من بين اضطرابات النوم المتعددة، حاز انقطاع التنفس أثناء النوم بصفة خاصة على اهتمام العلماء ونال حظه من الدراسات العلمية التي تبحث في عوامل خطر الإصابة به، وطبيعته ومضاعفاته وطرق علاجه المختلفة. وتُعد متلازمة انقطاع التنفس أثناء النوم المنتشرة بين الرجال بنسبة الضعف مقارنة بالنساء، أخطر أنواع اضطرابات التنفس أثناء النوم التي ترتبط بعوامل فرط الوزن وتضخم سقف الحلق والتدخين وتقدم العمر وغيرها، وتؤدي بالنتيجة إلى تكرر انسداد مجرى الهواء، وأعراض الشخير المزمن ورداءة النوم أثناء الليل، وزيادة الخمول وفرط النعاس أثناء النهار. وفضلا عن المضاعفات السلوكية والاجتماعية، يتعرض المصاب بالمرض إلى خطر المضاعفات الصحية المباشرة مثل ارتفاع ضغط الدم، والإصابة بمرض السكري وقصور عضلة القلب. وإضافة إلى تلك المضاعفات، أشارت دراسات إلى ارتباط انقطاع التنفس أثناء النوم بالقصور الجنسي لدى الرجال وضعف الرغبة في ممارسة العملية الحميمية، مما قد ينعكس سلبا على المزاج، ويؤدي - بحد ذاته - إلى زيادة الاضطرابات النفسية والمشاكل الزوجية. وفي تطور مهم، ظهرت حديثا نتائج دراسة ألمانية نُشرت في مجلة الطب التناسلي (Journal of Sexual Medicine)، في 29 يونيو/ حزيران الماضي، أكدت العلاقة الوطيدة بين الإصابة بانقطاع التنفس أثناء النوم وضعف القدرة على الانتصاب لدى الرجال. فقد تم خلال هذه الدراسة تسجيل نمط حياة 401 رجلا وفحصهم جميعا في مختبر النوم لتشخيص إصابتهم بمتلازمة انقطاع التنفس أثناء النوم، كما تمت دراسة إجاباتهم على استبيان خاص بتقييم وضعهم الجنسي من خلال 15 سؤالا يبحث في نمط ممارستهم وقدرتهم على أداء العملية الحميمية. وقد وجد الباحثون أن 69 في المئة من الرجال المصابين بانقطاع التنفس أثناء النوم، يعانون فعلا من قصور جنسي أضرّ بعلاقاتهم الحميمية، بغض النظر عن إصابتهم بغير ذلك من عوامل الخطر الأخرى التي تؤثر في القدرة على الجماع، مثل داء السكري، والسمنة، وارتفاع ضغط الدم و أمراض الأوعية الطرفية. وكان من الواضح، أن درجة الانخفاض في نسبة تشبع الدم بالأوكسجين، ارتبطت ارتباطا مباشرا بالقصور الجنسي لدى هؤلاء الرجال، تبعا لشدة انقطاع التنفس أثناء النوم. وقد بينت دراسة سابقة تحسن الأداء الجنسي بشكل كبير لدى 75 % من الرجال المصابين بالشخير وانقطاع التنفس أثناء النوم لدى علاجهم بأجهزة ضغط الهواء الإيجابي المعروفة اختصارا باسم “CPAP”، والتي تقضي على الشخير وتعمل على إبقاء مجرى الهواء العُلْوي مفتوحا، واستقرار وظيفة التنفس وبالتالي الحفاظ على مستوى الأوكسجين في الأعضاء طبيعيا طوال ساعات النوم. ومن الضروري الأخذ بنتائج هذه الدراسة وغيرها من الدراسات التي بحثت في مضاعفات انقطاع التنفس أثناء النوم الذي يُصيب قريبا من 17 في المئة من الرجال متوسطي العمر، ونسبة تصل إلى 33 في المئة من المتقدمين في العمر، والتوعية باضطرابات التنفس أثناء النوم بصفة خاصة، وتشخيصها بدقة في مراكز متخصصة، والعمل على علاجها بالطرق السلوكية، والطبية المعروفة لدى المتخصصين في طب النوم، وذلك للحد من أثرها السلبي على الصحة العضوية والنفسية، والحياة الاجتماعية والزوجية. د.أيمن بدر كريّم إستشاري ورئيس قسم الأمراض الصدرية واضطرابات النوم مدينة الملك عبد العزيز الطبية بجدة