هذا الأسبوع قررت السفر لمدينة فاس لأرى صديقا لي هناك، حملت حقيبتي الصغيرة وأخذت حاسوبي والأشياء التي سأحتاج إليها في الطريق كالهاتف وغيره… ركبت القطار المتوجه من الدارالبيضاء إلى فاس، أنا الآن في محطة المسافرين بالدارالبيضاء دخلت واشتريت تذكرتي في الشباك الخاص بعد انتظار دام نصف ساعة لأن الآلة التي تتصل بالحاسوب معطلة هكذا شرح لنا صاحبها أو سعادة الموظف كما خاطبه شيخ كبير يبدو أنه من البادية، خرجت إلى رصيف الانتظار وكنت على يقين تام بأن القطار الذي سأركب فيه سيتأخر لا محالة…بعد مرور ساعة من الانتظار ها قد أتى القطار أخيرا… ! صعدت بمشقة الأنفس حتى كاد جسمي يتحطم بكامله بسبب التدافع وكل واحد يريد أن يحجز لنفسه مكانا في القطار بسرعة ممكنة وإلا سيقف على رجليه حتى مدينة فاس، ملكني الغضب ونسيت كل شيء وبدأت أركض أنا الأخر داخل القطار مثل أحمق مجنون، أخيرا جلس من سبق وبقي من تأخر واقفا، سمعت رجلا يسمي نفسه (أستاذ) يلعن هذا البلد وأهله واليوم الذي ولدته في أمه وأن اليابان أفضل من المغرب بكثير !!وقلت في نفسي هكذا نحن المغاربة نلعن أنفسنا ووطننا وننسى أننا المخطئون في كل ما نفعل !! القطار يمشي والمسافرون يتحدثون فيما بينهم والحرارة تشتد داخله مثل حمام شعبي، كنت أراقب من النافذة مناظر وطني الحبيب فجأة رأيت سحابة من الدخان قادمة نحو المقصورة التي نجلس فيها، قمت من مكاني لألقي نظرة لأرى من أين أتت تلك السحابة العجيبة؟ فعلا وكما كنت متوقعا وجدت شابان يدخنان لفافات الحشيش(جوانات) بدون خوف ولا استحياء ولا أدنى احترام للجالسين داخل تلك المقصورة، فكرت أن أخوض معهم في مناقشة كلامية وتراجعت لأنه لا داعي من السقوط في مشاكل مع هذان السفيهان وقد أصل معهما لما لا يحمد عقباه، عدت لمكاني وجلست وشرحت لأصدقائي في المقصورة سبب تلك الغيمة الدخانية. نام الجميع في لحظات وبقيت أنا مستيقظ أفكر في همومي وأحلامي، هاهو القطار يصل لمدينة مكناس متأخرا كأننا مسافرون فوق ظهر سلحفاة وليس قطار… نزل المسافرون وصعد آخرون وانطلق القطار من جديد، دخل علينا رجل يبدو فوق الثلاثين من عمره مع طفلة صغيرة وبدأ في استجداء الناس لمساعدته لأن زوجته تركته وليس لديه مال كي يدفع به إيجار المنزل الذي يكتريه كما قال بلسانه بعد أن حلف بكل أسماء الله الحسنى وأسماء بعض أولياء المغرب، أعطاه كل واحد منا قدر ما أستطاع بعد أن تقطعت قلوب النساء الجالسات معي بسبب حكاية الرجل الأليمة وقلت في نفسي عجيبة هذه الدنيا هناك من يتمنى الزواج وهناك من يلعن فيه اليوم الذي تزوج فيه أو بالأحرى بعض النساء اللواتي يكن السبب الرئيسي في تشتيت الأسرة والزواج. أخيرا وصلنا لمدينة -(شباط)- فاس العلمية كما يسمونها في التلفاز، وأنا اعرفها من خلال الجرائد بالإجرام والقتل في واضحة النهار، سينزل الجميع تقريبا وبنفس الطريقة التي ركبوا فيها من الدارالبيضاء ورأيت ذلك الأستاذ الذي كان يعطي الدروس في النظام والآداب وكل ما رأى عندما كان في اليابان لبعض المسافرين داخل القطار يزحف نحو باب القطار بسرعة كبيرة – مثل لص فار بجسده- حاملا حقيبته ودون أن يتذكر سنواته اليابانية !! ودعت جميع من كان معي متمنيا لهم إقامة سعيدة، على أمل اللقاء بهم ذات يوم في نفس المكان وفي نفس القطار إن لم يتم تغييره ولا أظن ذلك.