قبل أن نتطرق إلى سرد وصف "موليراس"، لمهني الصيد والملاحة والقرصنة، بسواحل أفقاليم الناظور و الدريوش و خاصة بايث سعيد، وكيف كانوا يستعملون قواربهم لهذه الأعمال مجتمعة، لابد لنا أولا أن نشير إلى بعض الأمور؛ أن "موليراس" قد اعتمد في تأليف"المغرب المجهول: إكتشاف الريف" على مخبره محمد بن الطيب الملقب بالدرويش، وهو من أمازيغ الجزائر وبالضبط من منطقة القبائل. كما نشير أيضا إلى الدور الذي لعبه في تدوين أبرز الأحداث التي عرفها الريف أواخر القرن الثامن عشر، حينما كان يجول "الدرويش"بلاد الريف، حافي القدمين، لمدة ناهزت العشرين عاما. وبفضل معرفة "الدرويش" الجيدة للعربية والأمازيغية، وجرأته النادرة، نجح في تحدي قمم جبال الريف الشاهقة، سالكا الحقول والسهول تارة ومتخذا من الوديان طريقا ومرشدا له تارة أخرى، كواحد من أبناء الريف. وقد عبر مساحات واسعة من مناطق الريف، وهو في سن السابعة عشر من عمره، في مرحلة حرجة من تاريخ المغرب. ونترككم مع الوصف الذي خصه موليراس لوصف مهني الصيد والملاحة والقرصنة، بايث سعيد، وكيف كانوا يستعملون قواربهم لهذه الأعمال مجتمعة: "… تخيلوا معي صيادا واقفا أماكم. ألا يبدو لكم مسالما، منهمكا في عمله، هادئا عندما يلقي شبكته وسط أسراب السمك؟ في الواقع، علينا أن لا نغتر بالمظهر. فعيناه الحادتان أبصرتا مركبا شراعيا في الأفق. وعلى الفور سيخبر رفاقه بواسطة الصفير، وسينضمون إليه بسرعة بواسطة قواربهم. وفجأة سيصبح الصياد المسالم، قائد أسطول صغير escarde، لأنه أول من رأى الغنيمة غير المنتظرة. وإذا كان المركب المشار إليه كبير الحجم، فإن القراصنة لن يجنوا شيئا من المجهود الذي بذلوه في التجذيف. أما إذا كان الأمر يتعلق بسفينة أوروبية صغيرة أو بقارب من قوارب ريفي الشاطئ أو بزورق تائه وسط المياه، فإن أصحابنا لن يترددوا في مطاردته. وويل للنصارى إن هم سقطوا في قبضتهم، إذ يتم ذبحهم ببرودة دم، وأحيانا ما يساهم إعلان الشهادة، في إنقاذ حياة الأوروبيين الذين تم أسرهم من طرف هؤلاء المتوحشين. أما الملاحة الساحلية فتتمثل في نقل المسافرين إلى تيطاون (تطوان) وطنجة ومليلية".