نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” تقريرا لمراسلها بن هبارد، يقول فيه إن السعودية اعتقلت صحافيا مخضرما عندما كان في زيارة للقنصلية السعودية في إسطنبول. ويعلق الكاتب قائلا إن جمال خاشقجي، الذي أصبح من أكثر الناقدين للقيادة السعودية، اعتقل يوم الثلاثاء بعد أن دخل القنصلية في الساعة الواحدة والنصف للحصول على وثيقة ضرورية ليقوم بإتمام مراسيم زواج، بحسب ما قال صديقه الصحافي التركي توران كيسالكتشي في اتصال هاتفي مع الصحيفة. ويشير التقرير، حسب ما أفاد به موقع عربي21 ، أن صديقه وخطيبته بقيا خارج القنصلية إلى ما بعد التاسعة مساء، أي بعد أكثر من أربع ساعات على إغلاقها، بانتظار خروجه. وتورد الصحيفة نقلا عن خطيبته خديجة جنكيز، تأكيدها في مقابلة هاتفية قصيرة قصة اعتقاله، وقولها إنها قلقة عليه، وأضافت: “ليست لدي معلومات عنه”. ويلفت هبارد إلى أن اعتقال خاشقجي جاء بعد سلسلة من الاعتقالات للدعاة والمثقفين والناشطين ورجال الأعمال خلال العام الماضي، حيث حاول الحاكم الفعلي للبلاد الأمير محمد بن سلمان تقوية سلطته، وسحق المعارضة. ويفيد التقرير بأن خاشقجي كان يعمل من داخل النظام حتى انشق عنه العام الماضي، وعبر عن قلقه لصديقه يوم الاثنين من أنه قد يختطف وينقل إلى السعودية إن زار القنصلية، مشيرا إلى أنه في الوقت الذي اعتقل فيه معظم المعارضين للأمير محمد بن سلمان في داخل البلاد، إلا أن البعض الآخر اعتقل في دول عربية، وتم نقلهم قسرا إلى السعودية، دون أي إجراءات قانونية، وكانت الناشطة لجين الهذلول واحدة منهم، التي اعتقلت في طريق سريع في الإمارات ونقلت جوا إلى السعودية. وتذكر الصحيفة أن الحكومة التركية لم ترد للتعليق على ما جرى في القنصلية حتى الآن، فيما لا يعلم كيسالكتشي سبب عدم خروج خاشقجي من القنصلية، وتساءل قائلا: “ماذا يفعلون في القنصلية؟ لا نعرف”، مشيرا إلى أن السلطات التركية تم إعلامها وهم يتابعون القضية. وينقل الكاتب عن الشخص الذي أجاب على المكالمة الهاتفية في القنصلية، قوله إنها أغلقت وإنه لا معلومات لديه، لافتا إلى أنه عندما سئل عن خاشقجي، وعن ما إذا كان قد اعتقل في القنصلية، فإنه قال: “سمعنا الكلام ذاته، لكننا لا نعرف”، فيما لم ترد السفارة السعودية في واشنطن، ورفضت التعليق. وينوه التقرير إلى أن خاشقجي يعد من الصحافيين السعوديين البارزين، وقابل زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، وغطى المناسبات المتعلقة بملوك السعودية، ونظر إليه عادة على أنه مقرب من الحكومة، واعتمدت عليه للدفاع عن سياساتها، وتجاهل الفضائح والانتهاكات، وعمل أحيانا مستشارا رسميا وغير رسمي للمسؤولين السعوديين. وتشير الصحيفة إلى أن خاشقجي قرر في العام الماضي، وبعد اعتقال عدد من أصدقائه، وتقلص هامش حرية التعبير في المملكة، الخروج إلى منفى اختياري، حيث وزع وقته بين واشنطن دي سي ولندن وإسطنبول، ونشر مقالات انتقد فيها النظام الشمولي وحكم ولي العهد ابن سلمان. ويلفت هبارد إلى أن خاشقجي كتب بشكل منتظم مقالات رأي في صحيفة “واشنطن بوست”، مشيرا إلى أن هذه المقالات حولته إلى منبوذ داخل الحكومة السعودية، واتهمه المدافعون عن الأمير محمد بن سلمان بتلقي أموال من جهات أجنبية لتشويه سمعة المملكة. وبحسب التقرير، فإن زوجته ظلت في المملكة، حيث إنه لم يكن قادرا على العودة بحرية، ما أدى إلى الطلاق، وحاول الزواج مرة أخرى من امرأة تركية، مشيرا إلى أنه حتى يتم الزواج فإنه كان بحاجة لاستخراج ورقة من القنصلية تشير إلى أن الزواج السابق قد انتهى، ولهذا قام بزيارة مفاجئة للقنصلية، وطلب منه موظفوها العودة يوم الثلاثاء الساعة الواحدة ظهرا ليتسلم الوثيقة. وتكشف الصحيفة عن أن خاشقجي ترك هاتفه الشخصي مع جنكيز، وطلب منها إخبار أصدقائه في حال لم يعد، وبعد إغلاق القنصلية أبوابها بدأت جنكيز بالاتصالات. وتختم “نيويورك تايمز” تقريرها بالإشارة إلى ما كتبه خاشقجي العام الماضي عن السبب الذي دعاه لمغادرة المملكة، حيث قال: “تركت وطني وعائلتي ووظيفتي وأرفع صوتي الآن”، فيما قال في مقالة رأي في صحيفة “واشنطن بوست” إن “عدم فعل هذا يعد خيانة للذين يقبعون في السجن، وأستطيع التحدث عندما لا يستطيع الآخرون، وأريدكم معرفة أن السعودية لم تكن كما هي الآن، ونستحق الأفضل”.