لكل طريقته الخاصة في شكر غيره، ولكل طريقته الخاصة في الإعتراف بالجميل وعدم التنكر له، والإعتراف في حد ذاته فضيلة مثلى. فمنا من يرد الجميل لصاحبه بأحسن منه، ومنا من لا يدرك ذلك ولم يستطع إليه سبيلاً، فيكتفي برسم ابتسامة صادقة تعبيرا منه عن الإمتنان. الرئيس الأمريكي باراك أوباما عندما تسلم مؤخرا جائزة نوبل للسلام التي تبلغ قيمتها حوالي 1.4 مليون دولار أمريكي، رد الجميل بطريقته الخاصة عندما كشف عن إستراتيجيته الجديدة في أفغانستان والتي تروم إرسال 30 ألف جندي إضافي إلى أرض المعركة قصد حفظ الأمن ومحاربة ما يسمونه بالإرهاب الذي تتزعم “تنظيم القاعدة” كل عملياته هناك. نوبل، هذا العالم الكيميائي لو عرف بأن رئيسا أمريكيا يتسلم اليوم جائزة باسمه وغدا يجهز آلياته الحربية للقصف، لاستفاق من تحت أنقاض قبره واتجه نحو البيت الأبيض لاسترجاع هذه الجائزة إلى مكانها. ولمن لا يعرف نوبل هذا فهو عالم فيزيائي وكيميائي سويدي ولد عام 1833 وتوفي عام 1896، كان وراء اختراع الديناميت سنة 1867 ومن تَم أوصى بكل ثروته التي جناها من الإختراع إلى جائزة تسمى باسمه، هذه الأخيرة تكرم الرجال والنساء الذين حققوا إنجازات باهرة في الفيزياء والكيمياء والطب والآداب والسلام. جائزة السلام منحت للرئيس الأمريكي أوباما الذي لم يكمل بعد عامه الأول في البيت الأبيض، تقديرا لجهوده المتواصلة لإحلال السلام، وخفض مخزون العالم من أسلحة الدمار الشامل، وجهوده لخلق جو جدد في السياسة الدولية وغيرها من الجهود الجمة التي أتحفتنا بها لجنة جائزة نوبل . غير أن العالم بأسره استغرب لذلك، لأن صريح القول أن أوباما لم يحدث أي تغيير ملموس، بقدر ما أغرق الشعوب الإسلامية بحفنة من الوعود في محاولة منه لإيهام الجميع بأن الولاياتالمتحدة قد تغيرت في رمشة عين. هذا الرئيس الديمقراطي اليوم يقلب الطاولة على الجميع، بإعلان هذه الإستراتيجية الجديدة بعدما كان الكل يترقب خيرا، وكأنه يريد أن يقول للعرب والمسلمين ” شمْتْكوووم....للي فجهدكم جريوه ...”. صحيح أنه أعلن في القاهرة وفي عدد من الدول قبل أشهر عن فتح علاقة جديدة بين أمريكا العالم الإسلامي وطي صفحة الماضي وأشد على أن أمريكا بلد التسامح وحقوق الإنسان والديمقراطية، وأنها لا تحارب الإسلام، وغيرها من الصباغات الصهيوأمريكية التي ألفتها الجدران الإسلامية. إدارة أوباما اليوم ترى في إستراتيجيتها مصلحة للأفغانيين قبل الأمريكيين، وتهدف من ورائها إلى وقف زحف قوات طالبان السرطاني، ليتحقق بعدها الاستقرار الأمني بالمنطقة، لكن الأمر ليس بالهين، لأن طالبان بعناصرها الباسلة تدري جيدا أنها ليست في نزهة إستجمامية بتلك الجبال الوعرة جنوب وشرق البلاد، وهي من يقول دائما للعالم بأن أفغانستان ستكون مقبرة لجنود الأمريكان وحلف الناتو...ويبقى أوباما كما يقول المثل ” ولاد عبد الواحد كلهم واحد“. فرجاءا.......لا تلوموني.