كأنهم سُحِروا أو أصابتهم لعنةٌ من لعنات إبليس الهالكة، دخلوا الحكومة على أساس إصلاح الأوضاع وتحقيق العدل في الأرزاق بترشيد النفقات وصرف المداخيل فيما يعود على الناس بالخيرات، فإذا هم متورطون في شتى أنواع الفساد، وتُمَرَّرُ في عهدهم أجرأُ القرارات اللاشعبية، التي لم تستطع أي حكومة من الحكومات السابقة حتى التفكير في نقاشها وتداولها، وبذلك تكون حكومة العدالة والتنمية ساهمت بشكل كبير في المحافظة على اختلال الموازين لصالح المترفين الذين ازدادوا في عهدهم غنى فاحشا وترفا واضحا وفسادا متعمدا، مقابل إفقار طبقة واسعة من المغلوبين على أمرهم الذين لا ذنب لهم إلا أنهم ينتمون إلى هذا الوطن المغروس في قلوبهم. هل هناك حكومة في العالم عندما تُسْأل عن قرار معين تجيب بكل استهانة بأن لاعلم لها بهذا القرار ولا تعرف الجهة التي أصدرته ؟ وهل هناك حكومة مسؤولة تُقِرُّ بمرجعيتها الإسلامية وترضى أن تُدْخِلَ الفساد والعُرِيَّ ليس في مهرجان موازين فحسب الذي تُصرف عليه ملايير المغاربة على سهرات فاضحة تستعرض فيها " فنّانات " فاسقات عاريات مؤخراتهن في حركات جنسية صريحة بل وتُنقل هذه المأساة الأخلاقية مباشرة على قناة عمومية يتحكم فيها وزير" إسلامي " يرضى أن تقتحم هذه الصور البذيئة بيوت المغاربة الأشراف المحافظين، ضدا على كل الأعراف والتعاليم السماوية، وفي تَحَّدٍ صارخ لتعاليم ديننا الحنيف الذي يحترمه جميع المغاربة، بل وضِدّاً حتى على القانون المغربي الذي ينص الفصل 483 من القانون الجنائي " من ارتكب إخلالا علنيا بالحياء، وذلك بالعري المتعمد أو بالبذاءة في الإشارات والأفعال، يعاقب بالحبس من شهر واحد إلى سنتين وبغرامة من مائة وعشرين إلى خمسمائة درهم. ويعتبر الإخلال علنيا متى كان الفعل الذي كونه قد ارتكب بمحضر شخص أو أكثر شاهدوا ذلك عفوا أو بمحضر قاصر دون الثامنة عشر من عمره، أو في مكان قد تتطلع إليه أنظار العموم ". أين كان وزير العدل والحريات بوصفه رئيس النيابة العامة لتحريك هذا الملف وتقديم المخالفين إلى العدالة، أم أن تحريك مثل هذه الملفات وتقديمها إلى القضاء لا يدخل ضمن اختصاصاته. إن فشل الحكومة في تدبير وتسيير جل الملفات أضحى باديا لكل متتبع، ولا يحتاج إلى توضيح، فالحكومة التي فشلت في تنظيم امتحانات الباكالوريا بهذا الشكل المخزي، كيف ننتظر منها أن تنجح في إصلاح منظومة التعليم ومنظومة العدالة وصندوق المقاصة وغيرها من المجالات الكثيرة التي تنتظر من يأخذ بيدها لتستقيم على سكة الإصلاح والعطاء. ماذا فعل المغاربة حتى يُجازَوْا بمثل هذه الحكومة التي أدخلتهم كتاب "غينس" في الفضائح والاحباطات، فأصبحنا على المستوى الرياضي نُنْعَت بفضيحة الملاعب و " أكبر كراطة "، وعلى المستوى التعليمي والتربوي بفضيحة تسريبات امتحانات الباكالوريا، وعلى مستوى الطرق نحصد أكبر عدد من الأرواح وكأننا في حرب مفتوحة و الحكومة ما زالت تبحث عن المسؤول الذي تُعَلِّقُ على مشجبه تهاونها وتقصيرها، وفضائح أخرى لا تكاد تُحصى من قبيل غرق أطفال لاذنب لهم في واد الشراط أثناء قيامهم برحلة ترفيهية، تفحم جثث أطفال بعد احتراقهم على الطريق العام بعد اشتراكهم في بطولة رياضية نظمتها مدارسهم، السماح لأفلام ساقطة وبذيئة بالعرض داخل المغرب ضدا على الذوق العام لكل المغاربة. فحتى على المستوى السياسي الذي يتقن فيه سياسيو هذه الحكومة فن الكذب والنفاق والعزف على كل الأوتار وتبرير القرارات بواسطة ناطقها الذي فشل في إقناع حتى نفسه بهذه التبريرات، فأحرى أن يقنع شعبا استطاع أن يُكوِّن نفسه ذاتيا وفكريا وسياسيا ونقابيا واجتماعيا دون أن يحتاج إلى شيء اسمه حكومة ودون أن يُدقق حتى في المال العام الذي يُنتزع من جيبه ويُنهب دون أدنى رقيب أو حسيب، فكل صناديق الدولة نُهِبت وما زالت تُنْهب من طرف أشخاص محسوبين من توابع هذه الحكومة ولم يُقَرَّر في شأنهم شيء، وهناك أشخاص يصولون ويجولون ويعيثون في هذا الوطن المكلوم فسادا دون أن يتصدى لهم أحد، يتوعدون ويهددون ويُزْبِدون كأنهم لا يزالون يعيشون في الزمن الغابر ناسين أو متناسين أن الشعب المغربي تجاوز مرحلة الصمت وأصبح يرفع شعار " ارحل " ويدعو إلى إسقاط كل فساد ومحاسبة كل المفسدين. هؤلاء المفسدون نسجوا علاقات مشبوهة وكَوَّنوا لوبيات يضغطون فيها على أصحاب القرارات المحلية موجودون في كل المدن المغربية يتاجرون في أحزان الناس وآلامهم، والحكومة بدل أن تضرب على أيديهم بيد من حديد، تُوفر لهم المناخ المناسب لممارسة تجاوزاتهم المريضة على البسطاء المقهورين من المغاربة الشرفاء.