مرت أكثر من ثلاثة أشهر على الانتخابات التشريعية التي تُوجت بفوز حزب العدالة والتنمية بولاية ثانية، غير أن التشكيلة الحكومية الجديدة لم تر النور بعد، وعرفت تعثرا منذ شروع رئيس الحكومة في مشاوراته مع الأحزاب السياسية للمشاركة في الحكومة، على رأسها حزب التجمع الوطني للأحرار. وكما يرى المتتبع للمشهد السياسي؛ فبعد التعثر الذي شهده مسار تشكيل الحكومة، خرج عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة المكلف، ليعلن في الثامن من يناير الماضي، صعوبة استمرار التشاور مع رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار، عزيز أخنوش، وامحند العنصر، الأمين العام لحزب الحركة الشعبية، لافتا إلى أنه أنهى الكلام معهما. ولأنه بعد إصدار بلاغ ما أصبح يُطلق عليه ب"بلاغ انتهى الكلام"، لم يُعلن عن الأحزاب التي سيُكوِن معها الحزب الفائز بالانتخابات أغلبية حكومية، تتبادر لدى الكثيرين تساؤلات حول الشيء الذي ينتظره بنكيران من أجل الحسم في تشكيلته الحكومية؟ ولماذا لم يتم الإعلان عنها إلى الآن؟. وفي هذا الصدد، قال حفيظ الزهري، محلل سياسي و باحث في العلوم السياسية، في تصريح ل"نون بريس"، إن رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، لم يستطع جمع أغلبية مريحة داخل البرلمان نظرا لاختلاف الرؤى بين الفرقاء السياسيين وصعوبة التواصل بين بعض الأحزاب مما وسع هوة الاختلاف الذي تطور لدرجة الخلاف مما زاد من صعوبة مهمة بنكيران. وأضاف المحلل السياسي، أن رجوع المغرب للاتحاد الأفريقي وما تطلبه من جهود دبلوماسية وتركيز كبير على الصعيد الافريقي أثر بشكل كبير على مسلسل تشكيل الحكومة. وقد اعتبر الزهري أن عودة الملك لأرض الوطن بعد النصر الكبير الذي حققه المغرب بعودته لأسرته الأفريقية، وما سيليه من تفعيل للاتفاقيات التي وقعها المغرب مع إخوانه الأفارقة وما سيحتاجه ذلك من كفاءات، سيعجل بتشكيل الحكومة لأن الأمر لم يعد قابل للمزيد من التأخير. ورجح الزهري أن لا يخرج التحالف الحكومي المقبل عن أحزاب العدالة والتنمية والتجمع الوطني للأحرار والاتحاد الدستوري والحركة الشعبية والاتحاد الاشتراكي، فيما يبقى انضمام حزب التقدم والاشتراكية لهذا التحالف رهينا بمدى التوافق بين رئيس الحكومة وباقي الأحزاب الأخرى. وعن توضيحه لجدوائية الانتخابات التشريعية وعن منطق التعامل الانتخابي بعد الفوز بالمركز الأول ومحاولة التكثل مع أحزاب ذات مقاعد محدودة من أجل تكملة التشكيلة الحكومية. استطرد المتحدث ذاته بالقول، إن المغرب اختار التعددية الحزبية منذ الاستقلال واعتمد كذلك نظاما انتخابيا لا يسمح للحزب الفائز بتحقيق أغلبية مريحة تسمح له بتشكيل الحكومة؛ وهذا ما يفرض عليه اللجوء للتحالف مع باقي الأحزاب رغم الاختلاف الإيديولوجي والبرامجي فيما بينها. وبالتالي، ورغم فوز حزب العدالة والتنمية بالرتبة الأولى، يضيف الزهري، وتعيين عبد الإله بنكيران أمين عام الحزب رئيساً للحكومة، فإنه مضطر للبحث عن تحالف حزبي يضمن له أغلبية مريحة داخل البرلمان بغرفتيه.