على امتداد العقدين الماضيين، ارتقت النساء بشكل سريع في مدراج التميز بتوليهن مناصب رئيسية في القطاعين العمومي والخاص على السواء، وولوجهن إلى مجالات كانت سابقا حكرا على الرجال مثل الطيران. أن تقود المرأة طائرة تجارية يعد تحديا كبيرا، أما قيادتها لطائرة عسكرية فهو تحد أكبر. لكن عهد اقتصار عمل النساء على المجالات الإدارية والتمريضية والاجتماعية قد ولى منذ زمن، إذ صار الحضور النسائي بارزا في كافة المهن مهما بلغت درجة صعوبتها مثل الجيش والشرطة وإدارة المقاولات. فقد أثبتت النساء تميزهن في مجال يتطلب الكثير من الانضباط والصرامة والعمل الجماعي كالمجال العسكري، مساهمات بمثابرة وتفان في تعزيز صورة المرأة داخل مصالح القوات المسلحة الملكية التي تحتفي على غرار باقي المؤسسات الوطنية باليوم العالمي للمرأة من خلال تكريمها للنساء العسكريات. بممارستها لمهنة تنطوي على مسؤولية كبيرة وتتطلب يقظة وفاعلية وسرعة في اتخاذ القرارات في الحالات الطارئة، تبدو الكوموندون حنان الزروالي، قائدة طائرة النقل العسكري التابعة للقوات الملكية الجوية المغربية، الشخص المناسب في المكان المناسب. كونها زوجة وأما لطفلين، تعطي السيدة الزروالي مثالا للمرأة المغربية المكافحة، وتؤكد بوجه بشوش وابتسامة لطيفة لوكالة المغرب العربي للأنباء أن المرأة الطيارة، شأنها شأن الطبيبة والمدرسة وباقي المجالات، تستطيع الوفاء بواجباتها المنزلية إلى جانب تحقيق التفوق على المستوى المهني. وعبرت خريجة المدرسة الملكية الجوية في 2006 والتي أصبحت قائدة لطائرة سي-130 ومدربة طيران بفخر عن كونها الطيارة الأولى بالقوات الملكية الجوية وأول امرأة قائدة لطائرة النقل العسكري سي-130. تقول الضابطة الشابة إن على قائد الطائرة أن يتحلى بقدرة كبيرة على التعامل مع المواقف الصعبة، مشيرة إلى أن الانضباط والمحافظة على هدوء الأعصاب والتفكير المنطقي والاستجابة السريعة صفات لا غنى عنها في عمل الطيارين. بجد وتفان تتولى حنان مهمة جديدة في مسارها المهني المتألق تتمثل في التدريب على الطيران حيث تقوم بالإشراف على مجموعة من الطيارين. تقول "بعد مسيرة مفعمة بالذكريات والعمليات الميدانية، أخوض الآن تجربة التدريب التي ستتيح لي المساهمة في تكوين الطيارين الجدد"، معتبرة أن تجربة كهذه ستمكنها من تقاسم مهاراتها وخبرتها في مجال الطيران مع المتدربين الجدد، وترسيخ الحضور النسوي في ميدان كان يوما ذكوريا بامتياز، وتأكيد الدور الفعال للنساء داخل القوات الملكية الجوية. وتضيف أنه لا يوجد في عملها تمييز بين الجنسين، مشيرة إلى أن صفات مثل الكفاءة والالتزام والجدية وحب المهنة هي معيار التميز، ومعربة عن أملها في رؤية المزيد من النساء يشتغلن في مجال الطيران العسكري. وتتابع بثقة "في البداية شعرت بشيء من الغرابة لكوني المرأة الوحيدة ضمن زملائي الطيارين، لكنني كنت دائما أحظى بدعم ومساندة من رؤسائي في العمل، بعدها ازداد عدد النساء في هذا الميدان"، واصفة أجواء العمل مع زملائها الطيارين بالرائعة. أما بالنسبة لمسارها الدراسي، تقول حنان إنها حصلت على بكالوريا في العلوم الرياضية قبل التوجه نحو الأقسام التحضيرية ثم الحصول على تكوين لمدة ثلاث سنوات في مدرسة وطنية للمهندسين، لتتوج مسارها بسنتين تخصصيتين بالمدرسة الملكية الجوية بمراكش. هكذا يعتبر المسار المشرف لحنان الزروالي قصة نجاح نسوية مميزة ومصدر إلهام للأجيال الصاعدة ووجها من أوجه إسهام المرأة المغربية في خدمة المصلحة العليا للوطن.