عمار الخلفي – نبراس الشباب – طاطا: “أهلا خويا غادي معانا لطاطا ياك؟” هكذا بدأ النقاش بين أمين والزبير القاطنين بمدينة أكادير والمتجهين نحو مدينة طاطا للمشاركة في فعاليات قرية الألفية للشباب المنظمة من طرف منتدى الألفية للشباب ما بين 26 و31 يناير 2010. طيلة الرحلة جلس أمين والزبير جنبا إلى جنب، ف “أمين” شاب مولع بفريق الوداد البيضاوي ويحفظ تاريخه بالتفصيل، أما الزبير فعلى نقيضه محب للرجاء البيضاوي، لكن “أمين” استطاع أن يقنع رفيقه أن الوداد فريق الأمة. بعدها سيتغير النقاش التعارفي الأول إلى موضوع الساعة “قرية طاطا”، ليبدأ الزبير في تشويق صديقة “أمين” بمكان الإقامة الذي سينزلون فيه وأن الفندق مصنف 3 نجوم، والخمسة أيام مع الشباب ستكون استثنائية، فالمعلومات التي استقاها الزبير من “كووكل وكووكل ماب” أعطته فكرة أولية على خصوصيات المنطقة قبل النزول فيها. الساعة منتصف الليل من يوم الأربعاء، الحافلة تشق طريقها نحو جنوب المغرب، المنعرجات خطيرة نوعا ما، والطريق خالي إلا من سيارة وحيدة تمر على رأس كل نصف ساعة، وجميع من في الحافلة الخاصة التي أقلت الشباب إلى طاطا يوشوشون ويدردشون فيما بينهم، كل يعرف رفيقه باسم الإطار الجمعوي الذي يمثله في التظاهرة الشبابية، ويشرح أهدافه وأنشطته. تشير الساعة إلى الثانية صباحا من يوم الأربعاء، وقفت الحافلة أمام فندق الرمال الذهبية بطاطا، لتعلن اللجنة المنظمة أن الشباب سيحطون رحالهم بالخيام، والباقي سيتخذ من سطح الفندق حلا استثنائيا حتى الصباح، ماعدا الإناث فقد خصصت لهم اللجنة غرفا امتثالا للمقولة السائدة ” لي فام دابوغ”. هذا المقترح سيدفع ب “أمين” إلى الكشف عن قفاشاته الساخرة ” حتا أنا بنت، غير شوفوا ليا عافاكم شي غرفة، وماما حبيبتي اش داني نهرب عليك توحشتك بزاااف واخا كنغوت عليك بعض لمرات ولكن عزيزة عليا حيت كتغطيني فالليل، أجي تشوفي ولدك فين بغاو يسكنوه بحال إلى مجريا عليا من الدار”، يضحك الجميع، وتبدأ النكت والمستملحات. الساعة الرابعة...الجو بارد جدا، وفي باحة الاستقبال بفندق “بلقيس” سيحط الجزء الباقي من المشاركين الذين لم يجدوا أمكنة للمبيت أمتعتهم للنقاش والتفاوض مع مسؤولي الفندق... المحادثات تستفيض وتطول بين المشاركين وأفراد من اللجنة التنظيمية، مع استغراب الضيوف من هذا الاستقبال الغير وارد في أذهانهم، فكل شخص من المنظمين يتنكر من مسؤولياته بدعوى “رشيد البلغيتي” هو مدير القرية وهو الذي يتحمل مسؤولية هذا الخلل التنظيمي. الإتصالات الهاتفية كانت الحل لحضور مدير القرية إلى الفندق، والتفاوض مع المشاركين، نقاش كاد أن يصل إلى التشابك بالأيدي، لينسحب المدير ويعلن تضامنه مع المشاركين بمبيته في صالة الأكل داخل الفندق. أغلب المشاركين ناموا في باحة الفندق نومة القرفصاء والمحظوظ من الشباب نام على أريكة الاستقبال أو ممددا على الأرض، يخيل لمن اقتحم الفندق للوهلة الأولى أنهم مهاجرون سريون ينتظرون ترحيلهم إلى وجهة ما. مع بداية إشراقة شمس طاطا على الساعة التاسعة صباحا، وفي “بروفة” البداية، رفض المشاركون الحضور إليها وقاطعوها حتى تحل مشكلتهم بمنحهم غرفا للإقامة، مهددين اللجنة التنظيمية بالانسحاب من القرية ومقاطعة جميع أنشطة المنتدى المغربي للألفية الثالثة مستقبلا. رشيد البلغيتي مدير القرية وفي كلمة مقتضبة وسريعة اعتذر للمشاركين على المشكل التنظيمي قائلا ” صديقاتي أصدقائي، مدينة طاطا هي منطقة تفتقر للبنيات التحتية وتعاني التهميش، وصعب علينا أن نوفر لكم جميع الشروط لإنجاح القرية في نسختها الثانية...افهموني طاطا ماشي هي الرباط” يخاطب رشيد المشاركين ويجد البعض صعوبة في الإنصات إليه نظرا لمشكل تقني في أجهزة الصوت. غير أن أحد المشاركين في آخر القاعة سيعلق على كلام “رشيد”، ” هذا هروب للأمام وعذر أقبح من زلة، فما علاقة مكبر الصوت والميكروفون المخرشش وسوء التنظيم بالبنية التحتية اسي رشيد، عيق أصاحبي وقول ليهوم الحقيقة بلا مترمي الباطل على طاطا”. بعد اللقاء الأولي، وأثناء وجبة الغداء سيتفاجئ الجميع من المشاركين والعارضين والضيوف، بابتكار جديد لطريقة توزيع الأكل بعدما طلب المنظمون – دائما – من 300 شخص أن يقوموا بأخذ الوجبة من المائدة الرئيسية، وليختلط الحابل بالنابل، وصفه بعض الظرفاء ب” هايتي” المغرب، والنتيجة حرمان نصف المشاركين من تناول وجبة الغداء، مع امتعاضهم من هذه البداية السيئة، دفعهم للتنبؤ بعدم مرور القرية كما كان متوقع سلفا. في حفل الافتتاح الذي عرف حضور عامل عمالة طاطا وممثلي المنطقة في البرلمان والمنتخبين، ألقى مدير القرية كلمته الترحيبية بالجميع، وأعطيت الكلمات للشركاء والمدعمين، والتي تعامل معها الحضور ببرودة ولم يتفاعلوا معها، وزاد من غرابة الافتتاح كلمة ممثلة البرنامج التشاوري المغربي – فرنسيالإنمائي التي خاطبت الحضور ب ” إنه لا يشرفني أن أقف أمامكم”... لينفجر بعض المشاركين بالضحك، ويبادلوها نفس الشعور. فئة من المشاركين وأثناء استفرادهم برئيس منتدى الألفية عبدالواحد الزيات، وضعوا أمامه المشاكل التي طبعت اليوم الأول من القرية وعابوا عليه سوء التنظيم وعدم احترام مجموعة من اللجنة المنظمة للمشاركين، فلم يجد غير الرد عليهم ب “ها أنا غير قتلوني”.