ستفهم كل الشعوب، عدى الشعب العربي فهو عصي على الفهم، وأنا أتجول في مواقع إخبارية فوجئت بعنوان عريض يقول “أردنيون يستغلون الأحداث ويتزوجون من لاجئات سوريات”، قررت تعميق البحث والتأكد من صحة الخبر، فكانت المفاجئة أكبر، فليس الأردنيون وحدهم من يطلبون الزواج، بل تتقاطر الطلبات من شتى دول العالم العربي ، فهل يطيب الزواج في خضم الحروب؟. السوريون يقطعون أشلاء، يذبحون ويغتصبون، يعانون ويتجرعون مرارة الحرب الضروس…، ليأتي أحدهم مطالبا الزواج بإحدى اللاجئات، بل أكثر من ذلك منهم من طلب الزواج بأكثر من واحدة، والأدهى والأمر أن العديد من رجال الدين أضحى شغلهم الشاغل التشجيع على الزواج من اللاجئات السوريات بدعوى سترهن وخصوا خطب الجمعة لهذا الغرض، و وصل بهم الأمر إلى حد اعتبار هذا الزواج واجبا وطنيا. علماؤنا الأجلاء، إنكم مفكرون عظماء، تشجيعكم على الزواج من اللاجئات حل ناجع للقضاء على الأزمة السورية، عوض أن تحثوا دولكم على المساهمة الفعلية في جلاء عدوان الأسد، تطرحون أفكارا غبية، اللاجئات أنفسهن غير راضيات عن الزواج، أو ليس من أهم شروط الزواج الرضي؟. أدرسوا وضعيتهن قبل أن تتلفظوا بأي كلام، فموقعكم جد حساس وكلامكم إما أن يكون سما أو عسلا. ألم تقرؤوا امتعاض القائمين على مجموعة من صفحات فايسبوكية وغضبهم الشديد من طلبات الزواج التي تصل إلى صفحاتهم، ومما يجري في مخيمات اللاجئين، ففي إحدى الصفحات المعنونة باسم “سوريات مع الثورة”، نجد الكثير من العبارات المنددة بما يصدر من طرف العرب، وهذه نماذج من ردود القائمين على الصفحة : “إلى كل العرب اللذين استضافوا حرائرنا أقول: جزاكم الله خيرا عما تفعلون من حسن الضيافة، لكن لمن يستغل وضعنا المأساوي من خلال عرض الزواج من حرائرنا أقول لهم: أنت اللي عم تعمل هيك تصور انو صار ببلدك متل اللي بسوريا وأختك صارت لاجئة بترضى هيك يصير وإزا كنت بترضى هالشي ع اختك نحنا الشعب السوري عرضنا وشرفنا وكرامتنا فوق كلشي…”، و” موضوع الزواج من السوريات الذي يتداوله البعض ما هو إلا أكل للحم السوري تحت غطاء ديني” …, وفي منشور آخر: “أرجو من الجميع عدم إرسال هذه الرسائل لأنو الوقت مو وقت زواج عنا بسوريا في حرب وان ما تسمعونه من اشاعات تحصل في الأردن وتركيا ولبنان من زواج لللاجئات السوريات بالمجان هذا كلام فارغ وعاري عن الصحة كنت أسمع من أناس في الأردن” روح على الرمثا اتزوج 3 سوريات ب 1000 دينار “، حرام عليكم تنشروا هيك كلام والله حرام”. يا من ينسبون أنفسهم للدين، هل قرأتم هاته الكلمات، أم أنكم تتكلمون دائما من فراغ، هن لم يقبلن الفكرة من أساسه، فكيف تقحمون الدين في ذلك؟، لن نسير قدما للأمام ما لم تتغير العقلية العربية، التي حكمت علينا بالتخلف عن الركب الحضاري، والإنتماء للمجتمعات الصفرية …، زواج ؟والله إنها لمهزلة العصر.