لم يكن يعلم شكري رحمه الله، صاحب الخبز الحافي أن هناك خبزا آخر مدهون بالجبن أكثر غرابة وبؤسا من خبزه مع العلم أن لا شيء يجعل الخبز لذيذا كالجبن، خصوصا ساعة الإفطار صباحا، وهناك من يفضله في المساء، أو هكذا قال أحد دكاترة الجبن في القرن الواحد والعشرين وهو يناظر صديقا له أستاذا في علم الخبز، وهو مصر أن الخبز الحافي لن يكون مقنعا بدون جبن، بينما الدكتور الآخر له رأي مغاير يرد على فيلسوف الجبن بأن الخبز الحافي أيضا له لذته في زمن الجبن وجاء ببعض الأدلة على ذلك، منها أن الخبز بدون جبن مقبول جدا ومستساغ بينما الجبن بدون خبز طعمه لا يستساغ وقد يصيب المعدة بذبحة الجبن التي يقال والله أعلم أنها من أخطر أمراض العصر، لكن أجابه الفيلسوف بلغة الواثق من جبنه أن العلم تطور ووصل إلى مستويات لا يستهان بها في مجال معالجة الأمراض الفتاكة. ربما، لكن هذا مرض عضال معدي، إن هناك أفواها يا سيدي تفتح لأجل الخبز وفي عرفنا نقول: فلان يبحث عن خبز أو كسرة منه، وليس طرفا من جبن وإن كان يمتلك مصنعا للجبن فهو قطعا يحتاج إلى الخبز، لأن الخبز في رأيي المتواضع أهم. إن الجياع لن يصمتوا أكثر يا دكتور إذا أحسوا أن خبزهم في خطر وحتى الخبز نفسه لن يسكت وسيتحرك بدون جبن. أنا في رأيي يا دكتور أن كل المصائب والكوارث في العالم اليوم بسبب تفضيل الجبن على الخبز وعدم الاهتمام بالأولويات، فأنتم تتبنون نظرية الجبن ونحن نتبنى نظرية الخبز حتى ولو كان حافيا، ريما لكن جوابك لم يكن شافيا، كان شافيا لكن ربما غير كاف بخلاف جوابك أنت، فرغم كثرة الكلام إلا أنه غير دال، فدلالته غير ملموسة بشكل جلي، لأن الموضوع يحتاج إلى أكثر من وقفة تفكير وأكثر من حبر على ورق. نقطة إلى سطر الكلام، فقد تكتمل المناظرة، لكن بدون مقدمات. تصبحون على حلم.