حث وزراء في الحكومة التي يقودها حزب العدالة والتنمية ذو التوجه الإسلامي بالمغرب المواطنين المغاربة على التبرع بأعضائهم وأنسجتهم البشرية عقب وفاتهم، بهدف إنقاذ حياة العديد من المرضى الذين يحتاجون إلى زرع بعض الأعضاء لوضع حد لمعاناتهم وآلامهم الجسدية والنفسية. وقدم وزير العدل والحريات مصطفى الرميد ووزير الصحة الحسين الوردي نفسيهما نموذجا لهذه المبادرة الإنسانية بأن أعلنا، الأربعاء 2 مايو الجاري في ندوة بالدار البيضاء حول عمليات زرع الأعضاء والأنسجة البشرية، تسجيلهما ضمن لائحة المتبرعين بأعضائهما بعد وفاتهما، وهو نفس الأمر الذي سيقوم به وزير الاتصال مصطفى الخلفي قريبا. وتأتي دعوات وزراء حكومة "الإسلاميين" بالمغرب للتبرع بالأعضاء بعد الوفاة في سياق ضعف كبير لعدد المتبرعين في البلاد مقارنة مع دول أخرى، حيث تتحدث بعض الأرقام عن تسجيل 800 شخص فقط من بين أزيد من 30 مليون مغربي في لائحة المتبرعين. وبدأت مبادرة وزراء الحكومة المغربية بما أقدم عليه وزير العدل والحريات رفقة ابنته الطبيبة التي نالت شهادتها الجامعية حول موضوع زراعة الأعضاء، وتلاه وزير الصحة ثم وزير الاتصال والناطق الرسمي باسم الحكومة أيضا، فيما يُنتظر إقبال وزراء آخرين على الموافقة بالتسجيل ضمن الراغبين في التبرع بأعضائهم بعد الوفاة. وطالب الوزراء الذين تبرعوا بأعضائهم بأن تُدشن قريبا حملة لتوعية المغاربة بأهمية وضرورة التبرع بالأعضاء لفائدة المرضى الذين يحتاجون تلك الأعضاء، معتبرين أن التبرع بالأعضاء والأنسجة البشرية يجب أن يكون بمرور الأيام ثقافة نبيلة مُرسخة في سلوك المغاربة. وتعتبر الدكتورة رجاء ناجي مكاوي، الخبيرة في مجال القانون الصحي التي ساهمت في وضع قانون زراعة الأعضاء بالمغرب، بأن التبرع بالأعضاء والأنسجة بعد الوفاة هو منحة إنسانية سامية لا تقدر بثمن، وإحياء للنفس البشرية يكسب منه المتبرع أجرا وثوابا عظيما عند الله يستمر مادامت الحياة تدب في جسد المُتبرَّع له. وأفادت مكاوي، التي تبرعت بأعضائها هي أيضا قبل مدة، بأن الذي يُحجم المغاربة عن التبرع بكثافة بأعضائهم يُعزى أساسا إلى ضعف في التوعية والتواصل المطلوب لنشر ثقافة التبرع لدى الناس، وأيضا إلى ترسيخ بعض الصحف ووسائل الإعلام لصورة سلبية عن موضوع التبرع بالأعضاء من خلال بث أخبار عن سرقة الأعضاء والمتاجرة فيها. ويضبط القانون المغربي بشكل حازم عمليات التبرع بالأعضاء حتى لا يحدث التلاعب أو المتاجرة فيها، من خلال اشتراط القيام بعميلة التبرع في حالة موت الدماغ بالكشف عن ذلك بالأجهزة الطبية، وبإذن من عائلة المتبرع الذي سجل رغبته تلك في المحكمة المختصة؛ بينما تتم عملية التبرع بين الأحياء غالبا عبر الوالدين والإخوة والأخوال والأعمام. وتعد عمليات زرع الكلى وقرنيات العين أنجح عمليات زرع الأعضاء بالمغرب، لتوفر التقنيات والآلات الطبية الدقيقة لإنجاز ذلك فضلا عن المهارات والكفاءات العلمية التي تتوفر عليها المستشفيات والمراكز الصحية بالمغرب، غير أن عمليات زرع الكبد والرئة والنخاع الشوكي تظل قليلة جدا إلى حد الندرة في البلاد. وبالرغم من هذا الوضع، فإن مرضى مغاربة يشتكون من عدم العثور على من يتبرعون لهم، سواء مرضى القصور في وظائف الكلى الذين يعانون من آلام تصفية الدم كل أسبوع، أو المرضى الذين يحتاجون إلى عمليات زرع القرنيات التي يتم استيرادها من طرف المغرب خاصة من أمريكا اللاتينية. وفي هذا الصدد تتحدث بعض الإحصائيات عن حوالي سبعة آلاف مريض بداء الفشل الكلوي، لكن فقط 180 مريضا من استفادوا من زراعة الكلى من طرف أقرباء أحياء من الدرجة الأولى والثانية وفق ما يسمح به القانون المغربي. وبالنسبة للقرنية فإن حوالي أربعة آلاف مريض معرضون للعمى لأنهم لا يمكنهم زرع قرنيات جديدة. وتنادي جهات عديدة بأن يستفيد المغرب من ارتفاع نسبة حوادث السير التي تشهدها الطرقات والشوارع بالبلاد، إلى حد أن المغرب يعد أول بلد عربي وسادس بلد في العالم من حيث معدل حوادث السير القاتلة، لكونه يسجل سنويا زهاء 4000 قتيل وآلاف الجرحى. ويطالب البعض بدعم زراعة الأعضاء البشرية في المغرب من خلال الاستفادة من جثث القتلى بسبب حوادث السير الذين يفدون على المستشفيات كل يوم، بغية إنقاذ حياة آلاف الناس الذين يُجبرون على الانتظار الطويل في حالة طلب زرع عضو معين.