نعود لكم اعزائي القراء من جديد على قصة من قصص سلسلة "اقرا" للكاتب احمد بوكماخ الذي تربت على يد كتبه أجيال من المغاربة ،ولا يزال الكثير من الشيوخ يتذكرونها بنوع من الحنين الطفولي تجر المغاربة للافتخار بكونهم خريجي مدرسة بوكماخ ،هذا الرجل الذي ظل حيا في قلوب المغاربة بكتبه. ساتقاسم معكم اليوم قصة جديدة عنونها كاتبنا ب" الثرثار ومحب الاختصار " ورواها كما يلي: ترافق شيخان في سفر ،وكان أحدهما ثرثارا ،بينما الآخر يحب الاختصار ،فلما وصلا إلى المكان الذي كان يقصدانه،احس الثرثار برأسه يلتهب من الحمى ،فسقط مريضا ...وبعد بضعة أيام عزم رفيقه على العودة إلى بلده ،فاراد الثرثار أن يحمله رسالة إلى أهله لأن المرض اعجزه عن العودة مع رفيقه ... فقال الثرثار لرفيقه قل لاهلي : لقد اصابه صداع في رأسه ،والم في اضراسه ،وفترت يداه ،وتورمت رجلاه ،وانحلت ركبتاه،واصابه وجع في ظهره،وخفقان في قلبه ،وسكتة في لسانه. فقال الرفيق ياسيدي الشيخ ،انا رجل أكره أن أطيل الكلام ولذلك ساقول لهم (( مات والسلام )) تقترب بعض المحطات ونحن نتابع فيها ثرثرة السياسيون والنخبويون في التجمعات والمؤتمرات واللقائات مع الجماهير، وفي قبة البرلمان ،يحاولون تسويق أنفسهم من جديد وينتقدون مرتكبي الأخطاء الماضية،ويريدون الانتقال نحو بداية جديدة ،وبين نخبة تعتقد بأنها ستساهم في تقديم حلول للأزمات ،ومحاربة الفساد والمفسدين ،هذه الفئة التي تتحكم في المجال السياسي في البلاد ،ولعل من أهمها ظاهرة الثرثرة السياسية التي بدأت تطغي على أحاديث السياسيين وحاشيتهم النخبوية،والثرثرة السياسية فهي مجرد لغو فارغ وأحاديث تعبر عن نرجسية سياسية تريد أن تسوق نفسها بأنها صاحبة فضل في تصديها للأمور للشأن السياسي وتقدم نفسها باعتبار صاحبها يعلم الخبايا والأسرار التي لا يدركها المواطن العادي والحديث عن انجازات لا يلتمس منها المواطن اي شيئ.