كانت مدينة بلنسية من أعرق مدن شرق الأندلس، وكانت محط أنظار ملوك أراجون الإسبان، وقد حاول خايمي الأول ملك أراجون فتح بلنسية عدة مرات ففشل بسبب وجود سلسلة من الحصون القوية حول المدينة العريقة تمثل خط الدفاع الأول والمتين عن هذه المدينة، وكان حصن أنيشة المنيع والذي يقع على ربوة عالية من أقوى هذه الحصون الدفاعية عن بلنسية، لذلك ركز خايمي على هذا الحصن من أجل الاستيلاء عليه. واصل خايمي محاولاته الهجومية على بلنسية من أجل فتحها وشدد من وطأته على المدينة وشعر الأمير زيان والي بلنسية بخطورة الهجوم الإسباني وبأهمية موقع أنيشة وخطورة سقوطه في أيدي النصارى، فأمر بهدمه وتسويته بالأرض حتى لا يستفيد به النصارى، ولكن خايمي الأول أصر مع ذلك على احتلال موقعه، وألح في القتال حتى احتل الموقع، وابتنى مكانه حصنًا جديدًا منيعًا، وجعله قاعدة للإغارة على بلنسية. شعر الأمير زيان بخطر وجود النصارى في هذا المركز الدقيق المهدد لسلامة بلنسية فصمم على استعادته من أيديهم وحشد جيشًا قويًّا ولكنه في أغلبه من المشاة، وسار بقواته نحو تل أنيشة، وفي يوم 20 من ذي الحجة 634ه اشتبك المسلمون والنصارى في معركة عنيفة قاتل فيها الفريقان بمنتهى الشجاعة، وانتهت بهزيمة فادحة للمسلمين، قتل فيها عدد كبير من أعيان بلنسية وعلمائها وصلحائها وفي مقدمتهم كبير علماء الأندلس ومحدثيها يومئذ، أبو الربيع سليمان بن موسى الكلاعي وكان فوق علمه وأدبه الجم جنديًّا وافر الشجاعة والجرأة، يشهد كل الغزوات ويباشر القتال بنفسه، وكان في يوم أنيشة يتقدم الصفوف ويقاتل بشجاعة ويحث المنهزمين على الثبات ويصيح بهم: “أعن الجنة تفرون” حتى سقط شهيدًا. وبهذه الهزيمة أصبح الطريق مفتوحًا أمام النصارى لأن يحتلوا بلنسية. المصدر: موقع مفكرة الإسلام.