محمد بوتخريط . أمسفورت / هولندا لم يكن مختلفا كثيرا عن أقرانه سوى بذاك الهدوء الذي كان احد ابرز سماته .. كان كالكثير من ابناء جيله يعيش حياته الطبيعية ، يذهب الى دراسته كل صباح ... يمارس هوايته، ويلعب الكرة مع أقرانه وأصدقائه. في ذات اليوم المشؤوم .. ذهب الى قاعة الرياضة كالمعتاد.. ليمارس هوايته ، بينما كان قاتلوه متربصين له في مكان غير بعيد عن الصالة الرياضية التي يمارس فيها هوايته .. استرخصوا دم محمد ... ذاك الشاب البريء الذي غادر البيت ذات مساء الى صالة للرياضة ، وفي طريق عودته وقعت الكارثة..أجبرته أيادي الغدرعلى ان يغادر الحياة قسراً وإلى الأبد ، اخترقت رصاصات غدر صدر محمد واستقرت في جسمه ، تسببت في نزيف داخلي حاد أدى إلى وفاته في غضون دقائق. يومها، كان بعض الساسة هنا وهناك داخل قبب البرلمانات و"الغرف الأولى والثانية" يناقشون الأمن والأمان وحال البلد "الآمن" جدا.. يزعمون أن كل شيء على ما يرام. غير أنه في ذات اليوم واللحظة، كان آخرون يقولون " كلمتهم" على طريقتهم الخاصة بالعبث بأمن المجتمع وإهدار حياة الناس وإزهاق الأرواح البريئة. محمد لم يكن هوالمقصود و"المستهدف"... هو نزاع وتصفية حسابات بين أناس آخرين ."محمد" لم يكن طرفاً فيه ، ولم يكن يعلمه أصلاً، ولم يخطر بباله يوماً أنه سيكون ضحيته ، أو ربما لم يكن حتى يعلم أن في هذا العالم أشخاصاً بهذه الهمجية وهذا التوحش ، وقد يسترخصون دم الناس لهذه الدرجة. ولكن...هم الجناة و قد استرخصوا دم محمد... يبدوا ان القتلة حين اتصلوا بالشخص الذي كانو يتربصون به .. شاءت الأقدار ان يكون محمد اول من يخرج من الصالة ليستقبله في الباب وابل من الرصاص .. رصاصات غدر سكنت جسمه وأردته قتيلاً. امتطى القتلة سيارتهم واختفو بعد ان أضرموا فيها النار في مكان غير بعيد عن مكان الحادث ، لإخفاء معالم وآثار الجريمة . وبعد الحادث مباشرة وصلت العائلة المكلومة رسالة "اعتذار" عبرالهاتف تقول :" نعتذر لكم ..قتلنا ابنكم خطئاً.." هكذا رحل محمد وغاب مثلما الشمس تغيب ...غسلناه بدموعنا ..وسقانا من ألم فراقه دماً.. مخلفاً وراءه حالة من الحزن والفجيعة وسط أسرته وأصدقائه. عرفناه شابا مهذبا متواضعاً تسكنه الابتسامة وحب الخير . من أسرة متواضعة متدينة ، سافرت ذات يوم الى "هنا" من أجل لقمة العيش، كغيرها من آلاف الأسر. لم يكن " محمد " هو الضحية الأولى ولا يبدو من الأمور أنها ستكون الأخيرة ..طالما أن "مسؤولي أجهزة الأمن" بالبلاد حتى هذه اللحظة يتجاهلون الفاعلين أو يتجاهلون الوصول إليهم لضبطهم وتسليمهم إلى العدالة . ولا زلنا نتذكر ضحايا أخرين .. ولم ننسى بعد حادث "مقتل" الطفل أنس .. وغيره من الحوادث المماثلة. ما لم تُتدارك الأوضاع .. وأمام هذا الوضع الذي يشبه نوعا من "الإنفلات الأمني" فإن القادم الذي ينتظرنا هو الأسوأ . أو ... إن أحداً لا يمكنه التنبؤ بمآلات الأمور. حينها سوف نجد أنفسنا جميعاً "محمد"...أمام واقع كارثي مريرلا يمكن الخروج منه. تعازينا الحارة لاهل الفقيد ..قلوبنا معكم فى مصابكم الذي هو مصابنا الاليم.. "لا الدمع يكفكف جراحات الرحيل، ولا الوجع الضارب في أعماق النفس يخفف لوعة الفقدان.." للموت جلال أيها الراحل... ولنا من بعدك انتظار في محطات قد تطول وقد تقصر.. " و"إنا لله وإنا إليه راجعون" .