قضية الأساتذة المتعاقدين وإضرابهم للأسبوع الثاني على التوالي، أصبحت محط نقاش مجتمعي، خاصة مع طول مدة الإضراب، حيث ازدادت مخاوف أسر وأولياء التلاميذ من تأثيرها على السير العادي للتحصيل العلمي للتلاميذ، في ظل غياب أي حلول من طرف وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي، التي اتخذت موقفا وصف بالمتصلب اتجاه الأساتذة المتعاقدين في آخر بلاغ لها. وحول تداعيات إضراب الأساتذة المتعاقدين، علق عبد الرحيم العلام، أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاضي عياض بمراكش، يوم أمس الأحد، في تدوينة له على صفحته الشخصية على فايسبوك، قائلا :” إن ما يحدث هذه الأيام في قطاع التعليم من احتجاجات، لن يُسهِم إلا في هجرة التلاميذ من القطاع العام إلى القطاع الخاص”. ويرى العلام أن اضطراب أوضاع التعليم العمومي ستدفع الأسر المغربية لنقل أبنائها للمؤسسات الخاصة، “الراجح أن العديد من الأسر ستلجأ إلى الحل الذي يُنهك جيوبها ولا تشتهيه، وستنقل أبناءها إلى المدارس الخصوصية كما تفعل آلاف الأسر التي رغم أن قدرتها الشرائية لا تسمح بتدريس أبنائها في التعلم الخاص، إلا أنها تثقل كاهلها بالديون، وتخفّض من مصاريف أخرى مقابل تسديد فواتير المدارس الخاصة”. وحمل العلام الدولة المسؤولية، لأنها شرعت في التنزيل العشوائي للتوظيف بالتعاقد دون دراسات مستفيضة للذهنيات المجتمعية، ودون تهيئ الشروط اللازمة للتعاقدية الوظيفية. وأضاف العلام، ” إن كل ما فعلته الدولة في قضية التعاقد، هو وضع العربة أمام الحصان، وفرض الأمر الواقع على الشباب الراغبين في التوظيف بأن أغلقت أمامهم إمكانية التوظيف العمومي، وفتحت في وجههم العمل بالتعاقد، الأمر الذي قبلوا به بداية ثم ما لبثوا أن رفضوه بعد أن استأنسوا في أنفسهم القدرة على المجابهة، وبعد أن اصطدموا بمشكلات التعاقد، وها هم اليوم بأعدادهم الضخمة يكادون يشلون المؤسسات التعلمية”. وحول حلول الأزمة القائمة بين الوزارة والأساتذة المتعاقدين قال العلام إن من يعرف عقليات الحركات الاحتجاجية الفئوية، سيعلم أنه من الصعب على المتعاقدين العودة عن الاحتجاجات والاضرابات، وأنهم حتى إذا عادوا اليوم، فإنهم سيخرجون فيما بعد، لأنه كلما كثر عددهم في التعليم وتقلص عدد الموظفين الرسميين، إلا وتشجعوا على الاضراب والاحتجاج، سيما وأن جلهم شباب ومسارهم المهني أمامهم وليس خلفهم. ويري العلام أنه يستحسن أن تستجيب الوزارة لمطالب المتعاقدين، وتتوقف عن التوظيف في التعليم بالتعاقد، لأنها لا تستطيع إجبار المتعاقدين على العودة إلى العمل، وليس في مقدورها تعويضهم بآخرين، لأنها إن فعلت ستجد نفسها مرة أخرى أمام احتجاجات هؤلاء، كما أنها إذا فصلت المضربين اليوم وفكرت في توظيف غيرهم توظيفا رسميا، فإنها لن تجد أفضل منهم ما دموا قد راكموا تجربة وتلقوا تكوينات صُرفت عليها الكثير من الأموال، إضافة إلا أن طرد أكثر من 50 ألفا إلى الشارع لن يسفر إلا على مزيد من التأزيم. وقالت الوزارة في بلاغ لها نشرته في ساعات متأخرة من ليلة يوم أمس الأحد أن هناك ب"بعض الجهات"، التي اعتبرتها "تحاول الضغط على هؤلاء الأساتذة من أجل ثنيهم عن الالتحاق بأقسامهم وتأدية واجبهم".