للأمكنة حرماتها لدى كل الشعوب والأعراق وفي سائر الثقافات على مدى التاريخ، أي أنّ الحالة التي ينبغي أن تسود في أرجائها ومحيطها، خلافا عن جميع الحالات السائدة في باقي الأمكنة الأخرى، بما تتميّز به من مكانة خاصة ومنزلة رفيعة لدى عامة الناس، كنموذج "بيت الله" الذي تدخل رمزيته في هذا النطاق، لكن بالرجوع إلى معاينة الحالة السائدة بمحيط المسجد المشتهر بتسمية "الحاج المصطفى" الكائن وسط مدينة الناظور، نقف على حقيقة إنتهاكٍ صارخٍ لحرمة المساجد المتحدث بشأنها. فالمسجد الآنف الذكر، ورغم كونه يُرابط منذ عقود زمنية بحالها ك"معلمة تاريخية ودينية" في مركز وسط المدينة، مما يعرف إقبالا منقطع النظير لأفواج المصلين المرتادين عليه بنسبة كبيرة قياسا بباقي مساجد الإقليم، فضلا عن اِعتباره مرفقا دينيا يحتضن المناسبات الرسمية الكبرى، فإن المسجد برغم كل هذه الاعتبارات التي لم تشفع له، يعيش وضعا أقل ما يمكن القول عنه أنه كارثي ومزري للغاية، مما باتت حالته تكتسي طابع الاستعجالية بحيث لا يحتمل أيّ تماطل في مباشرة إصلاح ما يمكن إصلاحه على مستواه! فبالإضافة إلى مشكل الفراشة الذين يحيطون بأبواب واجهته الأمامية، والذي أصبح فرضا مستعصي الحلّ، إنضاف إلى قائمة مشاكل المسجد المذكور مشكل آخر ليس أقل سوءًا من سابقه، يتمثل في أكوام الأزبال وعرمرم القمامة المتراكمة بمحيطه الخلفي، إلى درجة تحوّل معها المكان إلى مطرح ومكبٍّ للنفايات الصلبة بشتى أنواعها. هذا، ناهيك عن اعتبار المحيط الخلفي لمسجد "الحاج المصطفى"، ملاذا آمنا بالنسبة للمنحرفين والسكارى والمتسكعين الذين يتخذونه مرتعا لإتيان سلوكياتهم المنحرفة بمختلف أشكالها، ومرحاضا لقضاء حاجاتهم البيولوجية، ولا عجب أن المكان تحول وفق ما أكدته مصادر موثوقة، إلى ماخورٍ في الهواء الطلق تلجأ إليه المومسات المرابطات قبالة سوق المركب التجاري، ليلاً لقضاء وَطَر زبائنهن الباحثين عن متعة مرضية عابرة! وهو الأمر الذي يستدعي تدخلا آنيا للسطات المختصة والمصالح المعنية من أجل إستعادة حرمة فقدها أقدم وأشهر مسجد بالناظور.