المرء لا يختار اِسمه بل ُيفرض عليه من قبل أهله ، لا يختار قدره بل ُيفرض عليه من قبل خالقه، حسب ما جاءت به الميتافيزيقيا وعالم الغيب ، لايختار مستقبله بل يُفرض عليه من قبل وضعه الاِجتماعي والطبقي والمادي. . . لكنّ أن يُقلدَ المرء جدَه أو أباه متبِّعا خطاه وتعليماته ، وتوجهاته وإرشاداته على حذافيرها ، ُمطبقا بذلك كل العادات والتقاليد والعبادات التي ورثها دروسا منزلية عبر تربية تلقاها هو بدوره من أبائه و أجداده ، دون منحه ولو فرصة لعقله للنظر في صحتها أو زيفها ، فإن معنى ذلك هو إقبار مدمر أعمى للعقل الفردي وتغييب وإقصاء للذات الإنسانية من التفكير الحر وعدم تناول الأشياء عن حقائقها بحكمة وتبصر، فما هو دور العقل في ذلك ؟ إذا كان المرء لا ُيخالف تعاليم أبائه و أجداده و لا يراها بعين نقدية ، ولو بالارتكاز على مقولة الإعتماد الذاتي عبر الشك للوصول لليقين ؟ . "فايزة" ُأنثى كجميع الإناث شاء قدََرَها أن تولد في بادية ريفية بالناضور شمال المغرب ، لا ُيتقن سكانها سوى اللغة الأمازيغة المزينة أحيانا بُمفردات من اللغة الإسبانية ، نظرا للقرب الجغرافي من هذا البلد ، وأحيانا بمفردات من الدارج المغربي ، لما فرضته هيمنة سياسة القبيلة العلوية التي تنحدر وفق التاريخ المغربي المزيف من قبيلة الأدارسة ، الراغبة في تعريب المغرب والمغاربة ، ُبغية إبعادهم وتجريدهم من جذورهم وهويتهم الأمازيغية ، فكيف ُيفسر المرء تعلقهم وتشبثهم بالدين والعبادة والإيمان أكثر من تشبث العرب أنفسهم بذلك، رغم أن كل شيء من ذلك مبني ومتمركز على اللغة العربية قرآناً وحديثاً ؟ لهذا فرضت عليهم لوائح خاصة لتسمية مواليدهم بأسماء ُمشتقة من القبائل واللغة العربية ،ومن هذا الباب جاء إسم "فايزة أمو حماد" ، ليس غريبا عن كل مَن ْ هو عارف باللغة العربية أن هذا الإسم يعني فائزة ، والفوز أو الرسوب لا يأتي أحدهما إلا بعد الإمتحان ، فهل كان أبو "فايزة" الذي فرض عليها هذا الاِسم وهي صبية بريئة ، ولدت لتنمو كباقي المخلوقات وتمر في اِمتحان الدنيا والحياة العسيرة كالآخرين، دون أن تُحدد نهاية حياتها بين الفوز أو الرسوب ، لأن ذلك ليس من حقها بل هو من حق القضاء والقدر كما فرضتها العادات والتقاليد ، وأوجبتها العبادات على كل المؤمنين بها، فهل كان أبو "فايزة" يعلم حقا ما ُيخفيه ويحمله هذا الاِسم من أبعاد ومعانٍ حتى فرضه على طفلته بعد اليوم السادس من ولادتها ؟ . أم أن للقدر والقضاء تدخلا غير مباشر في ذلك حيث أن الخالق هو مَنْ يفرض على عباده تلك الأسماء ، ولكل واحد منهم نصيبه في كل شيء؟ هل يعلم مثل هؤلاء من الأرياف أن الإيمان عن جهل يُعد في صميمه ُكفراً، حتى آمن أغلبهم بما ليس لهم به علماً ، متبعين في ذلك لملة لم يرثوها سوى عبر السمع والطاعة والتقليد؟ هل تحظر الحاسة السادسة والحدس و علم الغيب عند كل إنسان لحظة وضعه أمام واجب اِختيار اِسم مولوده ؟ فمن هو الذي تحكم في الخفاء ياترى في مشاعر هذا الرجل الممرض الريفي الأمازيغي ؟ ومَنْ هو الذي دفعه ليمنح مولودته في يومها السابع من الحياة اِسم "فايزة" التي خلقت المعجزة في نشرها كتابا رائعا باللغة الهولندية تحت عنوان : "المُختارة " المتكون من 205 صفحة من الحجم المتوسط ، الصادر عن دار الطباعة والنشر "أرتميس" تحت الإيداع القانوني رقم :9789047201175 ن. س. ب. ن لسنة 2009 . الكتاب قد ُيصنفه البعض أدبيا في مجال السيرة الذاتية ، وقد يصنفه الآخرون في مجال القصة ، لكنها سيرة ذاتية من نوع أخر . . .سيرة ذاتية لاِمرأة لم تبلغ عقدها الثالث من الحياة بعد ، لكنها حكت بكل جرأة وشجاعة كل شيء وفق ما تتمتع به من حرية التعبير في مجتمع هولندي، منح كل شيء من وقته وجهده لتظل الحرية بمثابة تاج على رؤوس الجميع ، لهذا حكت فايزة ما عاشته وعايشته من إذلال ومرارة داخل أسرة مغربية متدينة ومتعصبة متشددة للدين الإسلامي، رغم أن لا أحدَ من هذه الأسرة يستطيع كتابة أو قراءة حرف واحد من حروف اللغة العربية ، لأن الجميع أميون لا يفقهون من اللغة العربية شيئا ، فكيف صاروا بذلك متزمتين للدين الإسلامي المعتمد على اللغة العربية يا تُرى؟ ماذا يعرف هؤلاء عن الفلسفة بعالميها الميتافيزيقي والمادي كي يقتنعوا باِعتناقهم الدين الإسلامي ؟ ماذا يعرف هؤلاء عن الفقه حتى يردد أكبرهم جهلا على أن المرأة في الإسلام لا تغادر بيتها إلا مرتين ، مرة عندما تغادر بيت آبائها في اتجاه بيت زوجها ، ومرة عندما تغادر بيت زوجها نحو المقبرة ، من أية طينة خرج هؤلاء كقواميس للجهل؟ . ألم يكن من المفيد إبعاد هؤلاء من هولندا مع كل مَنْ يتقاسم معهم نفس الأفكار، وترحيلهم للبوادي التي جاؤوا منها وتجريدهم من كل ملذات الحياة ماعدا من الحيوانات و الخيمة في انتظارهم نزول آخر الأنبياء والرسل ، لأنهم لم يعايشوا الإسلام الحقيقي بعد . وفق ما أتبثته تصرفاتهم المسيئة للإنسانية في عالم متقدم أول يضع الإنسانية فوق كل شيء . سيرة فايزة الذاتية قد حركت مشاعر وعاطفة المجتمع الهولندي بعدما استغرب الجميع مما يقع على أرضية هولندا في عالم متحرر ومتقدم ، ولهذا استدعي وزير الاندماج وتحرك الإعلام السمعي والبصري و المقروء منه لمحاورة "فايزة" الضحية من جهة ، وُمساءلة المسؤولين الهولنديين ممن ثبت عليهم تقصيرهم في مواجهة مثل هذه الجرائم ضد الإنسانية ، التي تمارس بإسم الإسلام كدين معيقة بذلك مسألة الإندماج ، والتعايش من جهة ثانية. سيرة ذاتية حركت السياسيين والعارفين في مجال السياسة والمستقبل لمحاولة ضبط الوضع وتصحيح ما يمكن تصحيحه من هذه الواقعة الخطيرة التي باِمكانها أن تمنح الفرصة لليمين المتطرف الرافض للتوسع بل للتواجد الإسلامي بهولندا من أساسه ، لأن ما ورد بهذه السيرة الذاتية من معاناة للمرأة المسجونة ببيت الزوج وعائلته كرقيقة القرون الوسطى والتي تعرضت من قبل زوجها وباقي أفراد عائلته من أب وأم وإخوة وأخوات من الواقفين في صف الأعداء في مواجهة اِمرأة بممارسات لا إنسانية أساسها العبودية والاِحتقار ، وهو ما يمنح الحق لهذا اليمين المتطرف لاِستقطاب أصوات كثيرة للانتقام من مثل هذه الأسر والعائلات المسلمة المستعبدة لاِمرأة ذنبها الوحيد أنها تزوجت طاغي جاهل من بين هؤلاء الطغاة . . .