شهد قطاع الصناعة التقليدية بالجهة الشرقية في السنوات الأخيرة تطورا ملحوظا على العديد من الأصعدة، وذلك بفضل البنيات التحتية المتاحة والمبادرات التي يجري إطلاقها من أجل تحسين أداء هذا القطاع بما يجعله رافعة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة. وتتوفر الجهة على إمكانيات هامة في قطاع الصناعة التقليدية وعلى مهارات لافتة وتملك لتقنيات الإنتاج في عدد من المهن، من قبيل تلك المرتبطة بالخشب والحديد والنحاس ونسج الزرابي والبلوزة، اللباس التقليدي لهذه الجهة. ومع توالي السنين، أبان الصناع التقليديون بهذه الربوع عن براعتهم في إنتاج وعرض أعمالهم المبتكرة، وهي مهارات متوارثة راكمها هؤلاء الصناع، مع لجوء متزايد – في الوقت الراهن – إلى التكنولوجيات الجديدة في التصميم والتسويق. ويعكس عدد الصناع التقليديين بجهة الشرق أهمية هذا القطاع ومكانته ضمن النسيج الاقتصادي، ويقدر بحوالي 77 ألف صانع، وفق معطيات للمديرية الجهوية للصناعة التقليدية، ولا ينفك هذا العدد يسجل تزايدا واضحا، مع حضور ملحوظ للنساء الصانعات. ويجدر التذكير، في هذا السياق، بأن 298 تعاونية (تضم ما مجموعه 2428 متعاونة ومتعاون) تنشط بالجهة، موزعة على عمالة وجدة أنجاد (82 تعاونية) والناظور (67) وفجيج (44) وتاوريرت (32) وجرادة (26) وبركان (25) والدريوش (14) وجرسيف (8). وتوفر هذه التعاونيات منتوجات موجهة إلى السوق الوطنية والدولية، بينما بلغ عدد الجمعيات الفاعلة في القطاع 157 بما مجموعه 5633 منخرطة ومنخرط في متم العام 2018، وهي السنة التي سجلت فيها صادرات منتوجات الصناعة التقليدية عبر ميناء الناظور 42،20 مليون درهم، مقابل 13،34 مليون درهم في العام 2015، ما يعد تطورا كبيرا في هذا الصدد. ووفق مسؤولي القطاع، فقد عرفت الجهة الشرقية منذ العام 2010 تسارعا لافتا في وتيرة إنجاز البنيات التحتية الموجهة للنهوض بالصناعة التقليدية وبالصناع وبتكوين المتعلمين في الوسط الحضري، وذلك في عمالة وجدة أنجاد كما في غيرها من أقاليم الجهة. وتشمل هذه البنيات، من ضمن أخرى، دور الصانع وقرى الصناعة التقليدية والمركبات المندمجة للصناعة التقليدية، علاوة على خمسة مراكز للتأهيل المهني في فنون الصناعة التقليدية التي استقبلت خلال العام 2018 – 2019 ما مجموعه 335 من الشباب (232 فتاة)، فيما بلغ عدد المتخرجين في 2017 – 2018 ما مجموعه 106 من ضمنهم 90 فتاة. ويستفيد الصناع التقليديون بالجهة من صيغ أخرى للتكوين، من قبيل التكوين المستمر عبر الوحدات المتنقلة التي استفاد من خدماتها في العام 2018 ما مجموعه 280 صانع من إقليمي تاوريرت وفجيج، وبرنامج محو الأمية الوظيفية الذي وصل عدد المستفيدين من مبادراته في 2016 – 2017 ألف و200 شخص، ولم يكن الوسط القروي بمنأى عن هذه الدينامية، إذ جرى بناء وتجهيز تسعة مراكز على الأقل موجهة للصانعات التقليديات. وتسعى هذه المنجزات والمبادرات العديدة الجارية، أو تلك المبرمجة، من طرف الوزارة المعنية وشركاء آخرين وفاعلين بجهة الشرق، إلى تحفيز الحس الإبداعي وتشجيع الابتكار لدى الصناع التقليديين وتمكينهم من الوسائل والآليات اللازمة من أجل النهوض بالقطاع بوصفه رافعة للتنمية، كما تتوخى الإسهام في إرساء أسس متينة للاقتصاد الاجتماعي والتضامني. وتعد معارض الصناعة التقليدية المنظمة على صعيد الجهة واجهة حقيقية لاكتشاف التقدم الذي أحرزه هذا القطاع في ما يتصل بالابتكار والتنظيم والتسويق وتحسين ظروف عيش الصناع التقليديين. وبحسب المدير الجهوي للصناعة التقليدية خالد دليمي فإن هذا النوع من التظاهرات يسعى إلى تثمين منتوجات الصناعة التقليدية ودعم الصناع وتحسين مؤهلاتهم ومداخيلهم وإشراكهم في المبادرات التنموية المحلية وفي الدورة الاقتصادية للجهة. ووفق رئيس غرفة الصناعة التقليدية لجهة الشرق إدريس بوجوالة، فإن الغرفة تعتزم خلال العام الجاري تنظيم 15 معرضا في مختلف أقاليم الجهة، وذلك بغية تعزيز إسهام هذا القطاع في التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتمكينه من الاضطلاع بدور الرافعة للتنمية المستدامة.