استجاب آلاف المغاربة أمس الأحد 31 أكتوبر الجاري، للدعوات بالخروج للشارع من أجل الاحتجاج على قرار فرض جواز التلقيح الذي اتخذته الحكومة من أجل ولوج الفضاءات والمؤسسات العمومية. ولأن هذا الحراك الشعبي جاء رفضا شعبيا لما اعتبره المواطنون تقييدا لحريتهم ومسا بحقوقيهم الدستورية؛ ارتأى موقع "نون بريس" إلى استجلاء الرأي الحقوقي حول خروج المواطنين للشارع من جل الدفاع حقوقهم، وذلك من خلال محاورة عبد الإله الوثيق، منسق التكتل الحقوقي بالمغرب. وفي ما يلي نص الحوار: س: ما هو تعليقكم على خروج آلاف المغاربة للشارع للاحتجاج على رفض فرض جواز التلقيح؟ ج: كما هو معلوم فنحن كنا السباقين كجسم حقوقي في الاعتراض على إجبارية جواز التلقيح، لأنه قرار غير قانوني وغير دستوري، وفيه شطط في استعمال السلطة من طرف الحكومة في التعامل مع المواطن، باعتبار أن التلقيح هو اختياري، فلا يعقل أن يكون جواز التلقيح إجباري، بمعنى أن التلقيح وبأثر عكسي أصبح إجباريا. وهذا هو مناط العيب في القرار الحكومي. كما أن هناك جانب آخر، وهو أن المغاربة عانوا خلال فترة كورونا على مستويين، أولا على المستوى الاقتصادي؛ إذ أن هناك العديد من المواطنين ممن فقدوا عملهم أو تضررت أعمالهم ماديا. إلى جانب المعاناة النفسية جراء الحجر الصحي الذي دفع الناس إلى البقاء في منازلهم مدة طويلة. وحتى أن أفق الخروج من الأزمة لم يكن واضحا، حتى الطريقة التي تعاملت بها الحكومة مع هذه الجائحة، وهذا جانب جعل منسوب الاحتقان يزداد مع هذا القرار ومع الأوضاع الاقتصادية والنفسية ومع غلاء المعيشة. س: هل يمكن اعتبار هذه الأوضاع سببا في تأجيج الاحتقان داخل المجتمع المغربي؟ ج: كل هذا أجج الاحتقان داخل المجتمع وجعلنا نشاهد خروج المغاربة في مناطق متعددة للتعبير عن رفضهم، وفي حقيقة الأمر لم يكونوا يعبرون عن رفضهم فقط لجواز التلقيح فقط، لقد كنا نسمع شعارات "حرية عدالة اجتماعية" بمعنى أن الاحتجاج كان أكبر من أنه على جواز التلقيح ليتجاوزه إلى الوضع الاجتماعي والاقتصادي والسياسي الذي نعيشه اليوم في المغرب، خاصة بعد حكومة 8 شتنبر حيث كان الكل ينتظر أنه بعد تعاقب حكومة العدالة والتنمية لولايتين والتي اتخذت قرارات أجهزت على القدرة الشرائية ومجموعة من المكتسبات الخاصة بالشغيلة والعاملين في القطاع العمومي، كانوا ينتظرون من الحكومة التي انبثقت من انتخابات 8 شتنبر، والشعارات التي رفعتها الأحزاب المكونة لها أثناء حملاتها الانتخابية؛ أن يكون هناك انفراج اقتصادي اجتماعي، لكن العكس هو الذي جرى. واليوم، الشيء الذي أشرت عليه خرجات المواطنين هو أن هناك نار تستعر تحت الرماد وهذه النار يمكن في أي وقت أن تلتهم بعض الناس ممن اعتقد أن المغاربة تم ترويضهم وإسكات صوتهم، فالبارحة لاح طيف احتجاجات 20 فبراير 2011. س: هل تعتقدون أن منسوب الوعي الحقوقي لدى المغاربة ارتفع من خلال خروجهم للاحتجاج ضد إلزامية التلقيح؟ ج: بطبيعة الحال، متأكدين أن المنسوب الحقوقي لدى المغاربة قد ارتفع، بل تجاوزوا كثيرا الأحزاب والنقابات وحتى الجمعيات الحقوقية والدولة أيضا. وما جعل الوعي الحقوقي يرتفع هو وسائل التواصل الاجتماعي التي لعبت دورا كبيرا في تمرير المعلومة، لأن كان هناك مشكلا في ضبط المعلومة من مكونات معينة من الدولة أو الحكومة أو قطاعات معنية. فقبلا كان الإعلام العمومي هو من يمنح المعلومة، لكن الآن أصبحت المعلومة وطريقة تحليلها متاحة للجميع، ولم تصبح الدولة قادرة على التحكم في هذا المجال. وهو من دفع منسوب حقوقي يرتفع عند المغارب وينعكس على تفاعلهم مع قضاياهم. أكيد، فالمنطق الذي اعتمدته الحكومة من خلال قرارها إجبارية جواز التلقيح هو قرار غير قانوني ويعكس تضييق على الحريات. فالدولة خلال تدبيرها لأزمة كورونا واتخاذها مجموعة من التدابير مثلا حظر التجوال ربما اعتقدت أنها ستعتمد نفس الشيء في قرارات أخرى (بعض المرات عندما يثق الإنسان في نفسه في اتخاذ مجموعة من القرارات ولا يجد من يعترض ربما يعتقد أنه يمكنه تمرير قرارات أخرى) وهذا ما جعل الحكومة اليوم تُقبل على اتخاذ هذا القرار. س: كلمة أخيرة ج: أظن أن المغاربة بوعيهم وتصديهم السلمي لقرار فرض جواز التلقيح، سيدفعون الحكومة إلى التراجع مرغمة عن هذا القرار، لأنه إذا لم تتراجع عنه ربما سيمتد النقاش إلى أشياء أخرى أكثر من الجواز الصحي.