الجو رتيب يبعث على الخمول... الشمس محتشمة... الحرارة تستعد للهيجان لكن السحب تحبس أنفاسها... كما يحبس الناموس أنفاسنا طيلة الليل... وفي واضحة النهار... وكأنه يشتغل على شاكلة دوريات منظمة... الناس صامتون... يبحلقون... وكأن عقولهم تدور في الخواء... مساكين... يبحثون بلا جدوى عن معنى لهذا اللامعنى... فات رمضان... مر العيد... واستمر الحجر... رغم ان الشمس تزيد تتنعنع مع الثامنة مساء... مع ذلك يخرج الناس... تستمر الحركة... وكأن لا حجر في زمن الحجر... فيحار الجميع... التلفزات تعج بالأخبار ... اطفال في غزة يقاومون الرصاص ويقتلون... واطفال يقاومون الأمواج ويرحلون... البواخر مربوطة في الموانئ... الطائرات تزقزق فارغة في الفراغ كما العصافير... برشلونة فقدت صوابها ببطولة... مدريد يتنافس فيها الإخوان على بطولة في ميادين فارغة.... وهنا لا تزال الطرق تُحفر... وأخرى تُعاد وتُحفز... أما الناموس... والشنيولة... فقد مددوا أرجلهم فوقنا يعيثون فينا فسادا... الناموس والشنيولة وحدهما من جبروا راحتهما... يتكسلان علينا كما شاءا... يتسركلان أنّى شاءا... غير مكترثين لا بالحجر الصحي ولا بقرار ضبط الجولان... ناموس هذا العام أكثر وأكبر من ناموس العام الماضي... غليظ... مفتول العضلات... وكأنه يمارس رياضة حمل الأثقال... قال خالي وهو يتابع ما أكتبه... التفتت اليه وتابعت الكتابة في صمت... إنه أيضا مسلح بكاتم للصمت بحيث لا تسمع له رنينا ولا أزيزا... ولا تشعر به إلا وقد قرصك وسكَفَ ما شاء من دمك... دون استئذان وبلا حشمة ولا وقار... أنت الذي لا دم فيك... بالكاد تجمع ما تحتاجه لضمان الدورة الدموية... لم يستشف خالي هذا الصمت... وتدخل... ماذا تريد من مجتمع لا يزال يعاني من قرص الناموس!؟... ماذا تنتظر ممن استعمره الناموس ولا يحرك ساكنا... إلا حين يحرك يده للحك...؟!... لا مفر لنا غير الأشماز ملاذا... كتبتُ وأنا أجيبه... ولا سلاح لنا غير أظفارنا... فطوبى لمالكي الأظافر الطويلة... أما مالكي سلطة تسيير جماعتنا فلا سلطة لديهم على الناموس ولا على الشنيولة... أصلا هذا ليس شأنهم... ولم يكن يوما ضمن برنامجهم السياسي والاجتماعي... هل سمعت أحدا يجهر بكونه مرشح لمحاربة الناموس والشينولة؟!... أبدا...