أربعة شهور وثلاثة أيام، هي المدة الزمنية التي قضاها صديقي أحمد مساوي (61 سنة) في مستشفيين بمدينة أوتريخت الهولندية -قسم العناية المركزة ضحية فيروس كورونا.. مدة زمنية بين الأمل والخوف على صديق عزيز عشت معه وبجانب عائلته هذه الفترة العصيبة من بدايتها إلى آخر يوم، حين أُعلنت وفاته، بعد نضال طويل في حياته.. الأمر لا يتعلق بشخص عادي، بل بعلَم من الأعلام المتميزة في الحقل الجمعوي السياسي والثقافي. فهو -كما يعرفه مغاربة هولندا- أحد أبناء المقاومين المغاربة ضد الاستعمار الإسباني البارزين، شاء له القدَر أن يناضل نضالا آخر مع مرض العصر، مرض كورونا، الذي أنهى حياته ومساره المميز، تاركا فراغا كبيرا بيننا، وتاركا أسرة تتكون من رفيقة دربه الأولى في نضاله (زوجته الفاضلة) وولدين شابين في مقتبل عمرهما وابنتين، إحداهما "إيمان"، التي كافحت وناضلت من أجل شفاء والدها وبقائه على قيد الحياة، المنسّقة الرئيسية بين الأسرة والمستشفى، ابنة فوق العادة.. فرضت نفسها في المستشفى، طالبة من كل دكتور وممرّضة ورجل إسعاف بإلحاح أن يضاعفوا جهودهم من أجل إنقاذ والدها من الموت.. هذا الموت الذي أخذ الآلاف من أرواح البشرية بسبب هذا الفيروس الفتّاك، الذي غيّر مجرى حياتنا هذه السنة.