبر والتفاؤل لتحقيق المراد الأسمى للحزب، ليصبح أكبر حزب في المغرب خلال المدة الفاصلة عن الانتخابات التشريعية المقبلة، ضاربا كمثال الحزب الاشتراكي البريطاني الذي استطاع أن يستقطب 200 ألف منخرط في ظرف وجيز جدا. وأنهى المؤتمر الجهوي التأسيسي للحزب الاشتراكي الموحد بتطوان أشغاله مساء أول أمس بالمصادقة في جلسته الختامية على كافة المحاور التي تدراستها اللجن الفرعية، وعلى البيان الختامي للمؤتمر. وانتخب المؤتمر مكتبه الجهوي المكون من 25 عضوا يمثلون، بنسب متفاوتة، فروعه التسعة على امتداد الجهة. وانتخب أحمد فتيان كاتبا عاما لجهة طنجةتطوانالحسيمة، فيما وقع الاختيار على مقر الحزب الاشتراكي الموحد بتطوان مركزا حزبيا جهويا.