الأسباب تعود إلى خلفيات اجتماعية وسيكولوجية عديدة منها "أن الفتاة أكثر حناناً" تدفع "موضة" المواليد الإناث المنتشرة في المجتمع المغربي الكثير من المغربيات إلى تمني أن تحمل أحشاؤهن إناثاً، سواء بالنسبة لمن لهن أبناء ذكور أو من ليس لهن سوى الإناث، وذلك حتى يحققن حلماً يراود العديد من الأمهات في أن يصبحن أمهات للبنات. ويؤكد مراقبون هذا التوجه لدى المغربيات، ويعزونه إلى دوافع عاطفية ونفسية واجتماعية، تتمثل أساساً في الاعتقاد السائد بكون الفتاة تنفع أكثر من الولد، وبأن البنات أكثر حناناً ورأفة على أمهاتهن، فضلاً عن اعتبارهن "مشاريع" مُربحة في "صفقات" زواج مستقبلية. البنات "حنينات" سعاد البازي، زوجة في عقدها الثالث، لديها ابنتان لكنها رغم ذلك لا تزال تأمل في أن تُرزق بمولودة جديدة، وقالت في تصريح ل"العربية.نت" إنها بخلاف زوجها تطمح لأن تصير أما لقبيلة من البنات، لأن تربيتهن تكون أسهل من تربية الأولاد الذكور، ولكونها تميل عاطفياً إلى التعامل مع الفتيات أكثر من غيرهن"، وفق تعبير هذه السيدة. من جانبها أكدت الدكتورة نفيسة السبتي، طبيبة نساء وتوليد، ل"العربية.نت" أن الواقع الميداني الذي سجلته وفق أغلب الحالات التي تفد إليها في عيادتها الخاصة، تثبت بالفعل توجه السيدات المغربيات إلى تفضيل المواليد الإناث على الذكور، إلا في حالات استثنائية من قبيل الزوج غير المهادن الذي "يأمر" زوجته بأن لا تلد له سوى الذكور، دون أدنى فهم لطبيعة عملية الولادة. واستطردت الطبيبة بأن انقلاباً كبيراً وقع خلال السنوات الأخيرة في ذهنية العديد من الأسر عموماً والنساء المغربيات خاصة، وذلك بسبب التغيرات الحاصلة في عمق النسيج الاجتماعي والاقتصادي والصحي، حيث كانت النساء لا يرغبن سوى في المواليد الذكور إرضاء لأزواجهن، غير أن الواقع انقلب حالياً رأساً على عقب بتفضيل الإناث على الذكور. وفي سياق ذي صلة، خصصت مغربيات أثناء فترة حملهن قسماً خاصاً في منتدى نسائي إلكتروني لتبادل البوح بمشاعرهن وأمانيهن في الحصول على مواليد إناث، حيث تحرص كل واحدة منهن على الدعاء للأخريات بأن يرزقهن الله أنثى، فيما يبحث بعضهن عن الأسماء الجميلة التي سيُطلقنها على مواليدهن الجدد. خلفيات اجتماعية ونفسية وفي هذا السياق أوضح الأخصائي التربوي والنفسي محمد الصدوقي، في تصريحات ل"العربية.نت"، أنه من خلال الملاحظات الميدانية المباشرة يمكن القول إن هناك بعض الأسباب الكامنة وراء هذا الميل لدى النساء المغربيات نحو المواليد الإناث، دون تحديد خصائصهن الاجتماعية والثقافية. وسرد الصدوقي بعض هذه العوامل التي تدفع المغربيات إلى تفضيل الإناث، ومنها أنهن أكثر حنانا من الذكور في تعاملهن واعتنائهن بالآباء، واعتبار الإناث "استثمارا مربحا" في"صفقات" الزواج، وأيضا اعتبار الإناث أسهل تربية من الذكور. وتابع الصدوقي أنه يمكن إجمال الخلفيات التي تحكم هذا الميل نحو المواليد الإناث في خلفيات سيكولوجية، من قبيل النقص العاطفي لدى النساء، وخصوصا تلك اللواتي يعشن وضعية اجتماعية وأسرية صعبة، مما يُولد لديهن نزعة لاشعورية نحو التعويض العاطفي من طرف البنت، لكونها أكثر حنانا من الذكر. وعزا المحلل أيضا هذا الميل إلى ما سماه "الصورة النفسية السلبية لدى الأنثى حول الذكر في مجتمعاتنا الذكورية العنيفة في تعاملها مع الأنثى، مما يجعل الأنثى (الأم) تميل لا شعورياً نحو المواليد الإناث ونبذ كل ما هو ذكوري ولو كان ولدا". واسترسل الصدوقي شارحاً الخلفيات الاجتماعية لمسألة المواليد الإناث، متمثلة في "ظروف الفقر، أو لهدف تحقيق تطلعات طبقية، حيث يتم اعتبار البنت توظيفاً ملائماً لتحقيق مصاهرة مربحة"، مشيراً إلى وجود خلفيات تربوية تتجلى في "الاعتقاد السائد بأن تربية البنات والتحكم فيهن أسهل من تربية الذكور"، وفق تعبير الأخصائي.