حرص المغاربة على الحفاظ على العادات الشعبية والتقليدية في شهر رمضان، غير أن البعض منها أصبح في طريقه إلى الاختفاء لتصبح الأجيال المغربية السابقة، سيما تلك التي عايشت حقب الثمانينات وتسعينات القرن الماضي،هي الوحيدة التي عاشتها بحذافرها والشاهدة على جمالها. ففي وقت تكتسح فيه التكنولوجيا الحديثة عالمنا،لم يعد الصائم في حاجة إلى "الغياط" و"النفار" و "الطبال" لإخباره بحلول شهر رمضان المبارك أو ليوقظه من نومه وقت السحور، فالبدائل كثيرة، أبسطها ضبط ساعة الهاتف الخلوي الذي يتضمن برامج خاصة بالشهر الكريم للتذكير بمواعيد الصلاة والسحور،أو مشاهدة الإعلان عن موعد رمضان في التلفاز أو وسائل التواصل الاجتماعي. "الغياط"و "النفار"و "الطبال" شخصيات بارزة في شهر رمضان الكريم،حيث يجتمع الثلاثة في دور واحد،ألا وهو التطبيل و التزمير بجميع الأحياء بعد أداء صلاة التراويح، وذلك من أجل اطراب مسامع السكان بألحان آلاتهم فترى الجميع يستمع إليهم من النافذة، و يستمتع بعزفهم فالكل يحييهم ويمنحهم المال أو الطعام أو غيرهما من أنواع الهدايا، وذلك بغاية إظهار الامتنان لهم. أما الدور الثاني فهو تنبيه الناس إلى تحضير ما يعرف عند العامة ب"المخمر" ساعات قليلة قبل موعد السحور لتقديمه في المائدة، وذلك قبيل إيقاظ الناس للسحور، ومن بين المقولات المحبوبة التي كانوا يرددونها في ذلك الوقت "فق تسحر يا الناعس، صلي الفجر و نوي صيامو ، را رمضان غادي، سعدات للي صامو و قامو و اعمل بحسابو ". وبحسب بعض الروايات، فقد ظهرت مهنة " النفار" تاريخيا، بمدينة مراكش في القرن الرابع عشر، في عهد السعديين، حيث يروى أن عودة السعدية ( مسعودة الوزكيتية أم المنصور الذهبي) فطرت عمدا في رمضان وندمت ندما شديدا، وهو ما جعلها تحبس كلما تملكه من ذهبها الخالص لفائدة " النفافرية" على أساس أن يقوموا بالدعاء لها ويطلبوا من الله أن يغفر لها. إن الألحان التي يعزفها هؤلاء الموسيقيون في رمضان لا تلقى صدى اليوم، بعد أن تبدلت عادات الناس في رمضان حيث دأب الكثير منهم على حذف السحور من لائحتهم الغدائية بدعوى أنهم لم يعودو يخلدون للنوم بعد العشاء، فأضاعوا بذلك على أنفسهم حلاوة الجو الرمضاني الأصيل الذي يمثل فيه "الطبال" و "الغياط" أحد أبرز معالمه و جماله.