لا أريد أن يبقى كلام مساعد الممثل الدائم للمغرب بهيئة الأممالمتحدة، عبد الرزاق لعسل معلقا على فراغ، حين امتلك الجرأة وشخص وضعا قائما بعد أن ظلت الدبلوماسية المغربية ساكتة عن الحق لأكثر من خمسة وثلاثين سنة ، نعم من المؤسف أن نرى تطلعات منطقة القبايل المشروعة تنتهك ونحن في القرن 21. كما انه في الوقت الذي نخلّد الذكرى السبعين لهيئة الأممالمتحدة، ما زال أحد أقدم الشعوب الإفريقية (شعب منطقة القبايل) محروما من حقه في الحكم الذاتي، في حين تُنتهك حقوق الإنسان يوميا في هذه المنطقة، ويتعرض ممثلوه الشرعيون للقمع والاضطهاد، في الوطن والمنفى. من حق شعب منطقة القبايل، الذي يبلغ عدده 8 ملايين نسمة، وذو تاريخ يعود إلى 9000 سنة، أن يحصل على حقه في الحكم الذاتي والاعتراف بهويته الثقافية واللغوية، طبقا للفصول 1.2. 3 من إعلان هيئة الأممالمتحدة بشأن حقوق الشعوب الأصيلة ، حول ماسات ومعانات الشعب القبائلي والذي يشمل ولايتي تيزي وزو، والتي تبعد عن العاصمة الجزائرية ب 100 كلم وولاية بجاية ب 180كلم، واللتين تعرفين بمنطقتي القبايل الكبرى: تيزي وزو والقبائل الصغرى، بجاية وتشمل هذه المنطقة نسبة سكانية تقدر ب35% بعدد سكاني يفوق ثمانية ملايين نسمة ، بالإضافة إلى البويرة نورد هذا الموضوع على أن نقف في مراحل لاحقة عند الإفرازات السياسية لعنف الدولة الجزائرية في منطفة القبائل ومن ضمنها حركة المطالبة بالحكم الذاتي للقبايل. تقديم: على الرغم من أن نسبة مهمة من ساكنة الجزائر ، لغتها الأم هي الأمازيغية ، وهي تشكل السكان الأصليين للمنطقة كما أنها ساهمت بشكل كبير في الدفاع عن الوطن الجزائري، عبر كل مراحل تاريخه، إلا أنه تم السكون عن هذا المكون الأساسي للشخصية الجزائرية وظل النظر إلى الجزائر من زاوية واحدة فقط، هي المكون العربي، فبدأ يطفو على الساحة ما عرف بالأزمة الأمازيغية حين أعتبر زعيم حزب الشعب الجزائري مصالي الحاج أن الدولة الجزائرية عربية وإسلامية لا غير وقد تبعه في ذلك أول رئيس للجزائر بعد الاستقلال، السيد أحمد بن بلة، والذي أكد عروبة الجزائر المطلقة نافيا وجود اللغة والثقافة الأمازيغيتين، على الرغم من تداولهما في مناطق كثيرة من الجزائر فالخريطة اللغوية للأمازيغي للجزائر تتوزع على مناطق: منطقة القبايلين وتشمل ولايات تيزي وزو، بجاية، البويرة، بو مرداس وهي المنطقة التي تهمنا أكثر في هذه المقاربة، منطقة اشنويين بولاية تيبازة ، منطقة إمزيبيين : ويستقرون بولاية غرداية على وادي مزاب ،وقد كانوا ضحية العنف الرسمي خلال السنوات الاخيرة، منطقة إشاويين ويتوزعون على منطقة باتنه ، أم البواقي ، خنشلة.. منطقة إيتواركيين ويتواجدون بالصحراء الجزائرية بولايتي تمنراست وإليزي .. وهم بدورهم لهم طموحات إستقلالية عن الدولة المركزية إتجه الهواري بومدين بعد وصوله للحكم سنة 1965 نحو تعريب الجزائر منذ عام 1966 وفرض إجبارية معرفة الموظفين للغة العربية كما يمكن إضافة بعض الممارسات والتي تم فيها استعمال العنف في شقه غير المادي على أمازيغيي الجزائر، نورد أمثلة أخرى أقلها أربعة : - اعتبر الرئيس أحمد بن بلة في خطاب له يوم 5 يوليوز 1962 بأن التعريب ضروري لأنه لا إشتراكية بلا تعريب ولا مستقبل لهذا البلد دون التعريب وفي نفس السنة تم حذف كرسي للأمازيغية من جامعة الجزائر . - وقع الهواري بومدين مرسوما بتاريخ 26 إبريل 1968 يلزم على كل الموظفين الجزائريين أن يكونوا على معرفة كافية باللغة الوطنية ( العربية ) - بدأت السلطات الجزائرية منذ 1974 منع الأسماء الأمازيغية . - تغيير إسم فريق شبيبة القبائل بإسم " إلكترونيك تيزي وزو" في 19 يونيو 1977، بعد أن ترددت على مسامع هواري بومدين شعارات تدعو إلى الاهتمام بالأمازيغية في منطقة القبايل عبر هذه المحطات ترسخت لدى النخبة الأمازيغية بالجزائر قناعة وجود إرادة فعلية لدى السلطة الجزائرية تتجه نحو طمس البعد الأمازيغي للشخصية الجزائرية . فأنتظر رواد الحركة الأمازيغية في الجزائر النقطة التي ستفيض الكأس الأولى، فكان ذلك هو يوم 10 إبريل 1980، تاريخ منع ندوة حول الشعر الأمازيغي القديم بجامعة تيزي وزو، وأمسية غنائية لفرقة إيمازيغين أيموالا وايت منكلات . ويورد صاحب كتاب المسألة الأمازيغية في الحركة الوطنية الجزائرية الكاتب عمر اوردان (الكتاب بالفرنسية) بالإضافة إلى هذا كله سيلاً من حالات القمع والاستفزاز التي طالب القبائليين في فترة ما قبل 1980 وهذا جزء إضافي منها : تم تهميش الأمازيغية في المهرجان الثقافي الأفريقي الأول والذي نظم بالجزائر العاصمة في الفرق الممتدة ما بين 21 يوليو إلى (1) عشت 1969، وأتجهت الدولة منذ 1970، يقول المؤلف في هذا الصدد: " أدى إستدعاء المطربين العرب في التظاهرات الثقافية في منطقة القبايل إلى تفاقم حالات التوتر وأدى ذلك إلى مواجهات خطيرة بين ساكنة أربعاء أيتراراتن " ورجال الدرك سنة 1974 مما أسفر عن مقتل 3 أشخاص . تم أعتقال الشباب القبائلين المعروفيين بقناعاتهم الأمازيغية لحرمانهم من مناقشة المشروع الأولي للميثاق الوطني والصادر في 5 يوليو 1976 إذا جاء دون اية إلتفاتة للأمازيغية . تم منع المغني ايت منكلات من تقديم عرض بالجامعة سنة 1978 وعرض مسرحي بجامعة ياسين 19 ماي 1979 . () الربيع الأمازيغي ل 1980 والبداية العلنية للأزمة كانت الواقعة بسيطة هي نشاط ثقافي بجامعة ت يزي وزو يوم 10 مارس1980 ، والتهمة كبيرة هي الإخلال بالأمن العام مما دفع بالسلطات الجزائرية إلى منع هذا النشاط والذي كان يشمل محاضرة لمولود معمري حول الشعر الأمازيغي القديم وحفل غنائي يحيه آيت متكلات وفرقة إيمازيغن إيمولا بالإضافة إلى مسرحية لكاتب ياسين حملت عنوان: " حرب الألفي سنة " مما دفع في اليوم الموالي الطلبة والتلاميذ في كل من تيزي وزو، وبجاته إلى التظاهر وترديد شعارات تدعو للنهوض بالأمازيغية والتنديد بالقمع الثقافي لتنظم إليهم الحركة الطلابية بجامعة الجزائر الذين دعوا بدورهم إلى حرية التعبير واحترام التنوع الثقافي وقد استقبلت السلطات الجزائرية هذه الاحتياجات الطلابية ذات الطابع الثقافي بترسانة من آليات العنف بالشكل الذي أصبحت معه منطقة القبايل يوم 20 إبريل 1980 معزولة عن العالم ومحاصرة من كل الجهات. يقول رشيد شاكر في مجلة تافسوت عدد 80 : " قوى الطوارئ حاصرت كل الأمكنة : الجامعة ، المستشفى وحتى المعامل، تمت مداهمة الطلبة في مضاجعهم وهم ممدون على أسرتهم ، أطلقت الكلاب على المتظاهرين الطلبة يقفزون من الطوابق بلباسهم الداخلي، منع الأساتذة من مغادرة منازلهم ، تم استبدال أطر المستشفى، أطباء ، وممرضين ، بأطباء عسكريين، يروج بقتل 32 شخصا ومئات من الجرحى . تستحضرني مقولة : العنف يولد العنف والتي روج لها الدكتور حسنين توفيق في أطروحة قيمة له ، نشرت ضمن مركز دراسات الوحدة العربية بعنوان " ظاهرة العنف السياسي في النظم العربية " . يقول في هذا الشأن " إن زيادة لجوء النظام الحاكم إلى استخدام القوة ضد المواطنين غالباً ما يدفع بعض القوى في الداخل إلى تحدي ممارسات النظام، الأمر الذي يقوده إلى استخدام المزيد من وحدات القهر...، وفي ظل هذه الحالة، يكون النظام مستعد للانخراط في ممارسة أعمال العنف الرسمي على نطاق واسع، لذا تزداد هذه الأعمال على أثر أحداث العنف غير الرسمي وهكذا فإن زيادة العنف غير الرسمي أو نقصانه يؤدي إلى زيادة العنف الرسمي أو تعصيبه. إن استخدام قوات الأمن، لمواجهة المتظاهرين، ومداهمتهم في بيوتهم وإطلاق الكلاب عليهم، أعطاهم الإحساس بمفهوم حرك الشارع الجزائري بقوة ، يتعلق الأمر بالحكرة ، لذا اتسعت دائرة الاحتجاج لتشمل الفلاحين والعمال والمثقفين والمبدعين الذين نشروا الوعي بالثقافة الأمازيغية عن طريق الشعر والموسيقى ومن ظمنهم فرحات مهني ، آيت منكلات ، إيدير، ومعطوب لونيس.وآخرون شملت الإضرابات شوارع أخرى من مدن الجزائر، منها العاصمة التي عرفت إضرابا عاما يوم 12 مارس 1980 وقد ظلت الدول الجزائرية وفيه لمنطق العنف وشنت حركة اعتقال واسعة في صفوف الحركة الأمازيغية ففي 16 ماي من نفس السنة تعلن جريدة المجاهد، عن تقديم 24 معتقلا أمام القضاء بتهمة المساس بأمن الدولة . وسيكون هؤلاء في مرحلة لاحقة رواد الحركة الأمازيغية في شقها السياسي، مستغلين الشرعية النضالية، التي وفرتها لهم السلطة ا لجزائرية - من حيث لا تحتسب- وقد شملت لائحة الاعتقال هذه الأسماء التالية : عبوت أرزقي. مقران شوميم . أكون أحمد هاليت رشيد أحمد زايد إيدير . خليل سعيد . آيت واكلي رشيد لمري إدريس . آيت العربي أرزقي . لوناوسي مولود. علي الشيخ أو براهام نايت عبد الله محمد باشا مصطفى رشيدي محمد بن عمون كامل سعدي مولود بلغزلي عاشور سعيد سعدي بردوس معمر ستيت محمد بوريف صلاح طاري لعزيز براهيمي علي زناتي جمال (). وعلى إثر هذه الاعتقالات ظهرت حركات مساندة للمطالب الأمازيغية خارج الجزائر خاصة في أوروبا وكندا كما أنشئت لجنة دولية لدعم ضحايا القمع في الجزائر ... إن الربيع الأمازيغي ل1980،شكل عرفا في تاريخ الحركة الاحتجاجية بالجزائر، حتى أنه أصبح يوما سنويا تدخل فيه السلطة الجزائرية في مشادات مع ساكنة القبايل، خاصة تيزي وزو وبجاية، مما فسح المجال لأنصار الخطاب الأمازيغي لتطوير مطالبهم من الثقافي نحو السياسي ، علما أن البداية لم تكن تتجاوز ندوة حول الشعر الأمازيغي القديم . حتى أنه يمكن القول بأن أهم التشكيلات السياسية القوية بشرق الجزائر تغذت من الربيع الأمازيغي كجبهة القوى الاشتراكية التي كانت بمثابة الدينامو السري للمسيرات الاحتجاجية التي نظمت فترة أحداث الربيع الأمازيغي ، خاصة من زاوية طبع ونشر المنشورات في صفوف المتظاهرين ، وكذلك جمع التوقيعات للتنديد بأعمال العنف التي قامت بها دوائر الأمن، كما أن الحزب التحق منذ 1988 باللجان المنظمة للربيع الأمازيغي ، رئيس التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية سعيد سعدي والذي كان ضمن قائمة معتقلي الربيع الأمازيغي ، وأثناء تأسيسه لحزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية سنة 1989، جعل ضمن أولوياته الدفاع عن الحقوق اللغوية والثقافية الأمازييغيتين، والتي تشمل مجالات الإعلام والتعليم والدسترة، حتى أنه صنف نفسه بالممثل السياسي لطموحات ومطالب الأمازيغية في الجزائر وتشير صحيفة التجمع التي يصدرها الحزب إلى : - تبني سياسية لغوية مطابقة للحقائق الثقافية للبلاد والمتمثلة في الإقرار بأن اللغة العربية واللغة الأمازيغية لغتان وطنيتان وأن اللغة العربية هي اللغة الرسمية . - تبني سياسة ثقافية دينامية مستمدة من القيم الجزائرية الأصلية مع الانفتاح على الحضارة العالمية.. أضف إلى هذا وذلك فالنظام الداخلي للحزب يؤكد على أن الثقافة واللغة الأمازيغيتين استطاعتا الصمود على الرغم من أن السلطات المركزية المتعاقبة لم تتكفل بهما فسياسة التعليم كانت قهرية وطائفية وألحقت أضرار بالغة أدت إلى جهل أولادنا فهم لا يتقنون العربية والفرنسية والأمازيغية لا مكان لها في نظام التعليم (). استطاعت إذن ، أحداث الربيع الأمازيغي أن تجد سندا لدى الأحزاب السياسية والأكاديميين والباحثين وفئات واسعة من المجتمع المدني، لكن ظلت السلطة الجزائرية في غفلة من أمرها دون التفكير في التعامل الإيجابي مع الحركة الثقافية الأمازيغية، بل ظلت تردد عبارات مستفزة تزيد من غليان الشارع وتكرس مفهوم الحركة التي تغضب الجزائر بقوة وسننقل عن عز الدين لمناصر بعضا منها : يقول في هذا الصدد " إنفجرت المظاهرات في مدينة تيزي وزو عاصمة منطقة القبايل في 20 إبريل، وقال التليفزيون الجزائري الرسمي: لقد أحرقوا القرآن والعلم، وصرح وزير التعليم العالي : لدينا أدلة تثبت تواطئهم مع المخابرات الأجنبية، وقالت الصحف الرسمية، إنهم يريدون الانفصال بتشكيل دولة بربرية وأتهم حزب فرنسا ونطالب بعقاب صارم لعملاء الإمبريالية وأعداء العروبة والإسلام (). واتجهت الدولة منذ الاستقلال نحو سياسة التعريب منذ فترة هواري بومدين، وسن الشاذلي بن جديد قانون تعميم استعمال اللغة العربية في تجاهل تام للغة الأمازيغية مع بعض التلميحات للاهتمام بالفرنسية والتي كانت مطية لسياسة التعريب كلها، وقد وجدت الحركة الثقافية الأمازيغية في هذا السكون فرصة للتظاهر حين أعلن الرئيس الجزائري الأمين زروال سريان تطبيق قانون اللغة العربية اعتبارا من 5 يوليوز، وقبله كانت انتفاضة أكتوبر 1988 مكملة للربيع الأمازيغي والتي ارتفعت فيها وتيرة العنف الرسمي وقد عرفت حضوراً قويا للحركة الثقافية الأمازيغية، وانتهت ب 500 قتيل وآلاف من الجرحى من ضمنهم الفنان الجزائري القبائلي معطوب الوناس الذي أصيب برصاصتين وهو يوزع المنشورات على السكان. الربيع الأمازيغي لأبريل 2001 الاعتراف الرسمي بالعنف الرسمي إن الدارس لكرونولوجيا الأحداث التي عرفتها منطقة القبايل منذ 1980، يلاحظ تكرار وتجدد المطلب الأمازيغي في شكل تصاعدي أنطلق عام 1980، من حقل الثقافة والاهتمام بالتراث ليتجه نحو ضرورة الاعتراف بالمكون الأمازيغي في الجزائر ثم عرائض مطلبية تدعو إلى إدراج الأمازيغية في المنظومة التربوية وحقها في الإعلام وضرورة إعادة كتابة تاريخ الجزائر باستحضار المكون الأمازيغي لتمتد في مراحل أخرى نحو مطالب ذات طابع اجتماعي وسياسي أيضاً ، شكلت الدعوة إلى الحكم الذاتي وإعلان حكومة مؤقتة للقبائل أرقى تجلياتها . وفي مقابل هذا التجدد المطلبي كانت لغة العنف السياسي الرسمية هي السائدة ولا بأس أن نشير إلى أن إبريل يحدد للعنف وللمطالب الأمازيغية موعدا سنويا في ولايتي تيزي وزو وبجاية وبعض شوارع الجزائر العاصمة، ففي سنة 1985 وقعت صدامات دامية أسفرت عن معتقلين في صفوف الطلبة والتلاميذ الذين عبروا في أكثر من محطة عن استيائهم من وضعية التعليم في الجزائر وعلى عدم السماح للأمازيغية بالدخول إلى الأقسام والمدارس وفي سنة 1987،وقع إضراب عام بكل الجامعات الجزائرية احتجاجا على الأوضاع الثقافية والاجتماعية وخاصة وضعية التعليم وتهميش الأمازيغية . وفي 1994 ظهر ما عرف بإضراب المحافظ، (la gerre des cartables ) احتجاجا على تغيب الأمازيغية في التعليم، ومنذ هذا التاريخ أخذت تلوح في الأفق بعض مظاهر الاستجابة المحتشمة لمطالب الحركة الثقافية الأمازيغية بالجزائر (MCB ) فقد قامت وزارة التربية الوطنية بإدماج اللغة الأمازيغية في التعليم الجزائري وتحديدا في الولايات التي ينتشر فيها الناطقون بالأمازيغية ، كما تم إنشاء المفوضية السامية للأمازيغية والتي ترأسها السيد إيدير عمران وقد أوحى هذا التعيين لإيدير عمران بأن المؤسسة جاءت بهدف احتواء الحركة الأمازيغية كما تم أيضا منذ يونيو 1996 بث الأخبار بالأمازيغية في التلفزة الجزائرية وتوسيع البث الإذاعي للأمازيغية ليشمل كافة التراب الجزائري من خلال إذاعة عامة ناطقة بالأمازيغية بنسبة 100% . كما تم إدراج البعد الأمازيغي كأحد مكونات الهوية الوطنية وثوابتها، إضافة إلى أن الإسلام والعروبة في دستور 1996، على أن هذه المطالب يعتبرها المهتمون نتيجة لتوسيع ظاهرة الإرهاب وضعف السلطة ستطاعت الحركة الأمازيغية تحقيق هذه المكاسب يقول عبد النور بن عنتر " مع توسع ظاهرة الإرهاب ، أنتهز النشطاء البربر ضعف السلطة لتحقيق مآربهم وشهدت منطقة القبايل إضرابا مدرسيا عام 1994 – 1995 واحتجاجا على قانون تعميم استخدام اللغة العربية، تم إنهاؤه بموجب أتفاق أبريل / نيسان 1995 ، بين السلطة والحركة الثقافية البربرية، وأتخذ الرئيس اليمين زروال قرارات تاريخية هي : إدخال اللغة الأمازيغية في التعليم بالمنطقة . إنشاء المحافظة السامية للأمازيغية . تدعيم برمجة نشرة إخبارية مسائية في التليفزيون ( باللهجات الأمازيغية بالتناوب ) . إدراج البعد الأمازيغي كأحد مقومات الهوية الوطنية وثوابتها ( إضافة للإسلام والعروبة ) في دستور 1996(). ولكن في مقابل ذلك الأمين زروال ظل وفيا لسياسة التعريب وقد تمت الإشارة فيما سبق إلى تاريخ 5 يوليوز 1998 ، الذي أعلن فيه سريان تطبيق قانون اللغة العربية والذي قوبل بمسيرات احتجاجية تجدد الدعوى إلى الاعتراف بالأمازيغية . يقول عز الدين لمناصرة " أعلن الرئيس الجزائري الأمين زروال سريان تطبيق قانون اللغة العربية اعتبارا من 5/7/1998، وكان اغتيال المطرب الأمازيغي لمعطوب الوناس، مناسبة لتظاهر منطقة القبايل ضد قانون استعمال اللغة العربية، واستمرت الاحتجاجات إلى يوم 9/7/1998م حيث سارت تظاهرات حاشدة في العاصمة التي توافد إليها آلاف من المتضاهرين قادمين من تيزي وزو وبجاية وحمل المتظاهرون شعارات كتبت بالعربية الأمازيغية تطالب الحكومة بالاعتراف بالأمازيغية لغة وطنية، وتطبيق قانون التعريب تدريجياً (). في سنة 1999 يصل بوتفليقة إلى مقعد الرئاسة والذي عرفت فترته بتزوير الانتخابات وتسريح العمال وتسريع وتيرة التعريب ورفضه لإدراج الأمازيغية في الدستور كلغة رسمية في الجزائر يوم 18 أبريل 2001 خرجت منطقة القبايل في تضاهرات ضد سياسة بوتفليقة، ويشكل هذا التاريخ محطة مهمة في تاريخ الحركة النضالية الأمازيغية ومنعطفا مهما في مسارها بحيث عرفت ميلاد أشكال نضالية ذات طابع سياسي، أهمها تنسيقية العروش وحركة الاستقلال الذاتي خرجت الحركة الثقافية الأمازيغية كالمعتاد للاحتفال بالذكرى 21 للربيع الأمازيغي إلا أن النظام الجزائري قابل هذا الاحتفال بمنطق القمع والمنع، بل وصل إلى حد الاغتيال، فقد انفجرت انتفاضة حقيقية في القبايل لما قتل رجال الدرك الوطني ببني دوالا بولاية بجاية شابا في مقتبل العمر وهو ماسنيسا كرماح بعد أن اختطفته من وسط مظاهرة سلمية وتعريضه للتعذيب أخذت تظهر معالم العنف غير الرسمي أي أشكال العنف المضاد للنظام والتي قد يعبر عنها بالعصيان المدني من مظاهرات وأحداث شغب وتمرد والدخول في مواجهات مع الجيش وتدمير مؤسسات الدولة مما افرز مواجهات دموية أكثر من أي ربيع أمازيغي آخر حتى قيل عنه الربيع الأسود لملامسة الوضع في تلك الفترة وذلك التاريخ نورد شهادة عن موقع الجزيرة نت ، لمحمد جميل بن منصور.. "سجلت احتفالات سنة 2001 مواجهة جديدة أكثر دموية من أي مواجهات سابقة وذلك بعد مقتل الشاب القبائلي يوم 18 أبريل نيسان، إذ تطورت الأمور بشكل سريع في واقع ما زالت مواجهة السلطة والإسلاميين ماثلة أمام أعين أهله، ففي 19 أبريل / نيسان أي بعد يوم واحد خرجت مظاهرة حاشدة قدرت بعشرة آلاف في تيزي وزو استجابة لنداء الحركة الثقافية البربرية وفي 22 من الشهر نفسه أنطلقت أعمال شغب في مدينة بجاية لتعود في اليوم التالي التظاهرات مجددا بين دوالا بعد تشييع جنازة الشاب كرماح مع أن السلطات أنعت مهام مسؤولي الأمن والدرك بني دوالا يوم 24 أبريل، فإن ذلك لم ينهي الأزمة حيث خلفت تظاهرة يوم 25 أبريل 2001 تسعة قتلى ورفعت شعارات ذات مضمون اجتماعي كالعدالة في توزيع السكن، أما يومي 28-29 أبريل فقد عرفا تصاعدا خطيرا للأزمة أجتاح منطقة القبايل مخلفا 29 قتيلاً مما أدى بالرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة إلى إصدار قراره القاضي بإنشاء لجنة مستقلة للتحقيق في الأحداث يوم 30 أبريل من نفس العام . دخلت السياسة على الخط حيث أعلن في فاتح ماي 2001 حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية الحزب الثاني في منطقة القبايل انسحابه من الحكومة وكان موعد ببجاية إحدى أهم الولايات في المنطقة يوم 7 ماي من نفس العام مع مظاهرة العشرين ألف السليمة وتبعتها العاصمة في اليوم العاشر بمظاهرة تضامنية مع ضحايا الأحداث وكان يوم 31 مايو الموعد في العاصمة حيث عبأت جبهة القوى الاشتراكية مدعومة بمختلف الفعاليات والمتعاطفة 200 ألف في مسيرة شعبية ضد القمع الذي تمارسه السلطة ضد القائلين ثم توالت المسيرات فطرحت أفكارا جديدة في الملف منها استقلال منطقة القبائل ومنها الأسئلة الكثيرة والمتعلقة بهوية البربر المضيعة وتبعيتهم لعرب لا يستحقون () " . لو أردنا استقراء الأرقام فإن المعطيات تشير إلى مقتل 120 مواطن علاوة على أشكال أخرى من العنف الرسمي والتي تشمل الاعتقالات والتعذيب والسجن علما أن المتظاهرين أكدوا مطالبهم السابقة والمتمثلة اساسا في جعل الأمازيغية لغة رسمية إلى جانب العربية إن العنف الرسمي في منطقة القبايل سجل تراكمات بالشكل الذي وسع الهوة بين شرق الجزائر والمركز ، بل ووفر أيضا مناسبة أخرى للاحتجاج والغضب من خلال اغتيال ماسينيسا كرماح يوم 18 إبريل 2001، وآخرين في مدن أخرى من الجزائر فأصبحت تطرح بإلحاح القضية الأمازيغية ليس، في بعدها الثقافي فحسب كما كان عليه الأمر في العشرية الأولى من الربيع الأمازيغي بل في أبعادها الاقتصادية والسياسية والحضارية أيضا، وأصبح أعلى مسؤول في هرم الدولة يدعو إلى الحوار من خلال تنسيقية العروش التي لقيت تجاوبا جماهيريا واسعا حتى أنها أصبحت محط ثقة من طرف كل سكان ولايتي تيزي وزو وبجاية والبويرة . لذا أعتبرناها إحدى أهم إفرازات العنف السياسي في الجزائر، كونها حققت ما لم تستطيع الدولة تحقيقه، وهو تطويع السكان واحتضانهم، وقد وضفت في ذلك ، مظاهر العنف التي مورست على أمازيغي الجزائر لمدة 21 سنة ، علاوة على تحسيس القابائليون بإمكانية فقدانهم لهويتهم نتيجة سياسة الطمس التي تبنتها الدولة منذ عهد بن بلة مما أدى بهم إلى التآزر والالتحام ضد السلطة المركزية ، خاصة وأنهم قدموا في أكثر من مرة على أنهم من أحفاد الاستعمار الفرنسي، هذا الأخير قاومه أمازيغ الجزائر ببسالة ووطنية عالية .