عرف الموريسكيون في بادئ الأمر باسم "المورو" ،أي سكان شمال إفريقيا ،وتحول الاسم في ما بعد إلى "الموريسكو" الذي أطلقه جلادوا محاكم التفتيش المسيحية مع بداية التنصير القصري في سنة 1500 ميلادية ،على المسلمين الذين عاشوا في شبه الجزيرة الآيبيرية . سقطت مملكة غرناطة آخر معاقل المسلمين في الأندلس في يد الصليبين ،وتم تسليمها من لدن آخر ملوك الأندلس عبد الله الصغير لملك النصارى فرديناند وزوجته الملكة إليزابيث ،بعدما تم التوقيع على اتفاقية تقضي بانتهاء الحرب حقنا للدماء وبموجبها تعهد المسيحيون بأن يحموا الحقوق الدينية والمدنية للمسلمين وأيضا بأن يكفل النصارى للمسلمين العيش بسلام وأمن وأن يزاولوا كافة شعائرهم الدينية ،إلا أن شيئا من ذلك لم يتحقق ،وعملت الكنيسة على تنصيرهم ،حيث هدمت مساجدهم وتحول كثير منها إلى كنائس في عدة من الأقاليم مثل أرغون وبلنسية وقشتالة وغيرها. تحت سيادة الحكم المسيحي ذاق الموريسكيون صنوف العذاب والاضطهاد ،و اجبروا على اعتناق المسيحية أو التقتيل أو الترحيل عن ديارهم ،و اضطر كثير منهم إلى كتمان إسلامهم والتظاهر باعتناق المسيحية ،درء لتنكيل النصارى وقسوتهم .فتشبث الموريسكيين بدينهم كان أقوى من محاولات الكنيسة اليائسة لتغيير هويتهم الدينية ،وهو ما جعلها تطلق العنان للاضطهاد ،حيث أقيمت محاكم التفتيش ،التي كانت تتحرى عن انتماءات الموريسكيين الدينية ،فكانوا يفتشون المنازل والأزقة بل حتى القمامة ومذكرات الأطفال بحثا عن خيط يقودهم إلى هوية الموريسكيين الدينية،ثم يخيرونهم بين التنصر أو الموت أو الترحيل . مضت أزيد من أربعة قرون على طرد الموريسكيين من أرضهم و ديارهم ،وخلال ذلك العهد بدأت رحلة جديدة عنوانها التشرذم والفرقة في كثير من البلدان ، حيث أبعد الموريسكيون نحو بلدان شمال إفريقيا "المغرب ،الجزائر ،تونس" وفي المغرب استقر معظمهم في شمال البلاد خاصة في مدن" شفشاون وطنجة و تطوان" وغيرها من المدن المغربية ، حيث اندمجوا بكل يسر داخل المجتمع المغربي ونسجوا علاقات متميزة مع باقي المغاربة ،وظهر نمط حياتهم جليا من خلال عاداتهم الاجتماعية ،مثل الملبس والمأكل وأسماء العائلات وطقوسهم اليومية ،وغيرها. أبعد كثير من الموريسكيين أيضا ،باتجاه باريس وروما والقسطنطينية ،بالإضافة إلى المستعمرات الإسبانية بأمريكا اللاتينية . تنوع أصل الموريسكيين بين العرب والاسبان ،وذلك مرده إلى الاندماج الذي تم بين العرب القادمين إلى شبه الجزيرة الآيبيرية غداة الفتح الإسلامي بقيادة القائد الأموي طارق بن زياد ،وتشكل الشعب الموريسكي من شرائح مجتمعية متنوعة ،إلى جانب عامة الشعب كان مثقفون وعلماء وحرفيون وفلاحون وصناع مهرة ،مشكلين فسيفساء مجتمعية رائعة عاشت في أمن وسلام وتعايش مع باقي الديانات الأخرى ،إلى أن جاء النصارى الغاصبين الذين أجبروهم كرها على ترك أوطانهم وديارهم ظلما من أنفسهم ،وهم الذين آخذوا على عاتقهم ضمان أمن المسلمين وحماية حقوقه الدينية والمدنية . رغم كون البرلمان الإسباني أقر في العام 2010 بأن ما وقع للموريسكيين من اضطهاد منذ 4 قرون يعتبر جريمة ، إلا أنه لم يرقى إلى مطالب أحفاد الموريسكيين الذين طالبوا في مؤتمرهم الأول من نوعه في هذا الموضوع الذي عقد بشفشاون سنة 2002 باعتذار رسمي ،مثل ذلك الذي قدمه ملك إسبانيا الحالي خوان كارلوس لليهود "السفارديم" في العام 1992 في ذكرى مرور 5 قرون على طردهم من الأندلس .ومنح أحفادهم حق التجنيس في 2012. قصص الترحيل والقتل والتنصير التي عاش فصولها الموريسكيون في الأندلس قبل أربعة قرون على يدى النصارى لازال يرويها الأجداد للأحفاد بحسرة كبيرة ،ولازال الحنين يتملكهم إلى معانقة تراب تلك الأرض التي شهدت على مجد بناه الموريسكيون بكدهم وجدهم ،ومازالوا يمنون النفس بالعودة يوما إلى الأرض التي أخرجوا منها مكرهين ،فهل سيحدث يوما ويعودون إليها منتصرين .