المجهودات التي تقوم بها السلطات المحلية والحملات التي باشرتها، هذه الأيام، لتحرير الملك العمومي بعد احتلاله من طرف الخواص بمدينة وجدة، لم تثن عزيمة العديد من المترامين على مساحات من الملك العمومي من الأرصفة والفضاءات المحيطة حتى الخضراء منها في بعض أركان المدينة واستغلالها للمصالح الشخصية والأنشطة التجارية على حساب أمن وسلامة وحرية المواطنين. ومباشرة بعد مرور لجن المراقبة والتنبيه والتهديد بالحجز، يعود المعنيون بالأمر إلى إخراج سلعهم وبسطها على واجهة المتاجر وعرض البضائع وسط الطرقات واستعادة الفضاء المحرر، في عملية كرّ وفرّ دون ملل ولا كلل. ضاق المواطنون وعبروا عن استيائهم وسخطهم من زحف أصحاب المقاهي والمحلات التجارية وضمهم لمساحات شاسعة أضعاف أضعاف مساحات محلاتهم من أرصفة للشوارع والطرقات والساحات بمدينة وجدة ونافسهم في ذلك البائعة الجائلون والقارّون ولم يتركوا حتى مسالك للمارة والراجلين والمتجولين من المواطنين الذين يضطرون للنزول إلى الطرقات مزاحمين بذلك السيارات والدراجات النارية والهوائية والشاحنات والحافلات والعربات. لقد تجاوز البعض سلطة القانون ومنح لنفسه سلطات أكبر بحيازته للملك العمومي، في غياب أي رادع ومانع، وأجهز على حرية المواطنين وعمد إلى تثبيت أعمدة حديدية على الأرصفة بحجة منع السيارات من الوقوف وإغلاق منافذ متاجره ومضايقة الزبائن المرتادين عليه، ومنهم من يقوم بطلاء الرصيف باللونين الأبيض والأحمر في إشارة إلى "ممنوع الوقوف" أو يصفف على طول الطريق بجانب الرصيف صناديق أو مزهريات أو أي حاجز من الحواجز يمنع وقوف السيارات أو أي آلية، ومنهم من يكوم سلعه وبضائعه على الرصيف ويترك الطريق للمارة والمتبضعين معرضا حياتهم لخطر حوادث السير كما سبق أن وقعت ولا زالت تقع يوميا. مواطنون كثيرون يغرسون أشجار الزيتون أو نوعا من شجر البرتقال المرّ أو أخرى من نوع مختلف أمام منازلهم وسط الأرصفة دون استشارة المصالح البلدية المكلفة بالأغراس المناسبة لجمالية المدينة. هذه الأشجار، غالبا ما تنبت على سطح الأرض وتتفرع أغصانها في غياب التشذيب والاهتمام اللهم جني بعض ثمارها التي لا تساوي عذابها وعناءها، ومن هذه الأشجار ما يحجب الرؤية عنم السائقين ومنها ما يشغل الرصيف كلّه ويمنع المارة من استغلاله ويضطرون إلى ارتياد الطريق. لقد سبق أن وجهت عدة مؤسسات شكايات للسلطات المنتخبة والمحلية وعبرت أخرى عن امتعاضها لما آلت إليه الأرصفة بشوارع المدينة الألفية وطرقاتها وساحاتها، بل دخل بعضها في صراع صريح ومباشر مع أرباب المقاهي والباعة المحتلون للملك العمومية بل هناك من شغلت بضائعه أبواب المنازل في بعض الأحياء واحتج بقوة بتنظيمه لوقفة احتجاجية ورغم ذلك تمادى المحتلون وتجاوزوا الحدود المسموح بها بل دخل بعضهم في صراع حتى مع السلطات المحلية. سبق لسلطة المحلية أن نفذت حملات مفاجئة خلال السنة الماضية لتحرير الشوارع والطرقات المحتلة وقامت بحجز عدد من الكراسي والطاولات والشماسات ومزهريات ولوحات إشهارية، كما وجه رئيس المجلس البلدي للجماعة الحضرية لمدينة وجدة رسائل وإنذارات في شأن احترام الملك العمومي وهدد باتخاذ إجراءات صارمة وأداء ذعائر لفرض احترام الملك العمومي واستغلال الفضاء في الحدود المسموح لهم بها. "كلام صار في حكم الماضي ورسائل في خانة ذكريات حيث عادت حليمة إلى عادتها القديمة، بل تجاوز الأمر كل ما كان يتوقع، وتكالب الكلّ على احتلال الملك العمومي أكثر من السابق، ولم لا والكلّ يتفرج عاجر عن فرض القانون على أمتار قليلة من مكتبه.."، يقول أحد المستشارين بنفس الجماعة بنبرة من اليأس والإحباط.