نظمت شخصيات علمانية مغربية تنشط ضمن "مجموعة الديمقراطية والحداثة" مؤتمراً دولياً برعاية السفارة البريطانية بالرباط، وأوصت ب"تشكيل لوبي علماني ضاغط على الحكومة والبرلمان من أجل إقرار حرية المعتقد دستورياً"، ما أثار جدلاً بين مؤيد ورافض لهذه الدعوات. واعتبر المناوئون للدعوة إلى ذكر حرية المعتقد في الدستور، أن ذلك يعني الردة التي هي خروج عن النظام العام للمجتمع المسلم، وتغيير للولاء وانتقال من أمة إلى أمة، أما المناصرون لهذه الفكرة فرأوا أن الدعوة إلى إقرار حرية المعتقد أتت نتيجة الخوف على مستقبل الوطن بعد سعي التيارات الدينية إلى إلغاء حقوق النساء والحريات الفردية، ومنها حرية الاعتقاد. وكان نور الدين عيوش، الناشط المدني الشهير رئيس "مجموعة الديمقراطية والحداثة"، قد طالب بإقرار حرية المعتقد وذكرها في الدستور والقانون الجنائي، كما دعت المجموعة ذاتها إلى إعادة النظر في بعض فصول مدوّنة الأسرة المتعلقة بالزواج، مثل أن يكون من حق المرأة المسلمة الزواج من غير المسلم، وإقرار حق المرأة في الإجهاض. وأوضح الداعية الإسلامي الشيخ أبوحفص محمد عبدالوهاب رفيقي، في تصريحات ل"العربية.نت"، أنه "عند الحديث عن حرية المعتقد لا نتكلم عن الكافر الذي لم يُسلم أبداً، فهو لا يُكره على تغيير دينه في قول جمهور الفقهاء، وإنما نتكلم عن مَنْ كان مسلماً ثم أراد تغيير دينه". وشرح أبوحفص أن المجتمع المسلم، كما كل مجتمعات العالم بما فيها المجتمعات العلمانية، له نظامه العام الذي تحميه الدولة وتصونه بسلطتها وقوتها، ولا تسمح لأحد بخرقه ومخالفته، مشيراً إلى أن الردّة خروج عن النظام العام للمجتمع المسلم، وخيانة عظمى له، يستحق صاحبها أقصى العقوبات وأشدها. ولفت إلى أن المرتد إذا أقدم على ذلك في بيته وخلوته، فلا حق لأحد في التجسس عليه، لكن المجاهر المعلن بذلك يشكل خطراً على بنية المجتمع، حيث إن إعلانه لابد له من تأثير على بعض ضعاف القلوب ومن قلت معرفته بدينه وأصوله. وختم أبوحفص محذراً من أن "هذا الوضع قد يسمح بوجود جماعة مناوئة للتوجه الرسمي والشعبي للدولة، ولعلها تستعين في ذلك بجهات أجنبية، أو تكوّن لوبيات سرية، وتحدث شرخاً اجتماعياً وفكرياً وسياسياً، بل ربما تطور الوضع لفتنة داخلية وحرب أهلية؛ فلذلك لابد من حسم مادة الفساد، والتضحية بحق الفرد حماية لحق المجتمع". وفي المقابل لفت سعيد لكحل، الباحث في الحركات الإسلامية، الى أن عدة أحداث حصلت في المغرب وتونس بعد فوز الإسلاميين بالانتخابات تشير الى نزوع التيارين الإسلامي والسلفي إلى أسلمة المجتمع ومؤسسات الدولة وفق تصوّرهما، معطياً كمثل على ذلك ظهور ما بات يُعرف باللجان الشعبية التي تتولى تنظيم دوريات على غرار دوريات الأمن بداعي محاربة الدعارة. وحذر لكحل، ل"العربية.نت"، من سعي التيارات الدينية إلى "طَلبَنَة" المجتمعات وإلغاء المكتسبات التي تحققت على مستوى حقوق الإنسان وحقوق النساء والحريات الفردية، وضمنها حرية المعتقد، الأمر الذي جعل التيار الحداثي والعلماني يشعر بالخطر على مستقبل الوطن والمواطنين، حسب قوله. وأضاف: "لهذا جاءت المطالبات بتشكيل تكتّل أو لُوبي حداثي علماني لممارسة الضغط على الدولة، بهدف تكريس حرية المعتقد في الدستور وحماية المكتسبات في مجال حقوق الإنسان وتوسيعها، وذكرها في القانون الجنائي ومدونة الأسرة والمقررات الدراسية". وتوقع لكحل أنه من شأن هذه الدعوة أن تخلق استقطابات حادة داخل المجتمع، خصوصاً إذا شرع التيار الحداثي - العلماني في التعبئة والتواصل المباشر مع عموم المواطنين عبر مكونات المجتمع المدني، مشيراً إلى أن التيار الديني قد يفتح جبهة مقاومة يستغل فيها المؤسسات الدينية وشبكة الجمعيات التابعة له، الأمر الذي قد يهدد السلم الأهلي في المغرب.