كشفت مجلة "ليكونوميست" البريطانية في خريطة تفاعلية تهم أهم المطاعم العالمية التي يقبل عليها المغاربة بشكل يومي، فقدّرت عدد المغاربة الذين يستهلكون وجبات هذه المطاعم بحوالي 3 ملايين مغربي، وهو ما يجعل مداخيل مطاعم الوجبات السريعة في المغرب تفوق 12 مليون دولار يوميا (1.2مليار سنتيم). ولم تعد المطاعم الشعبية التي تُقدّم وجبات شبيهة بالأكل المنزلي بالمغرب، تغري كثيرا من الزبائن، نظرا للتطور الكبير الذي عرفته سلسلات المطاعم العالمية. ومن الملاحظ خلال جولة قامت بها "نون بريس"، بمدينة الدارالبيضاء على سبيل المثال، فإن أنظار المستهلكين تتجه بشراهة نحو مطاعم الماركات العالمية التي تقدم الوجبات السريعة. ومن بين المطاعم التي يرتادها البيضاويون، وفقا لاستطلاع قام به الموقع، هيسلسلاتالمطاعم التي تتوفر على فروع لها بالمدينة وبمدن مختلفة،مثل "بيتزا هوت"، "ماكدونالدز"، "كاإف سي"، "كينغ بورغر"،" الطازج" ومطعم "صابوي" والمطاعم ذات التخصص الغذائي، كالمطاعم الآسيوية أو محلات "السوشي" التي يقدم فيها الطبق الياباني الشهير بقاعدة السمك النيئ الملفوف بكمية من الأرز الأبيض ويرفق بصلصة الصوجاوالتي ارتفع عددها بنسبة 40 بالمائة بالمغرب خلال الفترة الممتدة بين عامي 2008 و2014 حسب تقرير "ليكونوميست" البريطانية. ناهيك عن المطاعم السورية والتركية التي تقدم "الشوارما"، و أنوع مختلفة من الحساء، وأطباق ببهارات تركية قوية. النظافة الخارجية عامل جذب كبير يبرر عدد من مرتادي المطاعم التي تقدم وجبات سريعة، خاصة تلك التي تحمل أسماء ماركات عالمية، اختيارهم هذا، كونها تحترم معايير النظافة وتمتاز بطريقة تقديم تغري المستهلك، بغض النظر عن القيمة الغذائية لتلك الوجبات، أو تأثيراتها الصحية على المدى المتوسط والبعيد. محمد، زبون يومي لمطاعم وجبات سريعة أجنبية، يقول في حديث مع "نون بريس" إنه يفضل ارتياد هذه المطاعم نظرا لأنها تحترم معايير النظافة رغم أنها لا تقدم أطباقا صحية. وتكلفه الوجبة الواحدة 70 درهما، مبرزا أن المحلات التقليدية الشعبية تقدم وجبات في حلة لا ترقى للمستوى المطلوب ولا تغري حتى بأكلها وهي أكلات مشكوك في احترام مقدميها لشروط السلامة الصحية، إذ غالبا ما يستخدم لإعدادها "زيت العبار" أي ممكن أن تتسبب في مشاكل عويصة على مستوى الأمعاء. حسب تعبير محمد. القيمة الغذائية تغني عن الشكل على عكس ذلك، تفيد سهيلة، وهي طالبة جامعية، أنها تفضل ارتياد المطاعم التقليدية كونها تقدم أطباقا مغربية أصيلة وبأثمنة مناسبة رغم أنه من الناحية الشكلية لا تظهر عليها أية جمالية تجذب الأنظار مقارنة مع المطاعم التي تقدّم وجبات أجنبية. التباهي على حساب الصحة وترى إيمان أنوار التازي، أخصائية التغذية والتحاليل الطبية، في تصريح ل"نون بريس"، أن بعض المطاعم التي تقدم وجبات سريعة أجنبية، لا تقدم طعاما صحيا وأغلب الوجبات تكون غنية بالسعرات الحرارية. وفيما يخص المطاعم التي تقدم الأطباق المغربية، فهي على الأقل تكون مكوناتها معروفة وهي أعلى قيمة غذائية مقارنة مع الوجبات السريعة. والإشكال المطروح يبقى غياب النظافة في المحلات الشعبية. وأبرزت التازي، أن بعض المطاعم الراقية وجد فيها فئران ولحوم غير صالحة، أي أن رقيهذه المطاعم ومظهرها الخارجي النظيف ليس معيارا لجودة الأطباق المقدمة فيها. فتناول اللحم المفروم بمطعم تقليدي، يكون ذو جودة وبصورته الطبيعية مقارنة مع استهلاك طبق كفتة بمحل للوجبات السريعة الأجنبية، مؤكدة قيامها بحساب عدد السعرات الحرارية ب"البورغر" المرفق بالبطاطس المقلية ومشروب غازي فأعطى نفس العدد بطبق كسكس محضر ب"البلبولة" والخضر واللحم. أما البطاطس المقلية بالمطاعم الأجنبية، فتقدم بطاطس مقلية مجمدة لا تحتوي على أي قيمة غذائية زيادة على استخدام المضافات الغذائية. وتضيف الأخصائية في علم التغذية أن هذه المطاعم أضحت وسيلة للتباهي ليس إلا، وقد رُصدت حالات تسمم عديدة بها خلال 3 سنوات، كما تفتح هذه المطاعم بالمناطق المراد إعلاء قيمة العقار فيها. وتنصح إيمان أنوار التازي بانتقاء وجبات قريبة إلى الطبيعة والابتعاد عن كل ما يضم نكهات اصطناعية وأن هنالك مطاعم تقليدية تقدم وجبات ذات جودة عالية ويجب فقط البحث عليها. خروج المرأة للعمل قَلَبَ نمط حياة المغاربة علي الشعباني، باحث في علم الاجتماع، يقول إن تغير النظام الغذائي للمغاربة هو مسألة جديدة. فالمغاربة في الأصل، كانوا يتناولون طعامهم بالمنزل لكن بفعل تغير توقيت عمل الأزواج والزوجات وخروجهن للعمل بتوقيت مستمر طرأت تغييرات كثيرة على العادات الغذائية. فمثلا بعض الأمهات يجهزن أكلات خفيفة في المنزل لفائدة أبنائهن التلاميذ بالتعليم الابتدائي إلا أن الأبناء الذين يدرسون بالسلك الإعدادي والثانوي يخجلون من حمل أكلات منزلية ما يجعلهم يطالبون بنقود لشراء وجبات من مطاعم مجاورة لمؤسساتهم التعليمية. سيما مع ظهور مقشدات تقدم هي الأخرى وجبات سريعة الشيء الذي سهل الانتقال إلى نمط غذائي جديد وارتياد محلات "البيتزا" و"البرغر" باعتبارها أماكن عصرية تدل على الحظوةوالرقي الاجتماعي. والفئات التي تتردد عليها فتعتبر نفسها راقية، من موظفين وغيرهم. والملاحظ حسب الشعباني، أن الزوجات الشابات أعرضن عن الطبخفي بيوتهن وأصبحن يفضلن تناول الطعام في الخارج ولا يمكن الإسهاب في الحديث عن الموضوع نظرا لغياب معطيات قطعية كون الأمر لا يزال قيد الدراسة. للإشارة، يوجد حالياً في المغرب أكثر 87 مطعما للأكلات الخفيفة بالنسبة لكل مليون مواطن، ويقتصر الأمر هنا على سلسلة المطاعم العالمية في المحور الرابط بين طنجةوالدارالبيضاء، من دون احتساب مطاعم الأكلات الخفيفة الأخرى. حسب ما جاء في تقرير ليكونوميست البريطانية.