جاءت كلمة الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) أمام الجلسة ال 73 للجمعية العامة للأمم المتحدة، أمس، بعيد انتخابه بالإجماع رئيسا لمجموعة ال 77 زائدا الصين. وكان بالمجمل خطابا وضع فيه النقاط على الحروف، خاصة في ما يخص العلاقة مع الولاياتالمتحدة. وقال إن الفلسطينيين لن يحترموا الاتفاقات مع الإدارة الأمريكية طالما ظلت تنقضها. ودعا الرئيس عباس الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للتراجع عن قراراته بشأن الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل وقطع المساعدات عن الفلسطينيين، التي قال إنها تقوض حل الدولتين لصراع الشرق الأوسط. وجدد رفضه للوساطة الأمريكية «إننا لن نقبل بعد اليوم رعاية أمريكية منفردة لعملية السلام، لأن الإدارة الأمريكية فقدت بقراراتها الأخيرة أهليتها لذلك، كما نقضت كافة الاتفاقات بيننا، فإما أن تلتزم بما عليها، وإلا فإننا لن نلتزم بأي اتفاق». وأكد الرئيس، الذي استقبل بتصفيق حار لدى دخوله إلى قاعة الاممالمتحدة، «أن هناك اتفاقات مع إسرائيل وقد نقضتها جميعا، فإما أن تلتزم بها، أو نخلي طرفنا منها جميعا، وعليها أن تتحمل مسؤولية ونتائج ذلك». وأضاف أن إسرائيل لم تنفذ قرارا واحدا من مئات القرارات التي أصدرها مجلس الأمن، وآخرها القرار 2334، والجمعية العامة للأمم المتحدة والمتعلقة بالقضية الفلسطينية. وكان موقفه واضحا لا لبس فيه في موضوع القدس الشرقية بقوله إن «القدس ليست للبيع»، وإن «عاصمتنا هي القدس الشرقية وليست في القدس، فلا تتذاكوا علينا. ولا سلام من دون ذلك وحقوق شعبنا ليست للمساومة». وأكد الرئيس أن «المجلس الوطني «برلمان دولة فلسطين»، اتخذ قرارات مهمة تُلزمني بإعادة النظر في الاتفاقات الموقعة مع الحكومة الإسرائيلية، السياسية والاقتصادية والأمنية على حد سواء، وفي مستقبل السلطة الوطنية الفلسطينية التي أصبحت دون سلطة، وتعليق الاعتراف الفلسطيني بإسرائيل، إلى حين اعتراف إسرائيل بدولة فلسطين، على حدود الرابع من يونيو عام 1967، والتوجه للمحاكم الدولية (بما فيها المحكمة الجنائية الدولية)، للنظر في انتهاكات الحكومة الإسرائيلية للاتفاقات الموقعة، وانتهاكات الاحتلال ومستوطنيه بحق شعبنا وأرضنا ومقدساتنا. وحول «قانون القومية للشعب اليهودي»، قال الرئيس إن هذا القانون يقود حتما إلى قيام دولة واحدة عنصرية (دولة أبرتهايد) ويلغي حل الدولتين، ويشكل خطأ فادحا وخطرا محققا من الناحيتين السياسية والقانونية، ويعيد إلى الذاكرة دولة التمييز العنصري في جنوب أفريقيا. وطالب المجتمع الدولي برفضه وإدانته، واعتباره قانونا عنصريا باطلا وغير شرعي، كما أدانت الأممالمتحدة دولة جنوب أفريقيا سابقا في قرارات عدة. وأعرب الرئيس عباس عن أمله بأن تتبنى الجمعية العامة للأمم المتحدة، المبادرة التي كان طرحها في جلسة لمجلس الأمن الدولي بتاريخ 20 شباط/ فبراير من العام الجاري، وتدعو لعقد مؤتمر دولي للسلام، يستند لقرارات الشرعية الدولية، والمرجعيات المجمع عليها أمميا، بمشاركة دولية واسعة تشمل الأطراف الإقليمية والدولية الفاعلة، وعلى رأسها أعضاء مجلس الأمن الدائمون والرباعية الدولية. وطلب أبو مازن رفع مستوى عضوية دولة فلسطين في الجمعية العامة للأمم المتحدة، حتى تتمكن من أداء المهام المتعلقة برئاسة مجموعة ال77 التي تضم في عضويتها 134 دولة على أكمل وجه. وشدد على ضرورة وضع آليات محددة لتنفيذ قرار الحماية الدولية للشعب الفلسطيني، في أسرع وقت ممكن. وجدد الرئيس رفضه لأن يكون الدعم الاقتصادي والإنساني المقدم للشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة، بديلا للحل السياسي القائم على إنهاء الاحتلال وتجسيد استقلال دولة فلسطين على الأرض، وبديلا من رفع الحصار الإسرائيلي وإنهاء الانقسام القائم في قطاع غزة. وحول المصالحة، أكد الرئيس مواصلة الجهود الصادقة والحثيثة لإنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة، «ورغم العقبات التي تقف أمام مساعينا المتواصلة لتحقيق ذلك، ماضون حتى الآن في تحمل مسؤولياتنا تجاه أبناء شعبنا.». وجدد استعداد حكومته «حكومة الوفاق الوطني»، لتحمل مسؤولياتها كاملة في قطاع غزة، بعد تمكينها من ممارسة صلاحياتها كاملة، في إطار النظام السياسي الفلسطيني الواحد، والسلطة الشرعية الواحدة، والقانون الواحد، والسلاح الشرعي الواحد. وأكد أن هناك اتفاقات مع حركة حماس، وآخرها اتفاق 2017، فإما أن تنفذها بالكامل، أو نكون خارج أي اتفاقات أو إجراءات تتم بعيدا عنا، ولن نتحمل أية مسؤولية، وسنواجه بكل حزم المشاريع الهادفة إلى فصل قطاع غزة الحبيب عن دولتنا تحت مسميات مختلفة. ودعا الجمعية العامة للأمم المتحدة لأن تجعل دعم الأونروا التزاما دوليا ثابتا، فالوكالة تأسست بقرار من الجمعية العامة عام 1949 وتم تفويضها بتقديم المساعدة للاجئين الفلسطينيين إلى أن يتم التوصل لحل دائم لقضيتهم. وختم أبو مازن بتوجيه التحية إلى الشهداء والأسرى الأبطال، متحديا بذلك القانون الإسرائيلي، وكذلك موقف الإدارة الأمريكية التي قطعت المساعدات عن السلطة بسبب دفع المخصصات لهم ولعائلاتهم. وتساءل لماذا يعتبر الآلاف من الإسرائيليين أبطالا حتى قاتل اسحق رابين؟». وأنهى خطابه بالقول: «إننا على موعد قريب مع فجر الحرية والاستقلال، وإن الاحتلال إلى زوال».