اختلفت مواقف نشطاء حقوقيين ورجال قانون مغاربة حول مدى شرعية ودستورية وضع السلطات المغربية لكاميرات فيديو تقوم بعملية المراقبة في عدد من الشوارع بالمدن الكبرى بالمغرب، من أجل رصد تحركات المجرمين ولحماية ممتلكات وأمن المغاربة من الشبكات الإجرامية. واعتبر حقوقيون أن الغاية من نصب كاميرات مراقبة في الشوارع والأزقة والمدارات الحضرية في المغرب يهدف إلى حماية الناس من اعتداءات محتملة للمجرمين ولمراقبة أي تحركات مشبوهة قد تستهدف أمن وسلامة الناس أو المؤسسات والمنشآت العمومية، باعتبار أن الجانب الأمني يَغلب على القانوني بسبب ازدياد حالات الاعتداءات على المواطنين. وفي المقابل، يرى آخرون أن وضع كاميرات مراقبة وتصوير في الشوارع مسألة غير قانونية، وتتطلب قانوناً خاصاً ينظم هذا النوع من المراقبة، وتتم مناقشته والمصادقة عليه في البرلمان المغربي، ذلك أن التصوير حق شخصي ويجب أن يكون بإذن المعنيين بالأمر. الغاية تبرر الوسيلة وقال الدكتور خالد الشرقاوي السموني، مدير المركز المغربي لحقوق الإنسان، في حديث ل"العربية.نت" إن الغاية تبرر الوسيلة بالنسبة لوضع كاميرات المراقبة بشوارع كُبريات المدن مثل الرباط والدار البيضاء، موضحاً أن الغاية هنا تكمن في حماية المواطنين من اعتداءات المجرمين وحماية حقوقهم في العيش في أمان وصون ممتلكاتهم الخاصة من كل أذى أو انتهاك. وأضاف السموني أن هذه الكاميرات هي بمثابة "عين" الشرطة في الشوارع المكتظة بالمدن الكبيرة التي تصعب متابعة تحركات الناس فيها، مشيراً إلى أنه يلزم أن يساير هذه الكاميرات الكثيرُ من الفعالية من خلال ربطها بأجهزة المراقبة من أجل التدخل السريع في الحالات غير العادية التي تهدد أمن المواطنين وسلامتهم الجسدية. وشبّه المتحدث وضع كاميرات مراقبة الشوارع بتلك التي تُنصب في المساحات والفضاءات التجارية بالأسواق الكبرى من أجل تحديد المنحرفين واللصوص الذين قد يعيثون في السلع فساداً أو يشكلون مصدر خطر على أمن الأفراد. واستدرك بأن استعمال هذه الكاميرات إذا ما زاغ عن هدفها المحدد في رصد تحركات محتملة للمجرمين بغية الحد من انتشار الجريمة، فستكون حينها أداة تنتهك خصوصيات الفرد وحريته الشخصية، من قَبيل استغلالها في مراقبة ما بداخل السيارات مثلاً أو الاطلاع على المنازل والمواقع الحساسة. وزاد السموني أنه في مثل هذه الحالات تكون كاميرات المراقبة تشتغل من أجل التجسس على الناس وفق منطق العمل الاستخباراتي، بعيداً عن حماية المواطنين في أبدانهم وممتلكاتهم وحرياتهم الخاصة التي لا ينبغي المساس بها. وأعرب مصطفى الرميد، رئيس منتدى الكرامة لحقوق الإنسان، عن ارتباط وضع كاميرات مراقبة في الشوارع بجانبين أولهما حقوقي والثاني قانوني، حيث إنه يلزم حماية المعطيات الشخصية للأفراد، لكن أيضاً ينبغي حماية المواطنين من الاعتداءات التي تكاثرت في المجتمع المغربي. وركز الرميد على ضرورة تقديم جلب المصالح على درء المفاسد، وتغليب الجانب الأمني على القانوني في خضم ارتفاع حالات الجرائم المُرتكَبة ضد الناس، شرط عدم استعمال هذه الكاميرات حين لا تستوجب حالة الإجرام فرض مراقبة مكثفة لتحركات الأشخاص. الصورة حق شخصي لكن الناشط الحقوقي والمحامي توفيق مساعف له رأي مخالف تماماً لما سبق، حيث أكد أن وضع كاميرات للمراقبة في شوارع المدن الكبرى بالمغرب يعتبر غير قانوني لكونه لا يستند إلى قانون خاص يصادق عليه البرلمان ويكون خاضعاً للقضاء، حتى يبيح مراقبة السلطات لتحركات الأفراد بالشوارع والأزقة. وشدد مساعف في تصريحات ل"العربية.نت" على لا قانونية هذا الإجراء حالياً حتى لو كانت دواعيه تتمثل في انتشار الجريمة في الطرقات، مردفاً أنه إذا لم تأت المبادرة من البرلمان لإقرار وضع كاميرات المراقبة داخل المدارات الحضرية، فإن تلك الكاميرات تشكل مساً بحقوق المواطنين. وأضاف: تعد الصورة من الناحية القانوينة حقاً شخصياً للمعني بالأمر، وبالتالي فإن تصوير الناس عبر كاميرات فيديو في الشوراع هو خرق لهذا الحق الشخصي، ولا يكون تصوير الناس قانونياً إلا إذا تم أخذ إذنهم وموافقتهم على ذلك الأمر. واستطرد أن تصوير المعتقلين مثلاً من دون إذنهم يؤدي إلى عقوبة قانونية ضد من قام به، في حين أن تصوير المواطنين لا يكون مقبولاً قانوناً إلا بعد نيل إذن مُسبق منهم، مشيراً إلى أن كاميرات مراقبة تحركات الناس والسيارات قد تكشف أسرارهم أو علاقاتهم الخاصة وتخرق حياتهم الحميمية، الأمر الذي يبيح لمن تضرر من ذلك أن يلجأ إلى القضاء ضد بثّ تلك الآلات في الشوارع. العربية