اعترفت فرنسا باغتيال أحد أبرز قادة الحركة الوطنية الجزائري المحامي علي بومنجل رغم أنها قررت نهاية السنة إضفاء السرية على وثائق ما قبل الحرب العالمية الثانية وحتى 1970. وهذا القرار يأتي ضمن التصالح مع الجزائر بسبب "الذاكرة الاستعمارية". وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد استقبل، وفق بيان رسمي يوم الأربعاء من الأسبوع الجاري، أحفاد علي بومنجل في قصر الإليزيه واعترف لهم بتورط فرنسا في اغتيال هذا المناضل في أعقاب التعذيب الذي خضع له بعد اختطافه في شهر مارس 1957. ويأتي هذا الاعتراف بعد عقود من الإنكار الرسمي والادعاء بانتحار بومنجل. واعترفت الدولة الفرنسية بهذه الجريمة الاستعمارية بعد أشهر قليلة فقط على مصادقتها على قرار شبه سري (نوفمبر 2020) ينص على تمديد وفرض السرية على الوثائق الخاصة بعدد من الوزارات والمؤسسات وعلى رأسها وزارة الدفاع للحقبة الممتدة ما بين 1934 الى 1970. وأثار القرار احتجاج المؤرخين ومنهم المتخصصون في منطقة المغرب العربي-الأمازيغي الذين كانوا ينتظرون رفع السرية لاستكمال بناء الرواية التاريخية حول عدد من الأحداث ومنها الاغتيالات وظروف توقيع فرنسا على استقلال الدول المشكلة لهذه المنطقة. وتبرز مبادرة الدولة الفرنسية الكشف عن مقتل علي بومنجل رغم مصادقتها على قرار السرية، الرغبة في التصالح مع الجزائر لا سيما بعدما كلف ماكرون المؤرخ بنجامين ستورا بإنجاز تقرير حول الاستعمار الفرنسي في الجزائر، وانتهى بتوجيه انتقادات ملطفة لجرائم فرنسا. وبينما يحدث هذا التطور الهام، تلتزم باريس السرية والصمت في ملفات أخرى وعلى رأسها الملف الشائك المتعلق بملابسات اختطاف واغتيال المعارض المغربي الشهير المهدي بن بركة في باريس سنة 1965 والدور الفرنسي في هذه الجريمة التي هزت علاقاتها الثنائية مع المغرب. ويستمر ملف بن بركة معلقا حتى الآن رغم الكثير من المحاولات القضائية للكشف عن الحقيقة. وتصنف وزارة الدفاع الفرنسية التقارير المنجزة حول عملية الاختطاف والاغتيال ضمن أعلى مستويات السرية وترفض الكشف عنها.