"مصيبة".. إجهاض محاولة لتهريب شحنة من المخدرات تزن 25 طنا و45 كيلوغراما من مخدر الشيرا    الدار البيضاء.. توقيف مواطن فرنسي من أصول جزائرية مبحوث عنه دوليا    تشكيلة منتخب الفتيان ضد جنوب إفريقيا    زيدان: دعم المقاولات موجه للمشاريع التي لا تفوق قيمتها الاستثمارية 50 مليون درهم    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الأخضر    القنيطرة: مفتش شرطة يضطر لاستعمال مسدسه لتوقيف شخص عرض عناصر الشرطة لاعتداء جدي وخطير باستعمال السلاح الأبيض    شيماء: صفعت القائد بدافع "الحكرة".. والدفاع يشيد بحكمة رجل السلطة    بعد تصريحاته ضد الهجمات السيبرانية.. هاكرز يسرّبون معطيات شخصية تنسب للناطق الرسمي باسم الحكومة    الحكومة تصادق على تعيينات جديدة في مناصب عليا    سعر الذهب يبلغ مستويات قياسية مع تراجع الدولار    حقائق بخصوص عمليات استيراد الأبقار والأغنام وتداعياتها السياسية والمالية    أكثر من نصف الأمريكيين ينظرون سلبيا لإسرائيل.. استطلاع جديد يكشف تداعيات حرب غزة    أمانديس تحتفي بأطفال التوحد في يومهم العالمي وتعزز التماسك الاجتماعي    الصحافة والثقافة    تصنيف ميليشيات "البوليساريو" جماعة إرهابية .. خطوة أمريكية تلوح في الأفق    بعد اتهامها بنسف لجنة التقصي حول "دعم المواشي".. الحكومة تؤكد أن اختيار الآليات الرقابية اختصاص البرلمانيين    الأمير مولاي رشيد يزور ضريح المولى إدريس الأزهر بمناسبة حفل ختان الأميرين مولاي أحمد ومولاي عبد السلام    الحكومة: الهجوم السيبيراني فعل إجرامي تقف وراءه جهات معادية أزعجتها الانتصارات الدبلوماسية للمغرب    أمطار قوية تصل إلى 70 ملم مرتقبة بعدد من الأقاليم الجمعة والسبت    بميزانية مليار درهم.. المغرب يطلق برنامجا لدعم البحث العلمي والابتكار    مسؤول إسباني .. التقارب الثقافي وسيلة ممتازة لتعزيز العلاقات المغربية الإسبانية    الدار البيضاء تحتضن الدورة الثانية من المسابقة المغربية لأفضل أصوات الكورال العربي        أسود الفوتسال يكتسحون الصين بثمانية أهداف ويحافظون على الصدارة الإفريقية في تصنيف الفيفا    توقعات أحوال الطقس غدا الجمعة    السلطات الصحية بجنوب إسبانيا تتأهب لمواجهة "بوحمرون" القادم من شمال المغرب    تحليل | لماذا فرض ترامب على المغرب رسوما جمركية أقل من الجزائر؟    طنجة تحتضن الدورة الأولى لمهرجان فيوجن المغرب 2025    باختياره المغرب ضيف شرف، يحتفي مهرجان باريس للكتاب ب "قوة" و"حيوية" المشهد الأدبي والنشر في المملكة (رشيدة داتي)    لإطلاق تراخيص البناء.. الموافقة على تحديد مدارات 56 دوارًا بإقليم الفحص-أنجرة    لقاءات مغربية-ألمانية في برلين حول فرص الاستثمار في المغرب    المغرب والفليبين يحتفلان بنصف قرن من العلاقات الدبلوماسية    دعوات نقابية لإنهاء شراكة مكتب التكوين المهني مع "مايكروسوفت" بسبب دعمها الاحتلال الإسرائيلي    نهضة بركان يتأهل إلى نصف نهائي كأس الكنفدرالية الإفريقية    فليك سعيد برباعية دورتموند ويحذر لاعبيه من التخاذل إيابا    ماكرون: فرنسا قد تعترف بدولة فلسطينية في يونيو    مرشح ترامب لرئاسة وكالة "ناسا" يعطي الأولوية للمريخ        "الهاكا" تلزم "دوزيم" ببث الأذان صوتيًا    مظاهرة حاشدة أمام السفارة الجزائرية في باماكو    شباب قسنطينة: مواجهة بركان صعبة    "العدل الدولية" تنظر اليوم في شكوى السودان ضد الإمارات بتهمة "التواطؤ في إبادة جماعية"        توقيع اتفاقية شراكة بين الجامعة الملكية المغربية للشطرنج والأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة الدرالبيضاء سطات    مصطفى لغتيري يثري أدب الصحراء    المغرب يحفز نقاشات أكاديميين أفارقة وأمريكيين حول "آداب الاغتراب"    ليفربول يتقدم في التفاوض مع صلاح    1000 جندي احتياط في سلاح الجو الإسرائيلي يطالبون بوقف الحرب على غزة    جوني تو: تأثير السينما يلامس المجتمع.. والجنوب يحتاج "توافقا ثقافيا"    سلطات مليلية تحتجز كلب "مسعور" تسلل من بوابة بني انصار    آيت الطالب يقارب "السيادة الصحية"    تقليل الألم وزيادة الفعالية.. تقنية البلورات الدوائية تبشر بعصر جديد للعلاجات طويلة الأمد    دراسة: أدوية الاكتئاب تزيد مخاطر الوفاة بالنوبات القلبية    العيد: بين الألم والأمل دعوة للسلام والتسامح    أجواء روحانية في صلاة العيد بالعيون    طواسينُ الخير    تعرف على كيفية أداء صلاة العيد ووقتها الشرعي حسب الهدي النبوي    الكسوف الجزئي يحجب أشعة الشمس بنسبة تقل عن 18% في المغرب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الريف، كوفيد - 19 و حقوق الإنسان
نشر في ناظور سيتي يوم 12 - 04 - 2020


محمد الحموشي / ميضار في 12 أبريل 2020
أيا كان حجم الخسائر والضحايا التي سيخلفها انتشار فيروس كوفيد-19، فسيمر هذا الوقت العصيب الذي يعيشه الريف وتعيشه كل جهات المغرب وكل شعوب العالم، فالأوبئة قديمة قدم الإنسان فوق الأرض، وتحفل الذاكرة الجماعية بسرد الكثير من قصص الأوبئة التي كانت تحصد أرواح الناس منذ زمن طويل، بسبب الزلازل والحروب والمجاعات، و غياب وسائل النظافة، وتعاقب موجات الجفاف وضحالة منابع المياه وما كان ينتج عنها من انتشار الجراثيم والباكتيريا وكلها عوامل شكلت لقرون أسباب لانتشار الأسقام والأمراض المعدية التي كانت تفتك بأرواح الكثير من الضحايا .
قبل أيام من وصول جائحة كورونا إلى الريف كان الرأي العام يتابع بحسرة وقلق بالغ دخول المعتقلين نبيل أحمجيق، وناصر زفزافي، اللذان قادا الاحتجاجات السلمية في الريف خلال خريف 2016 وشتاء 2017، في إضراب مفتوح عن الطعام يوم 22 فبراير2020 مطالبين بالحصول على الرعاية الصحية والحق في الزيارة، قبل أن يضطر كلاهما إلى إنهاء إضرابهما عن الطعام في 17 مارس، ومع انتشار الجائحة في أغلب المدن المغربية وتضاعف تهديد غزوها للسجون، أطلقت عدد من الوجوه السياسية والحقوقية والاعلامية عريضة تطالب بإطلاق معتقلي حراك الريف والاستجابة لمطالبهم والكف عن أساليب التعنيف الي تمس كرامتهم، انطلاقا من كون الحق في الحياة، هو حق مقدس ويعتبر من الحقوق الأساسية المتضمنة في المواثيق الدولية لحقوق الإنسان وكذا في دستور المغرب.
وبسبب المخاوف من حدوث تفش جماعي لفيروس كورونا المستجد في السجون المغربية المزدحمة، أعلنت وزارة العدل يوم الأحد 05 أبريل 2020، أن الملك محمد السادس قد منح عفواً عن 5654 من السجناء، وتحدث العديد من الصحف صباح اليوم الثاني على أن هذا العفو شمل فقط مجموعة من المجرمين ومنهم بعض المتابعين في إطار قانون الإرهاب، ولم يشمل معتقلي الرأي والمعتقلين السياسيين وضمنهم معتقلو حراك الريف والعديد من الصحافيين والمدونين، الذين من المفروض ألا يزج بهم في السجن أصلا.
وفي بلاغ نشره المجلس الوطني لحقوق الإنسان مساء نفس اليوم رحب بالعفو الصادر في إطار حالة الطوارئ الصحية، وأعرب عن "فائق تقديره للمعايير المعتمدة في هذا العفو الذي شمل الأشخاص المسنين والنساء والقاصرين والأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة والسجناء الأكثر هشاشة" ، وتجاهل بلاغ المجلس عدم توسع المعايير المعتمدة في إعداد لوائح العفو لتشمل تلك التي تضمنها النداء العالمي الذي أطلقته الأمم المتحدة على لسان المفوضية السامية لحقوق الإنسان السيدة ميشيل باشيليت، والذي دعت فيه الحكومات إلى الإفراج عن" كل شخص محتجز بدون أساس قانوني كاف، بما في ذلك السجناء السياسيون، والمحتجزون لمجرد تعبيرهم عن آرائهم المعارضة أو المنتقدة، في أسرع وقت ممكن، وذلك لضمان أن يصبح التباعد الجسدي الضروري ممكنا لمنع تفشي فيروس كورونا المستجد".
وفي نفس السياق من الامعان في التعسف تدخلت السلطات بمدينة الحسيمة لمنع مستشفى محمد الخامس من تسلم تبرعات قدمتها الجمعية المغربية لحقوق الانسان، تشمل الأدوات الطبية وشبه الطبية بدعوة أن تقبل أي مساعدات لا يمكن أن يتم خارج إطار شراكة موقعة، ليتم التراجع عن هذه الخطوة يوما بعد ذلك.
في الوقت الذي نعيش فيه جميعا تحت رحمة الخطر الكبير المحدق بنا، فإنه من حقنا في زمن الحجر الصحي وقانون الطوارئ الصحية عن نوع المغرب الذي نريد أن نعيش فيه، ونحن نرى العالم أمام أعيننا يتهيكل كمنظومة متعددة الأقطاب والتقدم فيه أصبح يعني تحرر أفراد المجتمع من سيطرة المرض والجهل والجوع والقدرة على التعامل مع التكنولوجيات الجديدة الفائقة التطور.
إن جميع المؤشرات تشير إلى أن العالم لن يعود أبدا لما كان عليه قبل زمن كورونا، ومن المحتمل كما يرى المؤرخ يوفال نوح هراري أن تكون "للقرارات التي سوف تُتخذ من قبل الناس والحكومات خلال الأسابيع القادمة أن تؤثر على العالم لسنوات عدة"، وفي هذا السياق وإذ أتمنى أن نتمكن جميعا دولة ومجتمعا من تخطي هذه الأزمة الكبيرة التي حلت ببلادنا جراء انتشار جائحة كورونا بسلام وبأقل الخسائر الممكنة في الأرواح، فإنني أتمنى أن نستغل جميعاً لحظة هذه الأزمة ونستفيد بها عبر مراجعة مجموعة من القناعات والاختيارات واستشراف أشكال جديدة ممكنة للفعل والتأثير، وأخص هنا تحديدا الديناميات الاجتماعية الميدانية الريفية في الداخل والدياسبورا من أجل تجاوز حالة الانغلاق والتقوقع على الذات، و مد الجسور مع جميع مكونات الحركة الأمازيغية والحقوقية والنسائية والديمقراطية التقدمية في باقي الجهات المغربية وخاصة تلك التي أبانت عن تضامن إنساني نبيل مع محنة الريف.
كما أتمنى من الدولة حتى تضمن ديمومة أجواء الثقة المستعادة بعد النجاح في التعامل مع هذه الجائحة، التجاوب مع الحركة الحقوقية المحلية والديمقراطية التي تطالبها بالإفراج عن معتقلي الرأي والمعتقلين السياسيين، وجعل حد لسياسة التوجس من ذاكرة وتاريخ منطقة الريف، والبدء في سن تشريعات وسياسات اجتماعية تضامنية، وتحسين نوعية الخدمات المقدمة للمواطنين في مجال الصحة والتعليم والتشغيل، والنهوض بالتنمية المحلية المستدامة والحد من الفوارق المجالية، وتعزيز قيم النزاهة والشفافية والمساءلة وإعادة الروح إلى المسار الإصلاحي الذي انطلق مع التجربة المغربية للعدالة الانتقالية، وذلك عبر بلورة وتنفيذ منوال تنموي كفيل بالتصدي لجذور الاحتقان وتذليل سوء الفهم الكبير بين الدولة والريف، والذي تعمق بسبب اتهام زعماء أحزاب الأغلبية الحكومية، لنشطاء الريف بالانفصال وخدمة أجندة أجنبية، في مناورة منهم لشرعنة موجة الانتهاكات الواسعة لحقوق الإنسان بالريف التي أعقبت مقتل الشهيد محسن فكري والتي طالت الحق في الحياة والسلامة البدنية والأمن الإنساني للريفيين.
إن الدولة وقد شرعت في الاعداد لنموذج تنموي جديد فإنه من الأهمية بمكان لإنجاح هذا المشروع الاستراتيجي أن تواكبه دينامية نقاش سياسي واجتماعي وحقوقي منفتح ومحتضن لانتظارات الريف أيضا وباقي الجهات التاريخية، وهذا يتطلب إشراك مختلف الديناميات الميدانية بما في ذلك الفعاليات السياسية والنقابية والحقوقية والجمعوية العاملة في أقاليم الريف في بلورة عناصر هذا المشروع من أجل إعطاء مدلول ملموس للمقاربة التشاركية المتبعة في إعداده، وإلى حين تحقيق ذلك نقترح أن يكون مدخلا لهذا المشروع، المصالحة مع الريف بكل حمولاته اللغوية والثقافية والتاريخية، وإرثه الحضاري واحتضانه ضمن عمق الأمة المغربية، وعلى أساس الحماية اللازمة له ومشاركته الفعلية في التنمية السياسية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية، وإعادة النظر في التقسيم الترابي وما يتصل به هيكليا وإجرائيا من إحداث بنية إدارية ترابية جهوية جديدة تغطي أقاليم الحسيمة، الدريوش، الناظور، وقبيلة كزناية، وتعزيزها بالبنيات المرافقة الحكومية المحلية والاجتماعية والتربوية والثقافية، وكذا هياكل المؤسسات الوطنية العاملة في مجال حقوق الإنسان، بغاية إعطاء أفكار المصالحة النبيلة دلالات وأبعاد فعلية وميدانية تمكن أبناء الريف نساء ورجالا، المشهود لهن ولهم بالكفاءة والتجرد والعطاء، من قيادة وإدارة مؤسسات وطنهم الإقليمية والجهوية في إطار القيم النبيلة الأساسية التي تحرر الفرد من المرض والخوف والفاقة وتجعل منه جوهر وغاية التنمية بكل أبعادها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.