يبدو أن الناظور مدينة التناقضات الصعبة المسمّاة مجازاً وتجاوزاً مدينة بين آلاف الأقواس، طفقت تعرف بالآونة الأخيرة انطلاق حملة انتخابية مبكّرة، والواقع أنّ الميدان لم يكشف بعد، على نحوٍ فاضح، تحركات السماسرة الجارية خلف الكواليس، وإنما تجري في صمت، دون إحداث تلك الضجّة المصحوبة للخرجات الدعائية المعهودة، إلاّ أنّ العالم الإفتراضي يكشف بعضاً ممّا هو متستّر، يتجلى بوضوح تحت شمس الأعين وطبعا منها حتى أعين السلطات المثبتة في ما لا يخطر على بال، في المنشورات التي يعتمد فبركتها أتباع مختلف الألوان الحزبية المتطاحنة بالساحة الناظورية في ما يُشبه الحرب الباردة، عبر شتى الجدران الفايسبوكية التي تنبعث منها رائحة طبخات إنتخابية لا يستلذ طعمها أحد. والحال أنّ معظم الروّاد رأوا مؤخراً على صفحات الفايسبوك، وتحديداً قُبيل تأجيل موعد إجراء عملية الإقتراع الخاص بالمجالس المحلية، كيف لبعض سماسرة الانتخابات أنْ حركوا آلياتهم الدعائية وقادوا حملات سابقة لآوانها مدفوعة الأجر في الغالب الأعم، لفائدة هذا أو ذاك المزمع انتدابه وكيلاً للائحة الحزبية، والمدهش في الأمر كلّه ليس حال التدوينات المدعاة للشفقة والتي تُمجّد وتطبّل وتزمر للوجوه المنتظر خوضها غمار الإستحقاقات المقبلة، مع أنّ ذلك مستهجن بالمرّة لكونه مُخالفاً بصفة صريحة لا غبار عليها للقواعد المنصوص عليها قانونيا في هذا الشقّ، بل الأنكى والمثير للجدل فعلاً هو ظاهرة إستغلال الشبكة العنكبوتية وعبرها بخاصة الموقع المليوني "فايسبوك"، وعياً منهم بأهميته القصوى المتجلية في الوظيفة التعبوية ودوره الفعال في التواصل مع الناخبين، إلى جانب توظيف العمل الجمعوي والرياضي والطبّي والإعلامي واتخاذه قنطرة لضمان تمرير أهداف الحملة وبلوغ مقاصدها المتجلية أساساً في رصد حفنة أصوات علاوة عن الأصوات التي يتّم حصدها داخل ووسط الدوائر المذكورة. إذ لا مغالاة في الزعم أنه بات في الناظور حصرياً اتخاذ العمل الجمعوي والرياضي والطبّي والإعلامي، إحدى وسائل إجراء بروباغندا الإنتخابات، عقب تحويل عدد من الجمعيات والبوتقات والتنظيمات والمنابر الإعلامية والفرق الرياضية آليات مُسخرة في يد المتاجرين في سوق الأصوات، ولعلّ بروز دينامية على مستوى الساحة الجمعوية أخيرا بالإقليم قبل تمديد موعد إجراء الإقتراع تحديداً، كتكثيف الرحلات الترفيهية والتكتل لحضور اللقاءات الرياضية وإقامة الأماسي الفنية وغيرها وتنظيم الخرجات الطبية وتحيين فرص الانخراط ضمن الأشكال الإحتجاجية وتبرئة الذمم عبر التصاريح الإعلامية الموزعة عبر المنابر هنا وهناك، كلّها تأكيدات بارزة تعكس حدّة الصراع الإنتخابي الدائر رحاه بالناظور قبل الأوان.