يختلف معنى الڭراب من شخص لأخر، فبالنسبة للبعض الڭراب هو صاحب حرفة بيع المياه. و بالنسبة للبعض الأخر، هو ذلك الشخص القابع في معظم زوايا الأحياء الشعبية، يبيع البيرة و الوسكي خلسة من الجيران أما المخزن راه مدبر عليهم و مدبرين عليه،و دائما ما يشتكيه الناس و يتهمونه أنه كيجبد لبلا و الصداع للحومة. إلا أن اليوم في الناظور الڭراب الصغير هو الذي يشكي و يبكي،لأنه منذ ثمانية أشهر لم تعد الحركة دايرا معاه،وهذا راجع بالأساس لتشييد مشروع ڭراب كبير بالناظور يسمى مرجان. إنه بالفعل أكبر ڭراب يعرفه الناظور إلى يومنا هذا،خصوصا إذا عرفتم أنه في كل شهر يبيع أزيد من تسعين مليون سنتيم من المشروبات الكحولية،أي ما يعادل ثلاث ملايين سنتيم يوميا من البيرة و الويسكي و الفودكا،و من مميزات لڭراب لكبير أنه لا يبيع الخمر بتخبيعة كبقية لڭرابة بل يبيعه علانية أمام الجميع، و لا يهمه لا فتاوي الفقهاء و لا رفض الناس و لا بؤس الفقراء لكيشوفوا فلوسهم ماشيا فالشراب، لأنه و بكل بساطة لديه رخصة من الدولة لبيع الخمر. و بمنطق كل واحد يتعلق من كراعوا، لن أدخل في نقاش الحرام و الحلال لأنه ليس من إختصاصي .إلا أن الرقم الذي يسجله مرجان في بيع المشروبات الكحولية يجرني للوقوف مرة أخرى على تسكيزوفرانيت أو بمعنا أخر الإنفصام الذي نعيشه و تعيشه دولتنا. فالأمور يجب أن تكون أكثر وضوحا مما هي عليه الآن، و يجب أن نحدد مواقفنا نيشان بلا دوران.راه دولة هاذي ماشي اللعب. و لنعد للغة المنطق لنكتشف معا هذه التاسكيزوفرانيت، و شوفو معيا التناقضات التي نعيشها فيما يخص بيع الخمر فقط. الدستور المغربي يبرز في فصله السادس أن الإسلام دين الدولة و الدولة تضمن لكل واحد حرية ممارسة شؤونه الدينية.إذا الدولة المغربية دولة إسلامية يتوجب عليها الحكم بالدين الإسلامي، و الإسلام يحرم شرب الخمر و المتاجرة فيه بل حتى الجلوس في مائدة يوجد بها الخمر.هذا أول تناقض واضح، فإما أن تعلن الدولة صراحة بأن المغرب ليست دولة إسلامية،أو أن تطبق الشريعة الإسلامية. التناقض الثاني هو تناقض قانوني، حيث يمنع القانون المغربي بيع الخمر للمغاربة و يعود هذا إلى ظهير (قانون صادر عن الملك)، في يوليو 1967 ،و ينص في بنده 28 على منع بيع المشروبات الكحولية للمغاربة أو منحها لهم مجانا.و مع ذلك هناك تراخيص تعطى لحانات في أماكن و الله ماكيدور فيها شي كاوري و يباع الخمر للمغربي بالعلالي.كحالة مدينة الناظور التي لا يوجد بها عدد كبير من السياح الأجانب و رغم ذلك مرجان يبيع 90 مليون شهريا من الكحول. و المعقول هو إما أن يلغى هذا القانون،أو أن يطبق بحذافره، و تفرض على المحلات التجارية غرامات إذا باعت الخمر للمغاربة.لأن هذا الإنفصام في القانون يعطي الفرصة للبعض للتلاعب و الضحك علينا. و كما تقول النكتة المعروفة وسط المغاربة ،فحتى الوزارات في ما بينها غير متفاهمة،وزارة الخارجية تبيع ليك الشراب وزارة الداخلية تشدك علاش شريتي شراب. لنغير الوجهة الأن من الإنفصام الذي تعيشه الدولة في مسألة الخمر، إلى الإنفصام الذي يعيشه المجتمع في نفس المسألة، حيث إن قمنا بإستطلاع للرأي ستعطينا النتائج بأن الكل يرفض بيع الخمر،إوا إلى الكل يرفض بيع الخمر لما لا يخرجون للمطالبة بعدم بيعه. و من المفارقات الأخرى فالبلاد أن الأغلبية من الناس، إذا سألتهم مباشرة عن هل يشربون الخمر يجيبونك بلا،مع العلم أنه يتم إنتاج ما بين 30 و40 مليون لتر من الخمور أكثر من نصفها من النوعية الممتازة،بدون إحتساب الخمور المهربة من مليلية و سبتة، ويتم استهلاك معظم هذا الإنتاج (85 في المئة) محليا. وبالتأكيد فان الاجانب الموجودين في المغرب لا يمكنهم استهلاك كل هذه الكميات من الخمر. إوا شكون تايشرب ديك 40 مليون لتر جنون واقيلا؟؟؟ و المشكل أنه حتى أولائك لخرجوا لها ديركت و طالبوا بإغلاق واحد المحل ديال بيع الخمر في سلا و المحسوبين على العدالة و التنمية وقعوا في حفرة التناقضات حيث لم يعبر المحتجون المنتمون إلى الحزب الإسلامي رفضهم بيع الخمر لسبب ديني بل لكونه موجود في حي شعبي،ماشي لحماق هذا. أما بيت الحكمة المنظمة الغير دينية و التي تدعو إلى إلغاء القانون الذي يحظر على المغاربة استهلاك الكحول وشرائه لم تنجوا هي كذلك من التناقض مع أفكارها و مبادئها. واعتبر المحلل السياسي محمد ظريف ان بيان جمعية بيت الحكمة "غير متناسق لان الحزب الذي تنتمي اليه خديجة رويسي يدافع عن مشروع الملك, امير المؤمنين". واكد ظريف "في اكتوبر 2003 حين عرض الملك على البرلمان قانون المرأة, قال انه لا يمكنه "إباحة ما يحرمه الدين الاسلامي" !!! إوا شفتوا فين وصلنا في التناقضات، كلشي عندنا يعيش إنفصام من القوانين إلى السياسيين إلى المجتمع.كل ما أطالب به هو تحديد المواقف ، و أن تكون هناك جرأة.أما هذه التناقضات ستجعلنا معارفين راسنا من رجلينا. و مادامت هذه التسكيزوفرانيت في البلاد يبقى الڭراب لكبير يبيع 90 مليون سنتيم شهريا من الخمور في مدينة يقال عنها محافظة.و الله أعلم