الفقيد لحسن واسو رحمه الله ورقة أخرى تسقط من سماء الفن القصيبي في جو يسوده الصمت والهدوء, فهو من موالد سنة 1952 م بحي ساريف في مدينة القصيبة إقليمبني ملال المغرب, ووفاته المنية في عمر 60 سنة اثر مرض عضال لم يجدي معه علاج, وأبت الأرض التي أنجبته إلا أن يعود إليها. فكما كان محبوبا فوقها ها هو ذا محبوبا تحتها في 13 نونبر 2012 ووري رحمة الله عليه الثرى, فبكى الإنسان والعيون والطبيعة وفاته من شدة تعلقه بها في حياته. هو إنسان معروف بخصاله الحميدة وبأخلاقه العالية وقيمه النبيلة سواءا داخل أسرته أو في مدينته, فهو إنسان بما تعنيه كلمة إنسان من معنى, ولذلك نقشت ذكرياته في قلب كل قصيبي يؤمن بالكلمة المتزنة والفن البعيد عن البهرجة والغنى, إذ كان يغني للفن ومن اجل الفن غنى للإنسانية غنى للطبيعة من أشجار و عصافير و عيون. الإنسان في وظيفته إذ شغل منصب موظف في قيادة القصيبة ايت ويرة وخارج وظيفته كان الفنان المغني والمسرحي الفكاهي المرح فرحمة الله على الفقيد وادخله الله فسيح جناته.. ولد باب الله والطبيعة لتقريب القارئ الكريم من شخصية هذه الجوهرة التي أنجبتها مدينة الصمود, فرغم أدائه الجيد للفن الهادف, إلا انه عاش في صمت حتى رحل في صمت. وحتى نبقيه وننقشه في ذاكرة القصيبيين بصفة خاصة والمغاربة قاطبة, لجأت في تحقيقي هذا إلى شخصيات قصيبية سواءا كانت من أقرباء الهالك أو جيرانه أو كانت بينهم لقاءات من قريب أو بعيد, و من بين الشهادات التي حصلت عليها شهادة احد اقرب الناس إليه وكان بالنسبة إليه الرفيق والصديق والأخ والابن, انه ابنه عبد الكريم رغم حزنه على فقدان اعز ما عنده في هذه الحياة, فحين قصدناه شاركنا هذه الالتفاتة دون تردد, وكان من بين ما قاله عن أبيه رحمة الله عليه انه كان محبا للخير محبا لبلده ولمدينته, حيث كان يتغنى بطبيعتها بعصافيرها بكل ما يمكنه أن يعطي صورة الجمال للبلد الذي ينتمي إليه, كما كانت عنده نظرة خاصة للحياة, ولا يؤمن بالفوارق الاجتماعية فهو كما قال ابنه ׃״ولد باب الله״, كما كان معروفا عليه إدخال البسمة على قلوب الناس مهما كانت أحوالهم. ويضيف ابنه انه كان محبا للطبيعة مولوعا بها ״ولد الطبيعة״ كما أشار إلى ذلك احد رفاق ابنه. ويسرد ولده أن حبه للطبيعة دفعه إلى التشبث بأبسط الأشياء, حيث استشهد ابنه بقولة الفقيد الشهيرة׃( السعادة في ابسط الأشياء), ومن بين خصاله انه كان نصوحا للقريب والبعيد يقف بجانب المظلوم مهما كان, كما كان جل بيوت القصيبة تناديه ״ببويا״ من شدة تعلقها بهذا النبراس. وهذه الأخلاق الحميدة أثرت في نفسية من يقابلهم حتى قال عنه الزميل الصحفي في قناة الامازيغية والذي كان له شرف اللقاء بهذه الشخصية الفريدة من نوعها قبل وفاتها في برنامج عين على مكان الذي بثته قناة الامازيغية׃״ أن لحسن واسو لم ولن يخرج ذاكرته ما حيي״. وحسب إشارة ابنه فان من بين من حضر مراسيم العزاء زوجة رويشة وابنه, ومولود رفيق محمد رويشة رحمة الله عليه الذي كانت تربطه صداقة ورفقة حميمية بالفقيد لحسن واسو , كما عرف العزاء أيضا حضور طاقم ״عين على مكان״. واتى أيضا عدد من المعجبين وأصدقاء الفقيد. في المخيلة الشعبية لأبناء القصيبة׃ للبحث فيما السبيل الذي دفع أبناء القصيبة إلى حبه والولع به, اتصلنا بفاعل جمعوي شاب من خيرة شباب القصيبة, ويعمل حاليا متصرفا بنيابة الفقيه بن صالح اشنيض جواد الذي أشار في معرض كلامه إلى أن سي “لحسن واسو” ارتبط لسنوات عديدة بالمخيلة الشعبية لأبناء القصيبة, ليس فقط بمستملحاته الخالدة و النابعة من العمق التاريخي للمنطقة بل بطيبوبته التي كانت تعكسها معاملته مع كل فئات المجتمع القصيبي: الأمي و المثقف, الغني و الفقير, الكبير و الصغير. إن هده القدرة الفذة في الانتماء في الوقت ذاته إلى فئات المجتمع كله هي ما كان يميز سي لحسن, و ما جعله شخصية محبوبة لدى الجميع״. فشخصيته إذن كانت يطبعها رحمة الله عليه البساطة. وأضاف قائلا׃״لا أود أن أغالي في مدح شخصية لحسن واسو بقدر ما أرغب في إثارة إشكال بنيوي و عام في ثقافة أبناء القصيبة، ألا و هو غياب الاعتراف أو بمعنى أصح الاحتفاء بشخوصها و حفظ ذاكرتهم كمعالم تسترشد بها كل الأجيال و تصنع لنا شيئا يميزنا و يصنع هويتنا و ذاكرتنا المشتركة؟ لماذا بحثنا عن “جحا وهمي” في الروايات و “لالماننا” غني بطرائف هي جزء منا؟ متى سنثق أن بيننا أشخاصا متميزون؟״. ليعود في ختام كلمته للقول أن “لالمان” سيظل حاضرا في أدهاننا و سيذكرنا دائما بأبناء القصيبة الأصيلين و سيذكره شخصيا بأنه كانت للقصيبة روح لن تموت بموت لالمان, عسو أوقبلي,… و ستحيى بجيل سيغني هذه الخطوة الساذجة التقليدية بنقلة علمية ابستمولوجية ترفعنا إلى مصاف مجتمعات المعرفة التي حتى إدا أرادت المزاح تصنعه بتعبها״. الفنان المسرحي والمسرح الارتجالي׃ في لقاء بأحد الفاعلين الجمعويين بالقصيبة بمقهى اميلشيل ويشغل موظفا جماعيا السيد إدريس كركدة الذي لم يتردد هو الأخر في استرجاع الذكريات التي ربطته بالفقيد برباط وثيق, حيث أن العلاقة التي كانت تربطهما ببعض علاقة الأدب والثقافة والفن بحكم تأسيسهما للنواة الأولى لمسرح الهوا ة بالقصيبة وكان المسرح في تلك الحقبة في إطار الأنشطة الموازية للمسرح المدرسي (المناسبات الوطنية) , والغريب في الأمر حسب قول السيد إدريس أن المسرح مع الفقيه لحسن واسو لم يكن يعتمد النصوص بل كان ارتجاليا ومسليا, وكان لحسن واسو كل شيء في المسرحية وكان النجم الساطع في المسرح والفن والفكاهة بالقصيبة. والإنسان لفرط بساطته وحبه للفن والمسرح لقي تشجيع كلا من مدير دار الشباب الزرقطوني آنذاك السيد محمد بصبري الذي كان مسرحيا حتى النخاع على حد قول كركد إدريس, إضافة إلى أصدقاء الفقيد منهم الزواوي, الأستاذ الحسين دحو صاحب مقال ״وداعا لالمان״ وناشطين وفاعلين جمعويين, والشيء الذي جعلهم يهتمون أكثر بهذا النوع من الأنشطة كان المسرح الارتجالي وذلك لدكاء الفقيد وسرعة بديهته وإبداعه وإتقانه. ومن بين ما يحتفظ به الإنسان في هذه الالتفاتة ذكريات ״ليالي رمضان״ التي جرت أطوارها بحي المصلى وكان سكان القصيبة كل ليلة على موعد مع مسرحيات ״لالمان״ رحمه الله, حيث أبدع مسرحية لم يسبقه إليها احد من أقرانه سماها ״لالمان في الآخرة״ أي لالمان بعد الموت, والصورة التي يشهد بها الجميع أن فن الفقيد لم يكن تكسبي أي لم يكن يرمي به إلى الربح والمجال التجاري, حيث كان فنه فنا من اجل الفن فقط لاشيء آخر, فرحمة الله على الفقيد وادخله الله فسيح جناته انه ولي ذلك والقادر عليه.. وختاما سيبقى الفنان/الإنسان الفقيد لحسن واسو الذي أبت الأقدار الا أن يسافر صمت ويرحل إلى عالمه الذي صور بعض تلويناته في مسرحيته ״لالمان في الآخرة״ في ذاكر و قلب كل قصبوي يعشق الفن النبيل البعيد كل البعد عن لاانسانية الإنسان, وعن البساطة والسمو عن سوق البيع والشراء ليبقى الفن من اجل الفن والفكاهة من اجل الفكاهة لاتشوبها عيوب الإشهار وتملق المارقين وسماسرة الفن والثقافة.