أنهت المجموعة الموسيقية رانبي فلافور إنتاج شريط غنائي مصور يعيد إحدى الأغاني الأمازيغية المشهورة إلى الحياة في قالب شبابي جديد. هي التجربة الأولى لهذه الفرقة الشبابية للغناء بالأمازيغية، لكنها لن تكون الأخيرة، يؤكد رشيد البارودي مغني الفرقة. الحكاية "كبرت مع أغنية "يوشيشم بابام" (أعطاك أبوك) والتي كانت أيضا تبهر والدي. كنت في أستوديو التسجيل، وحينما غنيت مقطعا منها وجدتها رائعة". هكذا يقول رشيد البارودي عن بداية تنفيذ فكرة أغنية أمازيغية أصبحت من التراث. وعن هذه الفكرة تولدت أخرى أي تحويل الأغنية إلى شريط مصور تحكي حكاية. يروي الشريط الذي أعد بشكل احترافي جيد، قصة فتاة يافعة مقبلة على الحياة. وإذا بوالدها يقرر تزويجها لرجل أكبر منها سنا. قرار الوالد لا رجعة فيه، إلا أن الفتاة انتفضت وقررت مغادرة البيت. يبدأ الشريط بمشهد يصور مساومة والد الزوج لوالد البنت وهما في السيارة، وكيف استسلم الأخير بعد مقاومة بسيطة، واقتنع بإعطاء ابنته الوحيدة لزوج لا يعرفه هو ولا تعرفه هي. ثم تنتقل الكاميرا للبنت وهي عائدة لبيت والدها مع أخيها الصغير وعلامات المرح والبراءة بادية على محياها. تدخل البيت لتفاجأ بوجود غريبين يرمقانها بنظرات تخترق جسدها كالسهم. في غرفتها يفاجئها أبوها بمقصد ضيوفه. تعارض بشدة، لكن أباها كالصخر لا يتغير. عاد ليطمئن ضيوفه أن كل شيء على ما يرام، قبل أن يكتشف أن ابنته الوحيدة غادرت البيت نحو المجهول. هي قصة نمطية، قد يقول البعض، لكنها قصة تتكرر داخل عدد من الأسر المهاجرة. فكثيرا ما وجد الأبناء، ذكورا وإناثا، أنفسهم في مواجهة قرار اتخذه الآباء دون مشورة أو سماع رأي. من الأبناء من يستسلم ومنهم من ينتفض. والنتيجة جروح تستعصي على الاندمال. المجموعة تتكون المجموعة الموسيقية من أربعة شباب هولنديين، غير أن أصولهم تتوزع بين ثلاث قارات. مغني الفرقة (رشيد البارودي) من أصل مغربي (بني شيكار – الناظور)، جين م.س إيطالي – هولندي، دو .د إندونيسي – هولندي وباكو من أصل باكستاني. هذا التنوع العرقي هو بوابة الفرقة نحو تنوعها الموسيقي، مما جعلها في بحث دائب عن الاختلاف وخاصة "التميز" داخل الأنماط الموسيقية الشبابية مثل البوب والرقص والهيب هوب والآر إن بي. تكونت الفرقة في صيف 2009 ، وكان البحث عن الجديد هو القاسم المشترك بين أعضائها. قبل ذلك كان رشيد مغنيا ضمن فرقة أخرى تسمى Da-Mezz والتي كانت تؤدي أغانيها بالإنجليزية والإسبانية. سألت إذاعة هولندا العالمية إن كان والدا رشيد فخورين بما يقوم به، فقال إنه في السابق كان:"يخجل" من إطلاع والديه على مشاريعه الفنية، أما مع هذه الأغنية فالأمر يختلف؛ "لأن القصة قريبة" منهما. على خطى موسيقى الراي تؤدي الفرقة أغنياتها أساسا باللغة الهولندية، وهذه هي التجربة الأولى لها في إنتاج أغنية تمزج بين اللغتين الأمازيغية واللغة الهولندية. إلا أن رشيد البارودي يؤكد أنها لن تكون التجربة الوحيدة، وستتلوها أخرى. أغنية "أعطاك أبوك" غناها في الثمانينات الفنان الأمازيغي ميمون رحموني من فرقة "إثران" (النجوم)، وشكلت حين ظهورها حدثا فنيا خاصة وسط الشباب، وما تزال إلى اليوم تحظى بإعجاب واسع. يقول الفنان الأمازيغي مصطفى أينض الذي مثل دور الأب في الشريط، إن هذه التجربة الأولى ستكون بداية لعمل مشترك مع الفنان الشاب رشيد البارودي، لمزج الفن الموسيقي الأمازيغي بالموسيقى الغربية، كما فعل الفنانون الجزائريون في فرنسا: "سبق الفنانون الجزائريون أن مزجو فن الراي بالموسقى الفرنسية والإنجليزية فحققوا نجاحا باهرا، ولكننا نحن أمازيغ المهجر لم نتمكن بعد من استثمار مخزون ثقافتنا في هذا الجانب. حاولت أن أقنع رشيد أن يجتهد ليوظف اللغة والثقافة الأمازيغية في أغاني الراب والآر إن بي، لأن هذا النوع والمزج غير موجود بعد، سواء هنا في هولندا أم في المغرب". سوق مستقبلية فضلا عن القيمة الفنية لما يقدمه، يعتقد رشيد البارودي أن سوق الترويج الموسيقي في هولندا في حاجة إلى هذا النوع الجديد من الموسيقى. ففي مدة وجيزة أصبحت أغنية "حب مخدوع" في قائمة الأغاني المتبادلة على صفحات تويتر، كما أبدت محطة راديو فينكس الهولندية اهتماما بها. أما شريط الكليب الذي أنجز بداية هذا الأسبوع فقد بدأ ذيوعه على صفحة اليوتوب وصفحات الإنترنت المختصة في ترويج الموسيقى. كما أرسل منه نسخا لأشهر المحطات الموسيقية مثل تي. إم. إف. يحدو رشيد البارودي أمل كبير في أن يخدم التراث الفني الأمازيغي كتراث إنساني، ويعيد تقديمه للمستمع والمشاهد في كل مكان. للاستماع أو تحميل الملف الصوتي: