اعتبر أستاذ علم السياسة والقانون الدستوري بالكلية متعددة التخصصات بالناظور، محمد الرضواني، أن طرح قضية الانفراج الحقوقي والسياسي في برامج عدد من الأحزاب يعد من "عبث الممارسة الحزبية"، واصفا هذه البرامج ب"المداخلات" التي لا ترقى لبرامج حقيقية. وفي حديث لمدار21 حول مدى قدرة الأحزاب السياسية على الدفع باتجاه انفراجة حقوقية بالمغرب مع حديث بعضها عن هذا الأمر في برامجها أو عبر نداءات أطلقتها مع دخول السنة الانتخابية، تساءل الرضواني "كيف لهذه الأحزاب التي اتهمت حراكيي وحراكيات الريف بالانفصال في خرجة سوريالية، والتي لم تقدم على أي مبادرة للضغط، أو الاحتجاج أو الاستقالة أن ترفع اليوم شعار الانفراج الحقوقي؟". وذهب المحلل السياسي أبعد من ذلك محملا هذه الأحزاب "مسؤولية ما آل إليه الوضع الحقوقي في المغرب"، قائلا "في عهد الحكومات التي قادتها هذه الأحزاب أو شاركت فيها عرف المغرب العديد من الحالات التي انتهكت فيها حقوق الإنسان، سواء تعلق الأمر بحراك الريف أو احتجاجات جرادة، أو قضايا صحفيين، لذا فطرح قضية الانفراج الحقوقي والسياسي في برامج عدد من الأحزاب يعد من عبث الممارسة الحزبية". الحكومة المقبلة لن تؤثر بقضية الحقوق وزاد أنه "بغض النظر عن مكونات الحكومة المقبلة، وعن الحزب الذي سيقودها، فإن قرار الانفراج الحقوقي لا تملكه الأحزاب"، إذ أن "جلها غير مستقلة وتمارس اللعبة السياسية وفق القواعد والمحددات المرسومة من طرف النظام السياسي". وذكر أستاذ القانون الدستوري بكون "جميع مبادرات العفو الملكي عن معتقلي الحراك الاجتماعي أو بعض الصحفيين لم تلعب فيها الأحزاب السياسية أي دور يذكر، وإنما ارتبطت بالمسار القانوني للعفو، أو بمقترحات المجلس الوطني لحقوق الإنسان، أو بعض الشخصيات السياسية". وأوضح الأكاديمي المغربي، ردا على أسئلة مدار21، أن "الانفراج الحقوقي والسياسي يرتبط بإرادة السلطة العليا أساسا، ولا يتوقف على السلطات الواقعية للحكومة"، مقدّرا أن "المغرب لا يعرف ممارسة ديمقراطية، ولم يصل بعد إلى مستوى وجود حكومة تطبق برنامجها وتفرض إرادتها وذاتها في مثل هذا المجال". الخوف على المناصب وتابع "صحيح الحكومة تتوفر دستوريا على العديد من الآليات والقنوات لصناعة السياسات، غير أن القرارات السياسية الكبرى، وذات الوقع الداخلي والخارجي السياسي المهم، لم تستطع الحكومة أن تفرض فيها الكثير من هوامش التأثير". وأكد بهذا الخصوص أن "الأمر لا يرتبط بما هو دستوري ومؤسساتي فقط، ولكن يرتبط أيضا بالنخبة الوزارية وبالأشخاص، فالنخب السياسية المغربية لم تصل بعد إلى درجة الدفاع عن مبادراتها ومواقفها، إلى حد التضحية بمناصبها". واعتبر الخبير الدستوري أن "صناعة القرارات المتعلقة بالمحطات السياسية الكبرى، كالتناوب، والانفراج السياسي، والإصلاحات الحقوقية والإنصاف الحقوقي، عملية جد معقدة وترتبط بمؤسسات عدة، مستقلة عمليا عن رئيس الحكومة، بل وتفوقه سلطة، كما تخضع لصيرورات خفية نجهل محدداتها وموجهاتها". ظروف دولية غير مشجعة وأحال، في سياق تفكيكه لتأثير الأحزاب في صناعة القرار الحقوقي، على الظروف الدولية منذ العشرية الأولى من الألفية الثالثة، معتبرا أنها " لا تشجع على احترام حقوق الإنسان". "فالانتهاكات الحقوقية"، يواصل الرضواني، "أصبح وقعها وآثارها على الدول غير الديمقراطية ضعيفا وأقل درجة من السنوات السابقة، ذلك أن العالم يعرف تراجعات حقوقية منذ أحداث 11 شتنبر في الولاياتالمتحدة وما تلاها من أحداث كبرى خاصة الأزمة الاقتصادية العالمية، والمسارات التي اتخذتها أحداث الربيع العربي، وتزايد تأثير الأموال الخفية والسرية في الحياة السياسية والاقتصادية في بعض الدول الغربية". وعلى مستوى تأثير هذا الوضع في صناعة القرار الحقوقي بالمغرب، ذهب أستاذ علم السياسة والقانون الدستوري بالناظور إلى أن "المؤثرات والظروف الخارجية لا تضع حملا على النظام السياسي المغربي للانخراط مجددا في انفراج حقوقي".