واجهت السلطات الجزائرية يوم الإثنين الماضي، موقفاً محرجاً للغاية، فبعد ساعات من تزيين الشوارع بالأعلام الجزائرية والألمانية على طول الطريق المؤدي إلى المطار، اضطرت الحكومة إلى إلغاء مراسم استقبال الوفد الألماني، وذلك بعد إعلان رئاسة الجمهورية تأجيل زيارة المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، في آخر لحظة. وقد ألغيت هذه الزيارة نظراً لتعرض الرئيس الجزائري، عبد العزيز بوتفليقة، لالتهاب رئوي حاد. وبحسب ما أورده موقع "هافينغتون بوست" فإن هذه الحادثة تعد سابقة من نوعها؛ إذ إنه لم يسبق أن ألغيت زيارة رسمية في الجزائر بهذا الشكل، مما يؤكد أن الرئيس الجزائري، البالغ من العمر 79 سنة، يمر بحالة صحية حرجة. منذ سنة 2005، انتشرت العديد من الشائعات حول إصابة بوتفليقة بمرض السرطان، وهو ما يفسر زياراته المتكررة إلى فرنسا قصد العلاج بالمستشفيات الفرنسية. ومنذ عام 2013، أصبح الرئيس الجزائري يتنقل على كرسي متحرك عقب إصابته بجلطة دماغية، كما أصبح ظهوره للرأي العام نادراً للغاية. وفي يناير من عام 2015، التقى وزير الخارجية الألماني السابق، فرانك فالتر شتاينماير، بوتفليقة، في الجزائر. وإثر اللقاء بين الطرفين، أفاد شتاينماير، متأثراً، "ينتابني إحساس بأن هذا اللقاء سيكون الأخير بيننا". وبحسب "هافنغتون بوست" فإنه منذ الإعلان عن استقلال الجزائر سنة 1962، تقاسم كل من الحزب الحاكم، جبهة التحرير الوطني، وضباط سامون بالجيش الوطني، بدعم من رجال الأعمال الموالين للنظام، مقاليد الحكم في البلاد. خلافاً لذلك، ومنذ الإعلان عن عجز الرئيس الجزائري الحالي عن تسيير دواليب الدولة، اختلفت الآراء حول هوية الحاكم الفعلي الذي يسن القرارات في ظل غياب بوتفليقة. وفي السياق، تعتبر أن الجزائر في الوقت الراهن، بمثابة الصندوق الأسود؛ نظراً لأن الجميع يجهل هوية من سيخلف الرئيس الحالي، إذا ما وافته المنية. ومن جهة أخرى، يتمتع رئيس أركان الجيش الشعبي الوطني الجزائري، أحمد قايد صالح، بنفوذ واسع، خاصة أنه يعتبر من المقربين من الرئيس الجزائري. فضلاً عن ذلك، تكفل قايد صالح بتمثيل الرئيس العاجز في البعثات الخارجية. ومؤخراً، أدى قايد صالح زيارة رسمية إلى دبي، التقى خلالها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم الإمارة. وجديرب الذكر، أن قايد صالح، البالغ من العمر 77 سنة، قد التحق بصفوف المناضلين ضد المستعمر الفرنسي عن سن تناهز 17 سنة، ثم انضم إلى الجيش الجزائري وساهم في الحرب ضد الإسلاميين خلال التسعينات. علاوة على ذلك، يعتبر قايد صالح مستقلاً عن كل الانتماءات السياسية. ونظراً للوضع الهش الذي تعيشه دول الجوار على غرار ليبيا والنيجر ومالي، يعد الاستقرار مطمح الأغلبية الساحقة من الشعب الجزائري. ففي الحقيقة، لا أحد يرغب في أن يتكرر السيناريو الدموي الذي عاشته البلاد خلال التسعينات. وكشفت "هافينغتون بوس" أن هناك صراع حول السلطة بالجزائر، يجري خلف الكواليس، مبرزة أن شقيق الرئيس الجزائري، الذي يصغره بنحو عشرين سنة، سعيد بوتفليقة، الشخصية الأكثر غموضاً في الجزائر، كان يخطط منذ سنوات لتنصيب أحد الموالين له لخلافة الرئيس الجزائري الحالي. وجدير بالذكر، غل أنه وفي محاولة منه لاستعراض قوته ونفوذه، قام سعيد بمنع كل الراغبين في زيارة أخيه بالمستشفى في باريس، في سنة 2013، من مقابلته إلا بعد الحصول على موافقته، حتى إنه لم يسمح لرئيس الوزراء سلال بمقابلة الرئيس إلا بعد 46 يوماً. ويشاع أن سعيد متورط في قضايا رشوة وسط تكتم من القضاء الجزائري. وفي الوقت الحالي، يدور صراع خفي، خلف الكواليس، بين شقيق الرئيس الجزائري والفريق قايد صالح حول اعتلاء السلطة. وفي هذا الإطار، روج قايد صالح للعديد من الشائعات حول شقيق الرئيس الجزائري ضمنها إصابته بمرض خطير. وفي ضوء هذه المعطيات، حذرت المعارضة الجزائرية من إمكانية قيام صالح بانقلاب على السلطة، على غرار الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي -الذي قاد انقلاباً عسكرياً ضد محمد مرسي المنتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين. وبالعودة إلى التاريخ الجزائري، فإن الجيش الجزائري كان دائماً ما يحسم المعركة لصالحه، علماً أن "الجزائر ملك للجيش وليس العكس".