مارين لوبان تواجه السجن ومنع الترشح بعد إدانتها باختلاس أموال عامة    الجيش الملكي في اختبار صعب أمام بيراميدز بالقاهرة    التسويف والتماطل يدفع مبرزي التربية الوطنية للإضراب والاحتجاج في أبريل المقبل    عدد الحجاج والمعتمرين وصل إلى 18.5 مليون شخص في عام 2024    سيدي إفني: أداء صلاة عيد الفطر بحضور عامل الإقليم    المصور محمد رضا الحوات يبدع في تصوير إحياء صلاة عيد الفطر بمدينة العرائش بلمسة جمالية وروحية ساحرة    أجواء روحانية في صلاة العيد بالعيون    أمير المؤمنين يؤدي صلاة عيد الفطر بمسجد أهل فاس بالرباط    ترامب يزور السعودية منتصف ماي المقبل    الادخار الوطني بالمغرب يستقر في 28,8 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي خلال الفصل الرابع من سنة 2024    ست حالات اختناق بسبب غاز أحادي أكسيد الكربون ليلة عيد الفطر    إيقاف خط جوي مع طنجة يُثير غضب ساكنة ورزازات    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الثلاثاء    نبيل باها: الانتصار ثمرة عمل طويل    مصدرو المواشي الإسبان يشتكون من انخفاض الصادرات إلى المغرب    مرشد إيران يتوعد ترامب ب"رد حازم"    نتنياهو يعين رئيسا جديدا ل "الشاباك"    أجواء مهيبة في صلاة العيد بسلا    منع مارين لوبن من الترشح 5 سنوات    ارتفاع الذهب لمستوى قياسي جديد    وكالة بيت مال القدس تتوج عمليتها الإنسانية الرمضانية في القدس بتوزيع 200 كسوة عيد على الأيتام المكفولين من قبل المؤسسة    القضاء الفرنسي يدين زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبن باختلاس أموال عامة    الملك محمد السادس يؤدي صلاة عيد الفطر المبارك بمسجد أهل فاس بالمشور السعيد بالرباط    الملك محمد السادس يتوصل بتهانئ ملوك ورؤساء وأمراء الدول الإسلامية بمناسبة عيد الفطر المبارك    كان محكوما بالمؤبد.. العفو الملكي يشمل بلعيرج    مزاعم جزائرية تستوجب رد مغربي صريح    كأس العالم لسلاح سيف المبارزة بمراكش: منتخبا هنغاريا (ذكور) والصين (سيدات) يفوزان بالميدالية الذهبية في منافسات الفرق    جلالة الملك يصدر عفوه السامي على 1533 شخصا بمناسبة عيد الفطر السعيد    منتخب الأشبال يقسو على أوغندا بخماسية في مستهل كأس إفريقيا    صفقة ب367 مليون درهم لتنفيذ مشاريع تهيئة وتحويل ميناء الناظور غرب المتوسط إلى قطب صناعي ولوجستي    وزارة التعمير تفتح باب الترشيح لمنصب مدير الوكالة الحضرية للناظور    طنجة.. شاب ينجو من الموت بعد سقوطه من الطابق الثالث ليلة العيد    عفو ملكي عن عبد القادر بلعيرج بمناسبة عيد الفطر 1446 ه.. من هو؟    ترامب لا يمزح بشأن الترشح لولاية رئاسية ثالثة.. وأسوأ السينايوهات تبقيه في السلطة حتى 2037    آسفي تبلغ ثمن نهائي كأس العرش    فريق إحجاين بطلاً للدوري الرمضاني لكرة القدم المنظم من طرف جمعية أفراس بجماعة تفرسيت    نقابة تدين تعرض أستاذة للاعتداء    المرجو استعمال السمّاعات    مطالب لربط المسؤولية بالمحاسبة بعد أزيد من 3 سنوات على تعثر تنفيذ اتفاقية تطوير سياحة الجبال والواحات بجهة درعة تافيلالت    ما لم تقله "ألف ليلة وليلة"    إشباع الحاجة الجمالية للإنسان؟    لماذا نقرأ بينما يُمكِننا المشاهدة؟    ادريس الازمي يكتب: العلمي غَالطَ الرأي العام.. 13 مليار درهم رقم رسمي قدمته الحكومة هدية لمستوردي الأبقار والأغنام    طواسينُ الخير    كأس إفريقيا U17 .. المغرب يقسو على أوغندا بخماسية نظيفة    المعهد العالي للفن المسرحي يطلق مجلة "رؤى مسارح"    الاتحاد الإسلامي الوجدي يلاقي الرجاء    الموت يفجع الكوميدي الزبير هلال بوفاة عمّه    دراسة تؤكد أن النساء يتمتعن بحساسية سمع أعلى من الرجال    منظمة الصحة العالمية تواجه عجزا ماليا في 2025 جراء وقف المساعدات الأمريكية    انعقاد الدورة الحادية عشر من مهرجان رأس سبارطيل الدولي للفيلم بطنجة    تعرف على كيفية أداء صلاة العيد ووقتها الشرعي حسب الهدي النبوي    دراسة: النساء يتمتعن بحساسية سمع أعلى من الرجال    الكسوف الجزئي يحجب أشعة الشمس بنسبة تقل عن 18% في المغرب    هيئة السلامة الصحية تدعو إلى الإلتزام بالممارسات الصحية الجيدة عند شراء أو تحضير حلويات العيد    أكاديمية الأوسكار تعتذر لعدم دفاعها وصمتها عن إعتقال المخرج الفلسطيني حمدان بلال    تحذير طبي.. خطأ شائع في تناول الأدوية قد يزيد خطر الوفاة    رحلة رمضانية في أعماق النفس البشرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفنان عمر ايت سعيد ل " هسبريس " : الأغنية الأمازيغية تعاني التهميش والإقصاء
نشر في هسبريس يوم 30 - 11 - 2009

شهد الحقل الفني بالجنوب الشرقي في السنوات الأخيرة تنوعا وتعددا لا نظير له، وارتبط ذلك بإعادة الاهتمام بتراث المنطقة المحفوظ في الذاكرة المحلية للساكنة، وانصب هذا الاهتمام أساسا على إبداع أغاني أمازيغية راقية وجميلة بكلمات شعرية رائعة مستوحاة من التراث، وأداء موسيقي أروع، جعل من هذه الأغنية الجنوبية قادرة على اختراق وتجاوز مجالها الجغرافي والحضاري نحو فضاءات أوسع وأرحب، منافسة بذلك الأغنية الأمازيغية التقليدية، وكونت بعد سنوات قليلة من التألق جمهورا وفيا واسعا يمتد إلى دول أوربا.
إن أحد نقاط القوة في هذه الأغنية العصرية الأمازيغية يتجلى في قدرتها غير المتناهية على اقتباس مضامينها من تيمناظين وأحيدوس وأشكال فنية أخرى، وكذا انفتاحها الكبير على الأغنية العالمية والآلات العصرية. ثم قدرتها على التعبير عن هموم السكان ووضعية العزلة والإقصاء الاجتماعي وغيره. بل كثيرا ما كانت الأغنية تعبيرا عن مواقف سياسية أكثر جرأة.
يحدث كل هذا في سياقات معينة تعبر عن التغير الاجتماعي الذي يعيشه الجنوب الشرقي في الآونة الأخيرة، وفي سياق استمرار وسائل الإعلام بمختلف أشكالها في إقصاء هذه المناطق الغنية بتراثها وجحود المؤسسات الثقافية وصناع القرار في هذا البلد.
ضمن هذه السياقات مجتمعة، أجرينا هذا الحوار العفوي والتلقائي مع الفنان الشاب عمر ايت سعيد، والذي يعتبر أحد الرموز البارزة في هذا المسار الفني الجنوبي، وهو فنان متعدد ومثقف يشتغل على القضية الأمازيغية بطريقة عميقة، بل إنها تشكل لديه انشغالا يوميا في لوحاته وأغانيه وأشعاره.
بداية نود أن نعرف متى بدأت حياتك الفنية ؟
في البداية، تحية ثقافية لكل غيور على الفن المغربي بصفة عامة وعلى الفن بالجنوب الشرقي بصفة خاصة. وتحية لكل رجال الصحافة المنيرين لدرب الحقيقة والمنيرين لدرب الإبداع والفن. أولا، أبدأ بتقديم نفسي: عمر ايت سعيد من مواليد 1978 بدادس، رجل تعليم وفنان مغني، هوايتي الرسم وكتابة الشعر الأمازيغي.
يمكن القول أن الأغنية بواحتي دادس وامكون، الواقعتين بالجنوب الشرقي المغربي بورزازات، ظهرت مصاحبة لكل الأعمال التي يمارسها الإنسان الدادسي والمكوني، فالأغنية حاضرة في كل موسم حصاد وحاضرة في موسم درس الحبوب وكذا حاضرة عند النساء في اشتغالهن في الحقول. وعموما فدادس وامكون واحتين جميلتين توحيان بالإبداع والشعر. لكن الملاحظ في الواحتين أن هناك أنماط متعددة للإبداع. ونجد بداية شعر "تمناظين" وهو شكل شعري أدبي تقليدي قديم، وهذا الشكل يتناول مختلف القضايا والانشغالات. ونجد كذلك "تمديازت" وهو نمط أدبي يعتمد على سرد الأحداث والوقائع بكيفية شعرية عجيبة. كما نجد "أحيدوس" المشهور وطنيا، وهو مزيج من الرقص المنظم والأداء الشعري الأحيدوسي بشكل جماعي يشارك فيه الجنسين في احترام ووقار وكلمة عذبة وتبادل في الأدوار وتنافس شريف بين القبائل في أداء أروع القطع الاحيدوسية.
ما الأساليب الفنية التي تأثرتم بها؟ ومنهم الفنانين الذين تأثرت بتجاربهم؟
في الواقع استمع إلى كل الموسيقى العالمية بدأ بالموسيقى الأمازيغية الورزازية إلى الأطلسية إلى الريفية إلى السوسية ثم الغربية والهندية. وعندما أحاول العزف على القتارة تكون ألحاني مزيج وعصارة لكل هذه الأنماط. أما الفنانون الذين تأثرت بهم منذ صغري فكانوا بداية "إمديازن" الشعراء الذين كان أبي، رحمه الله، يحضرهم للمنزل بين الحين والآخر. ثم بعد ذلك تأثرت بالفنان محمد ملال حيث كنت حافظا لجل أغانيه كما ساعدني في تخطي الكثير من الصعاب له جزيل الشكر. ثم بعده استمعت إلى الكثير من أغاني إثران الريفية.
ما هي مميزات الأغنية المحلية؟
الأغنية المحلية تتميز باعتمادها ثقل ووزن الكلمات قبل كل شيء. يأتي بعد ذلك اللحن ثم تليه الموسيقى. وغالبا ما تكون الأغنية الدادسية المكونية خفيفة ولها من المؤهلات ما يجعلها تتعايش مع الأساليب الموسيقية الأخرى. لكن ما ينقص الأغنية بدادس وامكون هو الحضور الضعيف جدا للصوت النسوي. حيث نجد مشاركة هذا الصوت في الأنماط التقليدية. لكن عندما يتعلق الأمر بالأغنية العصرية فلا يلج الصوت النسائي الاستوديوهات إلا نادرا.
صدر مؤخرا ألبومك "تابرات" ما الرسالة التي تريد إيصالها للجمهور؟
نعم لقد صدر لي البوم جديد في هدا الصيف يحمل اسم تبرات أو الرسالة. بعد انكباب متواصل تفاعلا مع الكلمة واللحن وخدمة للإبداع الفني قررت أن اظهر بهذا الألبوم الجديد الذي جاء حصادا لجهود دؤوبة من البحث والتأمل. والألبوم مُطعَّم بمشاركة وجوه فنية نذكر منها: مولاي يوسف من بني ملال، نجيب من تنغير ومحمد ملال، وحسن هموشي، وأنكمار وغيرهم. ويأتي هذا الألبوم ليسجل خطوة نوعية إضافية لمساري الإبداعي الذي ينضاف إلى جهود كل الحاملين لِهَمِّ تجديد الأغنية الأمازيغية... والألبوم الأخير مفعم بتيمات تجعل منه ألبوما متميزا ومن ذلك: المرأة (الأم والأخت)، التسامح والتصالح، الهوية، الهجرة، الأخوة، الحب (غزل عذري)
غلاف الألبوم؟
يعد غلاف الألبوم وسيلة إشهارية، لذلك يجب أن يستند تشكيله على فنية خاصة تجعله مناسبا لما وضع له، ولا يمكن النجاح في ذلك إلا بالانطلاق من محتوى وإيقاع الأغاني المتضمنة فيه. وبصدد غلاف ألبوم "تبرات" فقد قام الأخ ماواني لحسن بقراءة الغلاف: [ مكوناته: صورة لفنانين هما صاحب الألبوم عمر أيت سعيد ورفيقه في البومات سابقة الطفل حسن هموشي، ويبدو أن تموقع كل منهما على وجه الغلاف تموقع مقصود، فيبدو عمر ايت سعيد في المقدمة والعكس بالنسبة لهموشي حسن، والصورتان تجسدان مسألة السبق والاقتداء، ويعزز ذلك نظرة وملامح كل منهما، فعمر ايت سعيد يبدو محتضنا قيثارته، متأملا في الأفق وكأنه يروم المزيد ومواصلة البحث عن الذات وعن الجديد المطعم لتجربته خدمة للتراث الثقافي والفني الأمازيغي، بينما نجد الطفل هموشي وراءه يحمل وجهه ملامح الرضا وسكينة المحقق لبعض آماله [
ما الإضافة التي قدمتها شخصيا للأغنية المحلية؟
في محاولاتي الفنية المتواضعة حاولت إدخال "القتارة" وحاولت أداء فن أحيدوس بهذه الآلة. كما قمت لحد الآن انجاز شريطين غنائيين. وقمت كذلك بأعمال فنية مع الطفولة بالمنطقة ولأول مرة سيسجل شريط غنائي لأناشيد الطفولة في تاريخ المنطقة. كما أنني غنيت للهوية الأمازيغية. وغنيت للحب والأمومة التي اعتبرها منبع الشعر. وهنا لابد من شكر الأم التي زودتني بالكثير من الكلمات، أمي "فاطمة موح" المناضلة والشاعرة والمربية. كما حاولت بمساعدة إخوتي الأشقاء وزوجتي كتابة الأغاني وأدائها في مهرجانات الجمعيات المحلية والملتقيات التربوية. ولدي الآن ألبوم جديد نزل إلى الأسواق في الصيف الفارط وهو عمل يتضمن نمطا جديدا في الأداء، وقمت بإشراك فنانين شباب معي في هذا الشريط الجديد وعملت على مواضيع جديدة مختلفة.
كما أن تجربتي مع الطفولة كذلك رائعة، سواء مع الطفل حسن هموشي ابن قرية سرغين أو مع الطفل عماد صدوق ابن قبيلة ايت قاسي. ويشكلان موهبتين رائعتين ساهمت قي صقلهما وهما الآن في مستوى رائع يسمح بالدفع بالأغنية الأمازيغية إلى الأمام. فقط القليل من التشجيع يكفي لظهور احترافيتهما.
أما في ما يخص التشكيل فإنه مجال عميق جدا مثل البحر. ولدي عدة أفكار لم أوفق بعد في إخراجها لحيز الوجود.
أيهما يطغى على الآخر، الفنان التشكيلي أم الموسيقي؟
في الواقع هما زوجان الواحد يكمل الآخر، إلا أن التشكيل يجعلك تحب العمران وتنتبه لكل تفاصيل الطبيعة ويخلق فيك طاقة لحب الأشياء الملموسة كيفما كانت. أما الموسيقى فهي تجعلك في علاقة مع الروح فتجعل الفنان يبحث عن ذاته ويفصح عن كل حاجياته من خلال الكلمة واللحن والإيقاع.
لكن وفي غالب الأحيان أجد ذاتي مع الموسيقى والكلمة لأن التشكيل فيه الكثير من العناء ويحتاج إلى الكثير من الصبر لخلق وإبداع مستمر.
ما هو واقع الأغنية بدادس وامكون وبالجنوب الشرقي عموما؟
حاليا هناك الكثير من الشباب المبدع بدادس وامكون. فهناك من اعتمد فن أحيدوس وتمديازت مثل أجود وفاهيم وحمو امكون وميشيل وغيرهم كثير... كما أن هناك من حمل مشعل الأغنية العصرية وادخلوا آلات عصرية على الإيقاع القديم ومنهم أستاذي محمد ملال ومصطفى الوردي والأصدقاء: أنكمار (حسن الكاغ) وعبد الرحيم عليبو وعبد الصمد اطالب وامناي ومجموعة صاغرو وباحا لحسن، ووجوه أخرى جديدة كحسن السدي وعسينو وغيرهم كثير، فليسمح لي من لم أذكر اسمه...
لماذا اندثرت تمديازت؟ بينما بقي أحيدوس محافظا على وجوده؟
في الواقع الاثنان في طريقهما إلى الاندثار، لأن هناك الكثير من المتغيرات في الحياة اليومية. فقديما كانت الأم تعطي لابنتها ما يكفي من الرعاية وعن طريق التلقي تحفظ البنت الشيء الكثير من أحيدوس... لكن الآن مع تمدرس الفتاة أصبحت تلك العلاقة بين البنت والأم منحصرة فقط على التربية الأسرية ونحن نعلم أن المقررات المدرسية التعليمية غزيرة بالشعر العربي الجاهلي والفرنسي. كما يمكن الإشارة إلى تأثير القنوات الفضائية عبر المسلسلات المكسيكية والقنوات الغنائية الرديئة في تحطيم الكثير من الأشياء، كالقصص الطويلة التي كانت الجدات يحكينها. ومن هنا تأتي ضرورة توثيق ما بقي من تمديازت وأحيدوس. لأن الجيل الجديد لا يعرف الشيء الكثير عنهما.
هل أنتم مع تطوير الأغنية الأمازيغية، أم المحافظة عليها بطابعها الأصيل دون إدخال الآلات العصرية؟
نعم بالفعل أنا مع تطوير الأغنية الأمازيغية وأنا مع إضفاء صبغة العالمية عليها. لقد كان هذا أحد الأسباب التي جعلتني أختار آلة القتارة لاعتقادي الراسخ أن هذه الآلة العصرية لها حضور قوي وعالمي وكوني واسع. واخترتها للانفتاح على كل الثقافات ولإيصال رسالتي الفنية الملتزمة. ولإيصال هموم وانشغال الإنسان الأمازيغي من خلال الدفاع عن هويته الثقافية وهمومه الاجتماعية المعيشية. لهذا فأنا مع تطوير الأغنية لكن مع الاحتفاظ على بعض الألحان القديمة. ويجب الحفاظ كذلك على الآلات القديمة لكي لا نقع فيما يسمى "بتغريب الأغنية". والتمسك بالجذور لضمان نمو الأغصان وإعطاء الثمار.
ماذا تعني لك كل هذه السنوات من العمل الفني؟
كل هذه السنوات تمثل بالنسبة لي رحلة البحث عن الذات، رحلة البحث عن أسلوب جديد، ابحث من خلاله عن قالب فني يحمل مساهمتي الفنية المتواضعة لإيصالها للإنسان الورزازي والمغربي. كل هذه السنوات تجعلني أعيد النظر في إبداعات وازكي إبداعات أخرى سواء في الموسيقى أو التشكيل.
هل وصلت إلى مستوى الرضا عن أعمالك سواء في التشكيل أو الموسيقى؟
عموما على مستوى الموسيقى والغناء فأنا راض نسبيا عن الأعمال التي قدمتها لحد الآن. ففي بيئة تنعدم فيها المعاهد الموسيقية. والبنيات التحتية لتدريس الموسيقى والغناء استطعت بفضل عدة أصدقاء أن ننتج ونبدع أغاني سواء لفائدة الكبار أو الصغار.
كيف ترى تجربتك الموسيقية حتى الآن. هل هي تجربة عادية أم أن المحيط والمغرب بصفة عامة لا يشجع الأغنية الأمازيغية المعاصرة؟
الحمد لله لدي جمهور كبير خاصة بورزازات وكذا بالجنوب الشرقي عامة. واطمح إلى البحث على جمهور أوسع في باقي مناطق المغرب العزيز. كما نأسف على عدم تشجيع المسؤولين سواء بوزارة الثقافة وغيرها للأغنية العصرية الأمازيغية في الوقت الذي تصرف أموال باهضة على الأنماط الشرقية والخليجية. فمتى سيعترفون بفننا وأصالتنا التي بها نحيا ولن نخلف الموعد معها أبدا.
كما أن انعدام الجمعيات الفنية والنقابات الموسيقية جعل الفنان بورزازات حبيس عزلته ووحدته. كما يساهم التوزيع المحدود للألبومات والأعمال الفنية الورزازية في عدم وصولها إلى باقي مناطق المغرب.
أنت فنان بورزازات، وثمة علاقة بين الشخص والمكان، هل أعطتك ورزازات ما تريده؟
بالفعل لدي علاقة وطيدة جدا تربطني بورزازات، خاصة مع الأرض والطبيعة والإنسان. فجل لوحاتي الفنية تستمد روحها من التراث الحضاري والعمراني الذي تزخر به ورزازات وواحاتها، كقلعة امكونة وواحة دادس وتودغة بتينغير.
وكذلك على مستوى الغناء، فجل الأغاني التي نغنيها لها علاقة بفن أحيدوس وشعر تيمناضين. وتنهل من هذه الفنون التراثية القديمة جدا.
أما الإجابة عن ما إذا كانت ورزازات قد أعطتنا ما نريد، فلحد الآن نحن نعطي لورزازات وننتظر من كل المسؤولين بها أن يدعموا الأغنية العصرية بها، لأنه فعلا نحن في حاجة إلى دعم معنوي ومادي لكي نستطيع بلوغ درجات أسمى في التعريف بمجهوداتنا على الصعيد الوطني.
ما هو واقع الأغنية الأمازيغية عموما؟ هل هي بخير؟
بصفة عامة الأغنية الأمازيغية لازالت تعاني التهميش والإقصاء في أكثر المنابر الإعلامية الهامة، خاصة السمعية والبصرية منها. وهي مهمشة في المهرجانات الوطنية الضخمة والكبيرة باستثناء القليل جدا من الفنانين الأمازيغ الذين استفادوا. وخير دليل على التهميش الحاصل هو إبعاد الشباب الحاملين للأغنية الأمازيغية في مسابقات studio 2M وعلى اعتبار أن هذا الآخير أدخل جل اللغات في المسابقة "الفرنسية والانجليزية والاسبانية والعربية واستثنى الأغنية الأمازيغية وفي ذلك تهميش وإقصاء ممنهجين. ونجد كذلك مهرجان "التسامح" في الأيام الأخيرة بأكادير يهمش مرة أخرى الأغنية الأمازيغية ويأتي بفنانين من كل صوب وحدب. فأين التسامح في مهرجان التسامح. وعلى اعتبار أن المجال الجغرافي الذي يقام فيه المهرجان هو مجال أمازيغي بامتياز أي "سوس الكبير".
ما المعوقات التي تحول دون وصول الأغنية الورزازية عموما إلى شرائح واسعة بالمغرب؟
عموما العراقيل القديمة هي تمركز الإعلام خاصة السمعي والبصري في المثلث الاقتصادي الرباط والدار البيضاء... كما أن انعدام الجمعيات الفنية والنقابات الموسيقية جعل الفنان بورزازات حبيس عزلته ووحدته. كما يساهم التوزيع المحدود للألبومات والأعمال الفنية الورزازية في عدم وصولها إلى باقي مناطق المغرب.
هل لعبت مؤسسات الدولة من معاهد، كالمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية مثلا، دورا ما في النهوض بالثقافة والفن بالمنطقة؟
أولا، أنا لا أعمل ولا أشتغل كموظف بالمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية كما يعتقد الكثير من الأصدقاء. لكن نطلب من مؤسسات الدولة كيفما كانت من معاهد ومحترفات، كالمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية أن يساند ويدعم الجمعيات التي تشتغل بالمنطقة، خاصة الجمعيات الثقافية منها. والتدخل لتمويل ودعم بعض المهرجانات المحلية كمهرجان الورود ومهرجان دادس مكون... ففي مهرجان الورود مثلا، تتم دعوة فنانين من جهات بعيدة ويتم تهميش الطاقات المحلية، لهذا فنحن ننتظر من المعهد أن يتدخل وينصف الموروث المحلي.
كيف تنظرون إلى مستقبل الأغنية بالمنطقة؟
في الواقع مستقبل الأغنية بالمنطقة سيكون مشرقا ومشرفا نظرا لتنوع الأساليب المتبعة وكذلك لظهور الأساليب الجديدة. وكذلك لظهور آلات جديدة بالمنطقة كالعود والقتارة والناي والبانجو... كما نلاحظ دخول أساليب جديدة في الأداء مثل "الراب" الذي لم يلقى بعد صدرا رحبا، لكن سرعان ما سيكون مألوفا لأنه أسلوب شبابي وفيه الشيء الكثير من الحركة والكثير من الكلمات الساخرة...
أما حضور مؤسسات الدولة في المجال الفني فهي غائبة منذ مدة طويلة، حيث يمكن القول بأن إقليم ورزازات عموما رغم غناه بالثروات الطبيعية والمؤهلات السينمائية... لا يتوفر حتى على معهد واحد للموسيقى وهذا إجحاف في حق الإقليم. أما في منطقتنا فكل الطاقات المبدعة تنطلق من إمكانياتها الفردية الخاصة سواء في تسجيل الألبومات وفي تعليم وممارسة العزف. وهذا نداء إلى كل المسؤولين إلى الالتفات إلى هذه المنطقة الجنوبية الشرقية من المغرب العميق التي تفتقر إلى أبسط الوسائل والمؤسسات للنهوض بالثقافة المحلية.
كلمة أخيرة:
في الأخير أشكرك الأخ عبد الصمد على غيرتك واهتمامك بالفنان بدادس وبالفنان الأمازيغي عموما. وأهديك أغنية "إليس نتمازيرت" ولكل القراء والغيورين على الأغنية الأمازيغية، ولكل من يساندونني ويستمعون لأغاني ألبوماتي. كما أشكر كل جنود الخفاء الذين قدموا لي يد المساعدة في مشواري الفني، ومنهم إخوتي وعدة أصدقاء، جمعويون وصحافيون وطلبة. وجمعيات، كجمعية أمل دادس وجمعية أكنراي بهولندا وجمعية أناروز...
- للاستماع لأغنية "إليس نتمازيرت" للفنان عمر ايت سعيد
- للاستماع لأغاني ألبوم "تابرات" للفنان عمر ايت سعيد، تفحص الرابط:
http://www.saghro.org/download/download-311+aitsaid-tabrat.php http://www.saghro.org/download/download-311+aitsaid-tabrat.php
- الموقع الإليكتروني للفنان عمر ايت سعيد:
www.aitsaid.info http://www.aitsaid.info


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.