نشر موقع "ناظور سيتي" قبل أيام مقالا عن طريق الخطأ نسب إلي، وهو –أي المقال المنشور عن طريق الخطأ- كله تهجم على الدين الإسلامي الحنيف ورسولنا الكريم. المقال المنشور عن طريق الخطأ حذفه القائمون على الموقع بسرعة، بعد أن اتضح لهم أن المقال نشر عن طريق الخطأ ونسب إلي، ولم يستمر إلا لدقائق معدودة، لكن ما يثير الإستغراب في المقال المذكور هو التقاطه بسرعة من طرف بعض المتشبعين بنظرية المؤامرة والتآمر، والذين بدأوا في توجيه التهم المجانية إلينا هنا وهناك –وأخص بالذكر هنا "سعيد أدرغال" الذي تهجم علي على خلفية مقال لا وجود له أصلا، بل والأكثر من هذا حاول تقديمي للقراء على أنني عميل لعدو متربص بأرض الوطن، وأنني أعيش في أوروبا... وغيرها من المهاترات الشعبوية. رغم كوني أعيش تحت شمس هذا الريف الشامخ.- المثير أيضا في المقال المنسوب إلي، هو الجهات التي تحاول دائما الرقص على الأوتار الحساسة للإنسان الريفي وهي الشؤون الدينية، حيث تقوم هذه الجهات بالإستغلال الشعبوي الضيق للقيم الكونية المشتركة التي تستوعبها ثقافتنا الأمازيغية الريفية بهدف تقويض وكهربة العلاقة القائمة حاليا بيننا كإيمازيغن وبين ديننا الإسلامي وبالتالي محاولة تغليط الرأي العام بكوننا كفارا وملحدين وما شابه ذلك، ولا أستبعد أن تكون هذه الجهات هي التي حاولت التحايل على موقع "ناظور سيتي" لنشر مقال موقع بإسمي يتهجم على الدين الإسلامي، كما أتسائل عن علاقة "سعيد أدرغال" بهذه الجهات بالنظر إلى التقاطه المقال بتلك السرعة التي عبر عنها، وتهجمه علي بعد حذف المقال من موقع "ناظور سيتي"؟؟؟ هذه الواقعة، تعيد طرح السؤال القديم/ الجديد وهو علاقتنا نحن الريفيين الأمازيغيين بالدين الإسلامي، التي تحاول جهات معروفة كهربتها وتقويضها بالنظر إلى دفاعنا عن القيم الكونية المشتركة، وإلى تبنينا للفكر العلماني في القضايا السياسية، وبالتالي رفضنا المطلق لعروبة الإسلام وأسلمة العروبة، ورفضنا لعروبة الإسلام نابع من دفاعنا وغيرتنا على الدين الإسلامي وثقافتنا الأمازيغية، كيف؟ الخطاب العروبي القومجي الذي يهدف إلى إذابة ثقافتنا الأمازيغية بقيمها الكونية يستغل الدين الإسلامي أبشع استغلال لتحقيق ذات الهدف، ولعل مقولة "العروبة والإسلام" التي يتحفنا بها الخطاب العروبي بشكل مستمر تختزل هذا الإستغلال الضيق للإسلام في أقوى مضامينه، وهو تقديم كلمة "العروبة" على "الإسلام" أي أن العروبة بالنسبة لهؤلاء توجد في منزلة ومرتبة أعلى من الإسلام، وهو ما يعني أن هؤلاء العروبيون لا يهمهم الإسلام كدين إنساني كوني مشترك، ورسالة الإسلام الموجهة إلى كافة البشرية، بل كإيديولوجيا عروبية عنصرية مقيتة ترمي إلى صهر ثقافات الغير عن طريق الإستغلال الضيق للدين.... ورفضنا نحن الأمازيغيين لهذا الإستغلال هو دفاع عن الدين الإسلامي وقيمه، فأين أنتم أيها الغيورون على الدين الإسلامي من هذا الإستغلال الضيق للدين؟ إن مشكلتنا أيها القراء ليست مع الدين الإسلامي كدين متسامح مستوعب للقيم الكونية المشتركة، بل مشكلتنا مع الذين يختبئون وراء هذا الدين لتمرير خطاباتهم العنصرية المقيتة ولتحقيق أهداف سياسوية ضيقة لا تخدم لا الإسلام ولا المسلمين، وهذا هو الفرق الجوهري بين إسلامنا نحن الأمازيغيين وإسلام العروبيين. نحن نحترمه وهم يستغلونه! –سأعود لهذا الموضوع لاحقا لتوضيح العديد من مظاهر هذا الإستغلال-. يوجه العديد من هؤلاء العروبيين انتقادات لنا كإمازيغن نظرا لتبنينا الفكر العلماني في القضايا السياسية، إنتقاد ينطلق من خلط الأوراق بين الدين والفكر السياسي، وبالتالي اعتبارهم –أي العروبيون- أن تبني الفكر العلماني هو شرك بالله، رغم أن الفكر العلماني لا يختلف كثيرا عن الفكر الإسلامي، كيف؟ الإسلام دين التسامح، دين التعايش، يحترم جميع الثقافات والأديان السماوية، يضمن حرية الإعتقاد، لا يخلط بين الأمور الدينية والأمور السياسية...الخ، وكذلك الفكر العلماني، يضمن حرية الإعتقاد، يحترم جميع الأديان، ينتقد خلط الأمور الدينية بالأمور السياسية، ويدعو إلى فصل الدين عن الدولة على اعتبار أن الدين ليست له أي دولة، وكل دولة يمكن أن تتعايش فيها جميع الأديان وجميع الثقافات، وكل دين –والإسلام أيضا- موجه إلى كافة البشرية وليس إلى فئة معينة ، أو لجنس واحد دون الأجناس الأخرى، ولعل قوله تعالى في القرآن خير دليل على ذلك "وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَاخْتِلاَفُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآَيَاتٍ لِّلْعَالَمِينَ". ولعل الحكم الراشدي الذي أتى مباشرة بعد الرسول الكريم كان مبنيا على هذا المنطق، أي منطق احترام حرية الإعتقاد والتدين، ولو دققنا الفكر في معنى الرشد الذي أطلق على العهد الراشدي (632-661م) لوجدنا أن الرشد كان يعني الحرية دون إكراه، أي عدم إكراه الناس على الإيمان، وعدم فرض الإيديولوجيا الإسلامية فرضا على الناس، أي لا إكراه في الدين، ولا في السياسة أيضا، والدين في الحضارة العربية هي سياسة، والسياسة هي الدين! فالإسلام ليس دين أولا ثم دولة ثانيا، ولكنه دين سياسي أولا وأخيرا في قاموس الخطاب العروبي العنصري. والإسلام دين أولا وأخيرا وليس في حد ذاته دولة، والدليل على ذلك أن أول عمل قام به الرسول بعد هجرته إلى المدينة هي إقامة الدولة قبل نشر الدين، حيث أقام "دولة المدينة" قبل أن يبدأ بنشر الدين فيها، وأشرك في هذه الدولة المسلمين والكفار واليهود، محققا بذلك –أي الرسول الكريم- أول دولة "علمانية" في التاريخ الإسلامي، وهي "الدولة اللادينية" المتكونة من مسلمين، وكفار، ويهود، فكانت بذلك أول دولة في الإسلام هي "دولة سياسية" وليست "دولة دينية". [email protected]