كشفت دراسة قام بها مؤخرا موقع "توظيف.كوم"، المتخصص في التشغيل عبر الإنترنت، أن 86% من الكوادر والكفاءات الشبابية المغربية ترغب في العمل خارج البلاد، باعتبار أن ذلك يتيح لهم كسب معارف جديدة وصقل كفاءاتهم وتجاربهم، فضلا عن تحسين مستواهم المعيشي الفردي. وعزا مراقبون هذه الهجرة إلى خارج الوطن، إلى جانب تطوير التجربة وتحسين الدخل المادي، إلى ظروف العمل في بعض المؤسسات الخاصة والعامة، التي تتسم برداءتها وفسادها والمحسوبيات التي تنخرها والتبعية عوضاً عن الكفاءة. ويحتل المغرب، وفق بعض الإحصاءات الرسمية، المرتبة الأولى عربيا على مستوى هجرة الأدمغة إلى الخارج. وتفقد الدول العربية سنويا 50% من الأطباء، و32% من المهندسين، و15% من الباحثين والأخصائيين في المجالات العلمية والتقنية. وتعتبر نسبة 86% نسبة مرتفعة جداً وتتجاوز المتوسط العالمي المحدد في 69%. أما الوجهات المفضلة بحسب المستطلعين في الدراسة الميدانية المذكورة فهي فرنساوكنداوالولاياتالمتحدةالأمريكية. إذ فضل 61% من الشباب تغيير مناصبهم بالتوجه نحو فرنسا، و 57 فضلوا كندا، فيما اختارحوالي 47% الولاياتالمتحدةالأمريكية. وتشكل المصارف القطاع الأكثر جذبا بنسبة تتجاوز 32%، في حين يأتي القطاع الصناعي والخدماتي في المرتبة الثانية بنسبة 27%، بينما أجاب 69% بأن الراتب هو الدافع الرئيسي لتغيير المكان. وقال يونس مفيد، أحد العاملين في مصرف كبير بالمغرب، في تصريح ل"العربية.نت" إنه يبحث حاليا عن منصب جديد في أحد المصارف الكندية، مثل العديد من زملائه في مجالات مختلفة، معللا رغبته هذه بكونه استنفد كل قدراته في المكان الذي يعمل فيه حالياً، ولم تعد أمامه آفاق مهنية جديدة تغريه بالاستمرار. واعتبر الحسين بنسعيد، المحلل الاقتصادي، في تصريحات ل"العربية.نت" بأن هجرة الكفاءات تزيد من عجز العرض الذي توفره مؤسسات التكوين الوطنية، الذي لا يستجيب أصلا لاحتياجات السوق الوطنية. وعزا بنسعيد مسببات هجرة الكفاءات المغربية إلى الرغبة في اكتساب التجربة، والزيادة في التكوين، واكتساب المعارف والخبرات في الميادين التي تكون فيها بالنظر إلى الفوارق المسجلة بين المغرب والدول المتقدمة في المجالات التقنية والعلمية. كما أن بعض العوامل تعود إلى ظروف العمل في بعض المؤسسات الخاصة والعامة في المغرب، التي تتسم برداءتها وتحكمها مبادئ فاسدة. ولفت المحلل إلى عوامل ثقافية أيضاً، حيث تم تكريس عقدة امتياز كل ما هو أجنبي، فالمتخرج الذي درس في الخارج وحصل على شهادة أجنبية أو على تجربة مهنية في الخارج، هو بالضرورة أفضل من العناصر التي درست وعملت محلياً. وختم لافتاً إلى عوامل أخرى تفسر الرغبة في الهجرة ترتبط بالذهنية الراسخة في الذاكرة الاجتماعية للمغاربة، التي تعتبر الهجرة بشكل عام حلا لجميع المشاكل الاجتماعية الاقتصادية.