يبدو أن أحداث وأطوار المسلسل الأمازيغي النيكرو من ذلك النوع الذي يتجه نحو الكشف عن الفاعل الحقيقي أو الفاعلين الحقيقيين الذين يوجدون وراء مشهد أسود وقاتم يساهمون في رسم معالمه السلبية وتشكيل فصول أحداثه السيئة. وربما جاز لنا أن نصف ذلك بالعبارة الشهيرة التي نتداولها عادة بيننا: الشجرة التي تخفي الغابة. فالموضوع الأساسي الذي تعالجه هذه الأحداث يتمثل في محاولة القضاء على العدو الرئيسي للصيادين في أعماق البحر وهو سمك النيكرو. هذا السمك الخطير الذي يقوم بابتلاع كل ما يجمعه الصيادون داخل شبكاتهم لمدة طويلة، فيأتي هو لكي يقوم بنسف كل هذه المجهودات في لحظة واحدة وفي لمح البصر وذلك بواسطة عملية سريعة ومريعة تتمثل في قطع الشبكة بواسطة أسنانه الحادة وهو ما يؤدي إلى تلاشي خيوط الشبكة وتشتتها وبالتالي هروب كل ما يوجد بداخلها من الأسماك لتقع فريسة سهلة وتصبح لقمة سائغة في فم هذا السمك المرعب والمخيف. لكن الأخطر من هذه الواقعة المخيفة هو ما سيكتشفه الصيادون بعد ذلك من كون هذا الحوت بالوحش أو السمك العملاق ليس إلا تلك الشجرة التي تخفي الغابة أو إن صحت العبارة هو الأفعوان برؤوس متعددة بحيث كلماقطعت رأسا منه إلا ظهرمنه رأس آخر. فالعدو الحقيقي الذي كان يجعل من النيكرو قناعا يختفي وراءه من أجل إيهام الصيادين وتضليلهم ليس في حقيقة الأمر إلا أولائك الأباطرة المتاجرين في المخدرات حيث لم يكتفوا بهذه التجارة الخسيسة فقط بل سولت لهم أنفسهم الجشعة ونواياهم الخبيثة وطباعهم الشريرة الطمع حتى في أرزاق المساكين والفقراء من الصيادين والاستلاء على هذه الأرزاق التي قدرها الله لهم في أعماق البحر. لكن القصة لا تقف عند هذا الحد بل سيكتشف هؤلاء الصيادون المساكين الطيبون أن رأس الأفعى الحقيقية أو الغابة التي تخفيها الشجرة لا تكمن في هؤلاء المتاجرين المجرمين من أصحاب المخدرات بل إن هذه الرأس الخبيثة والمسمومة تكمن في امرأة خبيثة وشريرة هي التي تقف وراء كل عمليات تجارة المخدرات وتهريب البشر إلى أروبا أضف إلى ذلك أيضا احتكار الثروة السمكية بالاستلاء على مخزونها من الأسماك الذي لا يقدر بثمن حتى يصبح تجار المخدرات الذين تسيرهم هذه المرأة عن بعد هم من يتحكم في سوق البيع والشراء وهو ما يعني في الأخير احتكار البحر بكل خيراته وثرواته بعد أن احتكروا البر والجو وسيطروا على البشر والشجر والحجر والله المستعان ولا حول ولا قوة إلا بالله. وهكذا يكتشف المشاهد لأحداث المسلسل أن هذه اللعبة الخبيثة سمك النيكرو ما هي إلا مصيدة أخرة من أجل التضليل والإيهام وإبعاد الأنظار عن الفاعل الحقيقي أو المجرم الحقيقي وذلك ضمن شبكة حقيرة وقذرة من الأنانية والأطماع والجشع والجريمة المنظمة والتسلط على الخيرات واحتكارها.