يحكى أن رجلا أراد في أحد الأيام أن يستهزأ بجحا أمام جمع من الناس فقال له : أما تدري يا جحا ماذا رأيت في حلمي الليلة الماضية . فأجاب جحا لعلك رأيت خيرا . قال الرجل رأيت حلما في غاية الغرابة :حيث كنت أنا وأنت في غابة نجمع الحطب ، ونحن في غفلت من أمرنا، إذا بذئب مفترس هائج يتربص بنا ويحاول الانقضاض علينا، فلمحته قبل أن يفترسنا بين أنيابه ، فقال جحا ماذا فعلت يا رجل ؟ قال الرجل ،خطرت ببالي فكرة ذكية لأنجي نفسي وأنجيك من تهلكة محتمة . فقال: جحا ما هي فكرتك الذكية ؟ قال الرجل .كان أمامنا برميلين فطلبت منك أن تختبئ في أحدها وأن اختبأت في الآخر ،حتى يئس الذئب من البحث عنا وانصرف إلى حال سبيله ،وعندها خرجنا سالمين غانمين : فقال: جحا كيف خرجنا غانمين من البرميلين ؟ فتعالت قهقهات الرجل وملأ المكان بضحكاته الصارخة والساخرة ،وقال لجحا :عندما أخرجت قدمي من البرميل أدركت أنني كنت في برميل كان مملوء بالعسل ،وقد غمرني العسل إلى ذقني ،ثم نظرت إليك يا جحا فإذا بلحيتك تقطر قطرانا .وما إن رأيتك على تلك الحال حتى انتابتني نوبة من الضحك كانت ستزهق روحي ،وعندها استيقظت من نومي وفي فمي مذاق العسل . قال جحا : ولكنك يا صاحبي قد صحوت من نومك قبل نهاية الحلم فسأله الرجل وما أدراك أنت يا جحا ؟ فقال جحا إنه أمر عجيب، أولم تقل أننا كنا معا في الغابة وقد تربص بنا الذئب الهائج ؟ فقال الرجل ولكن ذلك حلم رأيته وحدي ما شأنك أنت ؟ فضحك جحا وقال له ويحك يا رجل هل الحلم حكر عليك لوحدك هل امتلكت مفاتيحه دون علمنا ؟ فقال الرجل .تريد أن تخبرني بأنك حلمت أيضا بنفس الحلم ؟فأخبرني إذن كيف كانت نهايته يا جحا ؟ قال جحا :عندما خرج كل واحد منا من البرميل الذي احتمى فيه من بطش الذئب ارتأينا أن ننظف ثيابنا قبل العودة إلى ديارنا ،وأتفقنا على أن ينظف كل منا ثياب الآخر .وما أن نظرت إلى العسل يقطر من ثيابك حتى اشتهيته لنفسي وأخذت ألعقه بلساني ،فما كان منك إلا أن حذوت حذوي وبدأت بلعق ثيابي .فبقينا على ذلك الحال حتى بزغ الفجر .فاستيقظت من نومي وفي فمي قطرات العسل .