منذ الاستقلال السياسي إلى اليوم عرفت ثروات بلادنا المادية نهبا ممنهجا واستغلالا همجيا مفرطا ملحوظامما أدى الى ظهور طبقة جديدة جشعة ومتوحشة من الأثرياء تجمعت لديها ثروة قارونيةعن طريقة مجموعة من المسارات المنحرفة والمنظمة لعب فيها العمل السياسي وتحمل المسؤولية في مراكزالقرارللدولة دورا أساسيالجمعهاوولوج نادي الأثرياء الكبارفي زمن قياسي جدا.وبالمقابل من هذا العمل الخسيس والدنيء، ظهرت طبقة مسحوقة وواسعة من الفقراء وجيوش من العاطلين والمهمشين والمحرومين واتسعت الفوارق الطبقية والجهوية بشكل مريع، فخيبوا آمال جيل عريض من شباب بعد الإستقلال يحب وطنه ويريد إثبات وجوده. ولأنه لايمكن للظلام أن يدوم أبدا كما يقال،وتلك سنة الله في خلقه ،جاءت رياح الربيع العربي من حيث لاتشتهيها فلول الفساد فأزاحت الرماد عن الجمر فخرج الناس في البلاد الى الشوارع يطالبون بالتغييرومحاربة الفسادالذي صارت له أسنان وأظافر تمزق كل يوم جلود الناس وتخدش وجوههم أمام الإدارات والمحاكم والمستشفيات والطرقات..الناس الذين أنهكهم الألم والفاقة والذين صبروا صبر جمال الصحراءعلى العطش خرجوا الى الشوارع لأنهم يعلمون علم اليقين أن الفساد لا يمكن مكافحتة بلعنه اوحتى بالبصق على وجهه ، بل بالوقوف ضده بكل جرأة وقوة رغم كيد الكائدين وظلم الظالمين وفساد الفاسدين لأن الله لايهدي المفسدين.. أهمية هذا الحديث هوأنه إذا كنا حقيقة أمام رغبة تغيير حقيقية لتصحيح مسار كان يبدو أنه في السنوات وحتى الشهورالأخيرة لا يقود إلى شيء سوى الهاوية خاصة مع ما نراه من استفحال الفقر والبطالة والإحتجاجات وتردي في الخدمات العمومية والأحوال المعيشية للناس مع الإرتفاع الصاروخي للأسعار، وإذا كنا فعلا اليوم نروم التغيير مع هبوب رياح التغييرمع الربيع العربي على بلدنا، ومع التعديلات الدستورية الجديدة، ما علينا اولا إلا بمحاربة الفساد وتعقب اللصوص الذين سرقوا مقدرات وثروات وقوت هذا الشعب بالتحايل تارة وبالقانون تارة أخرى. فنحن نسمع ونقرأ يوميافي الصحف العالمية والوطنية المستقلة وحتى في وثائق ويكليكس عن ثروات خيالية لزوجاتهم وأبنائهم ، فمن أين لهم بتلك الثروات ياترى؟، هل حصلوا عليها بعرق جبينهم؟،لاثم لا،لقد حصلوا عليها بسبب فسادهم واستغلال مراكزنفوذهم وخيانة الأمانة التي أاتمنهم الشعب عليها، فسمسروا وسرقوا وارتشوا وتربحوا بدون ضمير ولاروح وطنية.وبدون محاسبة هؤلاء اللصوص والفاسدين واسترجاع اليوم مانهبوه وصرفه في تحسين أوضاع عامة الناس وإعادة بناء الإنسان المغربي، وتأهيله وإقناعه بأن الرشوة واستغلال النفوذ من اجل التربح والإغتناء السريع صفة لا ينبغى لأحد أن يتباهى بها، فلا ينبغي ان نتحدث عن التغييرودولة الحق والقانون التي يطمح اليها الجميع..وبدون هذا لايمكن في ظل هذا الوضع التعيس والمخيب أن نحلم ببناء مغرب جديد ديموقراطي متطوروعصري، مادام ان الحيتان الكبيرة لاتزال تفسد وتلتهم بلا حياءالأسماك الصغيرة ويتطاول الكبير منهاعلى الصغير بلا مروءة،ولاوطنية..قد يقول قائل بأنني أصم النخبة الحاكمة وحدها بالفسادوالعاردون ذكرنصيب عامة الشعب الذي أرضع حقه أيضا من هذاالفساد وساهم فيه ، فأنا هنا أريد أن أقول كما يقول المثل الصيني «لايمكن أن نبدأ التنظيف من تحت بينما الأوساخ تسقط من فوق».والله المستعان.