المغرب يستقطب 2 مليون سائح إسباني.. وجهة بديلة عن السفر الداخلي    ارتفاع حصيلة ضحايا حادث تحطم طائرة في كوريا إلى 174 قتيلا    البطولة: الشباب السالمي يعود بالنقاط الثلاث من الزمامرة عقب الانتصار على الدفاع الجديدي    شخصيات بارزة وجمهور شغوف يحيون ليالي الجاز في دار الصويري    2024 سنة تأكيد تفوق كرة القدم الوطنية    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الاثنين    سكوري: الحكومة سطرت خطة جديدة في مجال التشغيل للقضاء على البطالة    موجة برد وزخات قوية تستمر 3 أيام في المغرب    ما الفرق بين قاعدة الولد للفراش والخبرة الجينية !!!    إقالة المدربين الأجانب هل تؤثر على أداء أندية القسم الاحترافي    لجنة الانضباط في الكاف تغرم نادي الجيش الملكي 15,000 دولار أمريكي    مستشار رئيس حكومة القبائل يكتب عن التحرر من قيود النظام الجزائري    الصحة العالمية تكشف سر المرض الغامض في الكونغو    محمد أوشن يناقش أطروحة الدكتوراه في التاريخ المعاصر    مهاجرون ينجحون في الوصول إلى إسبانيا انطلاقا من ساحل الحسيمة    يواجه إسرائيل بردائه الأبيض.. حسام أبو صفية طبيب بغزة "ما هزّته دولة نووية"    تقرير دولي: الجزائر وتونس في مواجهة تحديات أزمة الجوع    دراسة حديثة تظهر وجود تريليونات الأطنان من الهيدروجين تحت سطح الأرض    ما حقيقة استفادة الستريمر إلياس المالكي من تخفيف الحكم؟    دراسة: اكتشاف طفرة جينية قد تساعد على إبطاء نمو أنواع من السرطان    الولايات المتحدة.. تحور فيروس إنفلونزا الطيور يثير قلقا علميا    جهود متواصلة لقطر سفينة بحرية مغربية جانحة بين الصخور قبالة الناظور    بلجيكا تحظر بيع السجائر الإلكترونية اعتبارا من الشهر المقبل    تحسن الليرة السورية مقابل الدولار    مندوبية التخطيط تتمسك بنسبة الأمازيغية وتوضح اختلافات معدل البطالة    نسبة ملء سدود المغرب تصل إلى 28 % وسط تحذيرات من أزمة فلاحية    انطلاق فعاليات الدورة العاشرة لمهرجان "بويا" النسائي الدولي للموسيقى في الحسيمة    وفاة رضيع خامس بالبرد في قطاع غزة    مدينة الفنيدق تحتضن منافسات كأس العرش للفول كونتاكت لمنتخبات العصب    خلال يوم واحد.. 3 حوادث طيران في كوريا والنرويج وكندا    أرضية ملعب العربي الزاولي تُعقد مهمة الرجاء أمام صن داونز    مقتل صحافية فلسطينية بنيران صديقة    مجلة إسبانية: المغرب في طريق ليصبح 'وادي سيليكون فالي' المستقبل    قيادي انفصالي يدعو لاحتلال موريتانيا ويتنبأ بتقسيم الجزائر    في الذكرى الرابعة للقرار الأمريكي لاعتراف واشنطن بمغربية الصحراء :    تدريب تلاميذ ضباط الأكاديمية الملكية العسكرية بمكناس.. تعزيز القدرة على التحمل وروح الفريق في بيئة صعبة    في مؤلف حديث.. صحفيون يروون ما لم يُرْوَ في تغطية زلزال الحوز    أبطال الكيك بوكسينغ والمواي طاي المغاربة يبصمون على موسم جيد خلال سنة 2024    ماكرون يدعو إلى وقف دائم لإطلاق النار بغزة    الولايات المتحدة.. إلغاء أو تأخير آلاف الرحلات الجوية جراء سوء الأحوال الجوية    حصاد 2024.. خطوات حاسمة نحو دولة اجتماعية متكاملة في المغرب    تقارير.. زيارة مرتقبة للملك محمد السادس إلى موريتانيا تعزز الشراكة الاستراتيجية    انتشار "بوحمرون" بإقليم شفشاون يدق ناقوس الخطر ومطالب عاجلة على طاولة الوزير    تحولات جوهرية في قطاع التكنولوجيا المالية خلال سنة 2024    رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو سيخضع لعملية جراحية لاستئصال البروستاتا    لقاء يجمع عامل إقليم الحسيمة مع ممثلي قطاع الطاكسيات    الترتيب ونتائج البطولة الاحترافية الدورة ال16    بحضور أزولاي.. لقاء ثقافي بالصويرة يبرز أهمية المكان في تشكيل الهوية    حجم تدخلات بنك المغرب بلغت 147,5 مليار درهم في المتوسط اليومي خلال أسبوع    عائلة أوليفيا هاسي تنعى نجمة فيلم "روميو وجولييت"    دراسة: أمراض القلب تزيد من خطر اضطراب الخلايا العصبية    مبادرة مدنية للترافع على التراث الثقافي في لقاءات مع الفرق والمجموعة النيابية بمجلس النواب    وفاة زوج الفنانة المصرية نشوى مصطفى وهي تناشد جمهورها "أبوس إيديكم عايزة ناس كتير تيجي للصلاة عليه"    الثورة السورية والحكم العطائية..    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رسالة إلى صديق إسلاموي
نشر في ناظور سيتي يوم 14 - 10 - 2011

صديقي الإسلاموي (1) أكتب لك هاته الرسالة لأني أرى أن الهوة التي تفصلنا تزداد إتساعا، أكتب لك هاته الرسالة لعلنا بها نذيب جبال الجليد التي تفرق سبلنا وتشتت جمعنا، أعلم أنك لن تجيب رسالتي لعلمي اليقين أنك واهم نفسك تمتلك مفاتيح الحقيقة والبصيرة وأنك وحدك من يركب قارب النجاة والبقية هالكين وأن شعبتك في الجنة والباقي في النار(2) ، لكني أكتب لك إمتثالا لقوله تعالى {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِى هِىَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ } (3) ، وأدعوا الله أن ينير بصيرتك لعلك تفقه قولي .
مغالطات إسلاموية
صديقي الإسلاموي ، كثيرا ما تفحمنا بشعارات جميلة ورائعة من قبيل : الإسلام دين الوسطية والإعتدال ، دين العقل والمنطق ، دين النور والهداية ، دين العدل والمساواة ، دين كل الأجناس والأعراق ، دين الغني والفقير ، فهل أنت يا صديقي الإسلاموي تؤمن بهذا ؟ أجدك تحاول الرد بالإيجاب لكن إنتظر لحظة وإنظر لنفسك بمرآة حقيقية تعكس لك حقيقة ما تؤمن به وما تمارسه .
الوسطية والإعتدال
لقد أخذ الإسلام مسلكا وسطا بين باقي الشرائع السماوية منها والأرضية ، مسلك يضمن به الطمئنينة والسعادة لمعتنقيه بدون الإسراف في التحريم والغلو ولا التحليل والإنحلال مصداقا لوقله تعالى { وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً } (4)، وسطا بين من يؤمن بالعقل وحده وينفي وجود الله وبين من يحرم العقل الذي كرم الله به الإنسان ويدعون للنقل وحده والغلو في الدين ، ووسطيا في العبادة كما في قصة الثلاثة الذين جاءوا إلى بيوت النبي صلى الله عليه وسلم يسألونه عن عبادته: {فكأنهم تقالُّوها، فقال أحدهم: أما أنا فأصلي ولا أنام، وقال الآخر: أصوم ولا أفطر، وقال الثالث: لا أتزوج النساء، فقام النبي صلى الله عليه وسلم خطيباً، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: ما بال أقوام يقولون كذا وكذا، أما أنا فأصلي وأنام، وأصوم وأفطر، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي، فليس مني }، وسطيا في لباس المرأة بين السفور والتعري وبين التشدد الجاهلي بالتنقيب فكان الحجاب بينهما وسطا ، فأين أنت من هذا صديقي الإسلاموي ؟
العقل والمنطق
لقد أضحينا نشهد إنحطاط معرفي كبير لدى علماء الدين والمفتين ، فبعد أن كان سابقا الفقهاء المسلمين علماء موسوعيين في الفلسفة والفلك والتاريخ والهندسة وعلم الكلام أي أنهم كانوا علماء موسوعيين نجد الآن علمائنا الأفاضل لا يفرقون بين الصفر ورغيف الخبز ومع ذلك يطلون علينا بالمساجد والقنوات الفضائية يفتون فيحرمون ويحللون حسب أهوائهم ، وبعض الأحيان تجدهم لا يفهمون حتى الأسئلة المطروحة فيسارعون بالإجابة ، فيفتون أن الزلازل غضب من الله والتسونامي عقاب جماعي حتى أن بعضهم يكفرون علماء الجولوجيا الذين يفسرون الظواهر علميا ، ولا يمكن أن ينطبع على بعضهم سوى الغباء ففي رمضان المنصرم وأنا أحضر درسا قبل صلاة التراويح بالمسجد أخذ الخطيب يقرأ علينا القصص الخرافية التي يتداولها المراهقين في منتديات الأنترنت والتي تكون موقعة بعبارة " أرسلها لعشر أشخاص فتسمع خبرا جميلا وإن لم ترسلها سيحدث لك مكروه ففتاة تدعى حليمة لم ترسلها فماتت وأخرى وقع لها حادث " لربما قرأها الخطيب وهو الآن ينتضر الخير الذي سيعمه بعد أن تقيأ تلك التفاهات على آلاف المصلين ، عن شاب مسيحي دخل الإسلام لأن جاره المسلم كان يعطيه الحلوى فأسلم على يديه 6 آلاف فرنسي و 6 ملايين إفريقي من قبائل "الزولو" ، وآخر يقول أنه إكتشف علاج الإيدز ببول البعير ، ومن يقول أن له تسجيلات صوتية لأناس يعذبون في جهنم إكتشفها علماء روس تحت الأرض ( لا وجود لأي عالم تم ذكر إسمه ) ويحلفون بصحتها في تناقض مع ما أخبرنا به الرسول ( ص) عن إستحالة سماعنا لأصوات العالم الآخر، تغييب العقل والمنطق من جعلنا أمة عاجزة عن الإبداع والإنتاج ، أمة تؤمن بالخرافات والأساطير ، أمة أبعد ما يكون عن بقية الأمم المتحضرة ثقافيا ومعرفيا وتقنيا.
والسياسة ...
ولشدة تحول أمتنا من العقل للنقل أصبحنا نقيم حروبا ونقتل إخواننا في الدين لأن كل منا متشبث بصراعات كانت قبل مئات من السنين بين الفقهاء والمؤرخين وأضحينا أسيرين لمخطوطاتهم وطريقة تفكيرهم فهذا شيعي وهذا سني وفي الشيعة مذاهب والسنة كذلك والكل يعادي ويرهب ويكفر الآخر ويتوهم أن مفاتيح الجنة في أيدي مشايخه ومريديه ويتوعد خصومه بالنار، متناسين أن فوق كل ذلك لنا كتاب الله نعود إليه وأن مهما إختلفت طريقة تفكيرنا وتفسيرنا للأمور فجميعنا مسلمين ونشهد لله بألوهيته ولمحمد (ص) بنبوته .
فأسست جماعات وأحزاب تدعي الإسلام ظاهرا وتضمر مطامع سلطوية دنيوية فأضحت مساجد الله منابر لفلان وعلان لبث سمومة والدعوة لشيعته وفريقه والتهجم على من يخالفهم في إستغلال بشع للدين الذي هو رحمة للعالمين وليس لأحد الحق في إحتكاره .
فأين أنت صديقي من هذا ؟
لأمازيغية ، أزول ، إسرائيل وأشياء أخرى...
صديقي الإسلاموي ، لقد حرصت أكثر من مرة على التهجم على الأمازيغية والمنادين بحقوقهم الثقافية الأمازيغية عوض أن تقف جنبهم في الدفاع عن حقهم المشروع لقوله تعالى :{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ }(5)
لكنك صديقي لم تعجبك مشيئة الله ولا آيته وحاولت إستبدال " لتعارفوا " لتحل محلها " لتعربوا" ولتستغل كلام الله ومنابره للهجوم على كل من يحاول الحفاض على هويته وثقافته ولغته التي منحها الله له فتحاولون إثبات دونيتها وإتخذتم العروبة دينا عوض الإسلام ، والعجيب أ صديقي الإسلاموي أنك وضعت يدك في يد المسيحيين والملحدين العرب وجلست جنبهم في المؤتمر القومي العربي ، وصرت تمجد الأنظمة القومية العربية التي عادت الله وخلقه وقتلت وعذبت ونهبت شعوبها .
صديقي الإسلاموي، لقد رضينا بالإسلام دينا وبمحمد رسولا لكننا لم نرضى بالعروبة قومية فصرت تكفرنا ، ونسيت أن رسول الإسلام (ص) قال :(أَيُّما رَجُلٍ قالَ َلأخيهِ يا كافِرُ فَقَدْ باءَ بِها أَحَدَهُما) (6)
صديقي الإسلاموي ، تلك المنابر التي تعتليها بنيت من عرق جبين هذا الشعب الأمازيغي ، وحتى أجرتك هم من يجمعوها لك ، فكيف ترتضي أن تعض اليد التي إمتدت لك بإحسان، وتسب هذا الشعب وتستهزئ بلغته وتسعى لإستبدال هويته بأخرى، كل هذا وأنت تستعمل أساليب رخيصة وغير أخلاقية ، بل تكذب وأنت تعتلى منابر الله لعلك تؤكد مزاعمك :
قلت يوما أن الأمازيغي حينما يحيي أخاه بلغته فهو يدعوا للجاهلية والإلحاد ، بأي منطق هذا يا صديقي ؟ ألم تقرأ قوله تعالى { وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا }(7) ، فالمغزى هو أن يحيي الإنسان أخاه، قلت أن الأمازيغ يفضلون " أزول " على " السلام " والتي تدعوها أنت بتحية الإسلام ، ولنفرض أنها كذلك ، فما يضيرك قول بعض الأمازيغ " أزول " وتتهمهم بالكفر وتغض الطرف كون أهل الحجاز والخليج لا يحيون بالسلام إلا نادرا بل يستعملون عبارات " يا هلا ، أهلين ، يا مرحبا ، شلونك ، حياك الله وبياك ...." بل وحتى مشايخك تجدهم بالقنوات الفضائية إستبدلوا "تحية الإسلام"بتلك التحيات ، فلما لا نجد لك صوتا إلا حينما يتعلق الأمر بالأمازيغية ؟ وكيف تقول أن السلام تحية الإسلام ولم يستعملها سيدنا إبراهيم { وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلا }(8) كما لم يستعملها موسى من بعده فما بالك من قبله ، أفليسوا مسلمين؟ أم أن إسلامهم ناقص لأنهم لم يستعملوا تحية الإسلام، ولما يا صديقي اليهود والمسيحيين والملحدين العرب يحيون بعضهم البعض ب"السلام عليكم" فهل هي إذن تحية عربية أم إسلامية؟ صديقي الإسلاموي ، إن الله شرع لنا أن نحيي بعضنا البعض "مثل كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة" (9) لذا فالسلام عليكم كلمة طيبة وأزول كلمة طيبة، والغاية تبرر الوسيلة ، فالإسلام لا يدعوا للتعريب بل لنشر ثقافة التسامح بكل اللغات.
صديقي الإسلاموي ، لقد حاولت أكثر من مرة أن تربط بين الأمازيغية والصهيونية ، وإنتظرنا منك دلائل على ما تزعم لكن لم نجد سوى إتهامات باطلة وكذب وإدعائات ما أنزل الله لها من سلطان ، إن الأمازيغية حضارة وثقافة لأرحب من أن تحتويها لا صهيونية ولا قومية عربية أو غربية، أما ربطكم لكل من يخالفكم الرأي بالعمالة والصهيونية والكفر يثبت عجزكم وضعف حججكم لتستعينوا بهاته الإتهامات الرخيصة لتشويه خصومكم، فينطبق عليكم قوله تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} (10). فما أكثر فساقكم يا صديقي .
الأمازيغ كان لهم تاريخ مشرف تجاه القضية الفلسطينية ، بل جعلوا من زيارة بيت المقدس ركنا من أركان الحج فلا يكتمل حجهم إلا برأيته وكان لهم فيه حي هو رمز لتعلق المغاربة بالقدس، فمنذ السنوات الأولى لاعتناقهم الإسلام، كان جُلُّهم يمر بالشام بعد إتمام فريضة الحج حتى ينعم برؤِية مسرى الرسول ويحقق الأجر في الرحلة إلى المساجد الثلاثة(المسجد الحرام والمسجد النبوي والمسجد الأقصى). كان المغاربة يقصدونه كذلك طلبا للعلم، كما أن الكثير من أعلام المغرب أقاموا هناك لبضع سنوات، كأمثال الشيخ سيدي صالح حرازم (حيث لارزالت مدينة صغيرة قرب مدينة فاس تسمى باسمه "سيدي حرازم" و تعني بالأمازيغية ساق الأسد) المتوفي بفاس أواسط القرن السادس والشيخ المقري التلمساني صاحب كتاب "نفح الطيب" فسمي أهم باب بالقدس بإسم " باب المغاربة "وكيف لا وقد كان يسمى أيضا "باب النبي" حيث اختاره الرسول المعظم ليعبر منه إلى الحرم المقدسي في إسراءه ومعراجه . كما منح لهم أهم حي بالقدس ملاصق للحرم الشريف ببيت المقدس "حي المغاربة " من طرف القائد الكردي صلاح الدين الأيوبي عرفانا منه لدورهم في تحريرها من الإستعمار الصليبي ة 1193 (583 ه)، ولا أذكر أن هنالك أمة أخرى سميت بإسمها بوابات وأحياء القدس ، إذن فقد كنا أول المتضررين مما تفعله السلطات الإسرائلية الغاشمة من تهويد وهدم لحينا وأسوارنا وآثارنا بالمقدس .
كما كان أول قرار سنه أمير الريف " محند عبد الكريم الخطابي " بعد تأسيس الجمهورية الريفية هو إصدار قانون يجرم معادات اليهود لقطع الطريق على خطط ترحيلهم من طرف المنظمة الصهيونية العالمية ، لكن فيما بعد تحالف المخزن وما يدعى بالحركة الوطنية الفاسية مع هاته المنظمات لتهجير اليهود المغاربية لإسرائيل :
قد جاء في مقال بعنوان "الحسن مكن الموساد من إنشاء مكتب بالمغرب" بقلم يوسي ميلمان مراسل جريدة "هاريتس" الاسرائيلية، أن الملك الحسن الثاني يعتبر ثاني رئيس عربي، بعد الملك حسين الأردني، الذي قبل بإحداث قنوات لحل مشكل هجرة اليهود المغاربة إلى إسرائيل. فبعد حادثة غرق الباخرة "ايكوز" التي ذهب ضحيتها 42 يهودي مهجر سري من ضمنهم 16 طفلا في سنة 1961 قبل مبدئيا الملك محمد الخامس فكرة تهجير اليهود المغاربة إلى فلسطين عبر فرنسا. و بعد وفاته وافق الملك الحسن الثاني على توسيع فحوى الاتفاق الاتفاق المبرم مع والده و عيّن وزيره في الداخلية آنذاك و رئيس المخابرات المغربية الجنرال محمد أوفقير كرجل اتصاله مع اسرائيل. و حسب مصادر أجنبية غير إسرائيلية ، لفإن أوفقير نفسه هو الذي اقترح على الملك الحسن الثاني و أقنعه أن يقبل بفتح مكتب للموساد بالمغرب و مقابل ذلك ستوفر المخابرات الاسرائيلية دعما تقنيا و لةجستيكيا و إشراف على تكوين و تدريب مختلف عناصر المخابرات المغربية و إعادة هيكلة مصالحها و مختلف مصالح الأمن الوطني المغربي. كما أن الموساد منحت آنذاك للمغرب معلومات هامة و مهمة عن المعارضين للنظام الملكي المغربي و مختلف الجهات العربية الراغبة في تغيير النظام القائم بالمغرب (11)
وقد تنافس ما يدعى بالحركة الوطنية الفاسية والقصر على خطب ود الحركة الصهيونية بتهجير أكبر عدد من اليهود ، ونحن أعلم صراع هاته الأطراف مع جيش التحرير الذي كان يتكون من أبناء القبائل الأمازيغية وكيف قدم الموساد وفرنسا الدعم للوبي الفاسي المخزني لإغتيال رموزه وتنفيذ حملة تطهير عرقي بالريف 1958 و 1959 (12) والأطلس والجنوب الشرقي والصحراء .كل هذا أتى على حساب العنصر الأمازيغي والذي غيب تماما من المعادلة السياسية بعد خروج الإستعمار الخارجي ليعوضه الإستعمار (الفاسي مخزني) الداخلي .
لذا فنحن أعلم مع من ترتبط مصالح الإستعمار والصهيونية بالمغرب ، هل مع شعب مهمش ومقموع أم مع أنظمة سلطوية دكتاتورية ، والأحداث الأخيرة بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا تؤكد أن مصالح إسرائيل والغرب كانت دائما وأبدا مع الأقليات الحاكمة المستبدة وضدا لأغلبية السكان الأمازيغ.
أقمتم الدنيا ولم تقعدوها لزيارة بعض الأمازيغ لإسرائيل، ولو أنكم تعلمون أن زيارتهم كانت لمنظمة دولية إنسانية وليست لدولة إسرائيل كما يفعل رؤسائكم وقادتكم، لقد قال لي رجل أمازيغي مسن " لو كانت فلسطين قربنا لما تركناها تستعمر " لكن للأسف وجدت أن من انشأ إسرائيل مه العرب أنفسهم ، وكلنا نذكر أن السلطان العثماني عبد الحميد الثاني رفض بيع ولو شبرا من أرض فلسطين لليهود حينما أرسل تيودور هرتزل له يعرض عليه قرضًا من اليهود يبلغ عشرين مليون جنيه إسترليني، في مقابل تشجيع الهجرة اليهودية إلى فلسطين، ومَنْح اليهود قطعة أرض يقيمون عليها حكمًا ذاتيًّا. وفيما يلي نص الرسالة:
"ترغب جماعتنا في عرض قرض متدرج من عشرين مليون جنيه إسترليني، يقوم على الضريبة التي يدفعها اليهود المستعمرون في فلسطين إلى جلالته، تبلغ هذه الضريبة التي تضمنها جماعتنا مائة ألف جنيه إسترليني في السنة الأولى، وتزداد إلى مليون جنيه إسترليني سنويًّا. ويتعلق هذا النمو التدريجي في الضريبة بهجرة اليهود التدريجية إلى فلسطين، أما سير العمل فيتم وضعه في اجتماعات شخصية تعقد في القسطنطينية،مقابل ذلك يهبُ جلالته الامتيازات التالية: الهجرة اليهودية إلى فلسطين، والتي لا نريدها غير محدودة فقط، بل تشجعها الحكومة السلطانية بكل وسيلة ممكنة، وتعطي المهاجرين اليهود الاستقلال الذاتي، المضمون في القانون الدولي؛ وفي الدستور والحكومة وإدارة العدل في الأرض التي تقرر لهم (دولة شبه مستقلة في فلسطين). ويجب أن يقرَّر في مفاوضات القسطنطينية، الشكل المفصّل الذي ستمارس به حماية السلطات في فلسطين اليهودية، وكيف سيحفظ اليهود أنفسهم النظام والقانون بواسطة قوات الأمن الخاصة بهم. قد يأخذ الاتفاق الشكل التالي: يصدر جلالته دعوة كريمة إلى اليهود للعودة إلى أرض آبائهم. سيكون لهذه الدعوة قوة القانون، وتبلَّغ الدول بها مسبقًا". وقد رفض السلطان عبد الحميد الثاني هذا العرض رغم احتياج الدولة العثمانية إلى الأموال، وردَّ على هرتزل قائلاً: "انصحوا الدكتور هرتزل بألاّ يتخذ خطوات جدية في هذا الموضوع؛ إني لا أستطيع أن أتخلَّى عن شبر واحد من الأرض، فهي ليست مِلْك يميني، بل مِلْك الأمة الإسلامية التي جاهدت في سبيلها، وروتها بدمائها، فليحتفظ اليهود بملاينيهم، وإذا مزقت دولة الخلافة يومًا فإنهم يستطيعون آنذاك أن يأخذوا فلسطين بلا ثمن. أما وأنا حيٌّ فإنّ عمل المِبْضَع في بدني لأهون علىّ من أن أرى فلسطين قد بُتِرت من الدولة الإسلامية، وهذا أمر لا يكون؛ إني لا أستطيع الموافقة على تشريح أجسادنا ونحن على قيد الحياة".
فما كان من الحركة الصهيونية أن أنشئت ما يدعى بحركة القوميين العرب التي قامت بشن حرب على العثمانيين بقيادة رجل مخابرات بريطاني يدعى توماس إدوارد لورنس والمشهور بإسم "لورنس العرب" والذي قام بدور كبير في تأطير هاته الحرب الأوروبية الصهيونية ضد الأتراك العثمانيين ، وقد تم آنذاك التخطيط لإقامة إسرائيل فور طرد الأتراك بما عرف فيما بعد بوعد "بيلفور"، وتكفلت فرنسا بتشكيل نواة أولى لإنشاء ما صار يدعى بالجامعة العربية .
آنذاك وفقط منح الضوء الأخضر لإنشاء الكيان الإسرائيلي .
ونحن الأمازيغ نتحمل مسؤولية أخلاقية في ربط اليهود المغاربة المقيمين بإسرائيل بوطنهم الأم وتشجيعهم للعودة لأوطانهم ولو أنهم هاجروا منها مكرهين ، لذا فأكبر خدمة نسديها للفلسطينيين هو أن نعيد اليهود المغاربة الذين يفوق عددهم المليون لبلدهم الأم ، وخلق جو من التسامح والتعايش بين المسلمين واليهود بعيدا عن الخطاب الشوفيني القومي العروبي الذي لم يجر علينا سوى الإنهزامات وضياع فلسطين .
ونحن نؤكد دائما أن الصراع بالشرق الأوسط هو نتيجة فكران عنصريان إرهابيان ، الفكر الصهيوني الذي يحلم بإقامة وطن قومي لليهود من جهة والفكر القومي العربي والذي يحاول جعل ما بين المحيط والخليج أرضا عربية بالقوة ، أي بين التهويد من جهة والتعريب من جهة ثانية ، ونحن نمقت الإثنان ، فما قامت به إسرائيل الصهيونية لا يفوق ما قامت به الأنظمة القومية العربية من جرائم في الأكراد بسوريا والعراق وجنوب السودان ودارفور والطوارق والأمازيغ بالريف والقبائل ...
صديقي الإسلاموي ، فهل أن مازلت مصرا على النفخ في الرماد لعلك توقد نارا تظن نفسك قادرا على أن تحرقنا بها ؟ فبما ستجيب يا صديقي لو سألتك بدوري عن أسرار إرتباطكم بالمخابرات الأمريكية وسفر رموزكم المتكرر لها وتحليل يقادياتكم الجلوس على طاولات الخمر ، بما ستجيب لو سألتك عن مصادر ثروات قياداتكم وأسرار إنتقالهم في مواكب تفوق مواكب الملوك العظوظ ؟ بما ستجيب لو قمنا بالمثل وكشفنا عوراتكم لننشر ما جادت به مواقع الأنترنت من أشرطة خلاعة تبين الخيانات الزوجية والزنا المنتشر في جماعاتكم ؟ كل هذا موثق لدينا بالأسماء والألقاب والصوت والصورة وليس مجرد إدعائات كما تفعلون أنتم ، لكننا لا ولن نفعل لأن رسولنا الكريم (ص) قال : ( من ستر عورة أخيه المسلم ستر الله عورته يوم القيامة ) وأنك أخي الإسلاموي بإستغلالك الدين وبيوت الله للنميمة وهتك أعراض الناس والكذب لدعوة الناس لجماعاتك الإسلاموية مفلس ، قال رسول الله: ( إن المفلس من أمتي يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه، ثم طرح في النار! ) (13) .
إن المساجد أخي الإسلاموي ملكنا جميعا ، ولا مجال لإقحام صراعات السياسة فيها لأن لكل منا رأي ، فهل أنت مستعد أن تتقاسم المنبر مع كل الآراء ؟ فلكل واحد الحق أن يرد ويبين وجهة نظره ، فلنتركها للصلاة ولنتجادل خارجا ، ولننشر ثقافة الحب والسلام والإخاء والمحبة في مساجدنا عوض خطب التكفير والإرهاب والتخويف ، ولنعبد الله لأننا نحبه أكثر من عبادتنا له لأننا نخافه ، ولنعطي درسا لباقي الأمم على تسامح ديننا وسماحته والله لإني أخجل بعض الأحيان مما يذكر بالمساجد من دعاء على اليهود والنصارى بالموت والزلازل والطوفان وتيتيم أولادهم وترميل نسائهم في أبشع أنواع العنصرية والإرهاب ، فكيف سنظهر للعالم لو ترجمت هاته الدعوات للعالم ؟
أخي الإسلاموي ، إسلامنا دين الرحمة والتسامح دين الإخاء والسلام، فكفوا أيديكم عنه ، فلا تفرقونا شيعا ومذاهب ، فغيرتي على ديني الإسلامي وسخطي عن الصورة المظلمة الإقصائية الإرهابية التي تحاول تقديمها عنه من جعلني أكتب لك هاته الرسالة، فإن أردت أن تتعض بها فلتفعل وإن أردت الإستمرار في طريقك فلك ما أردت فالله يهدي من يشاء، وأملي أن تزرع ورودا في كل زوايا هاذا العالم لا مفخخات وعبوات ناسفة للإخاء والإنسانية جمعاء. والسلام
للتواصل مع الكاتب :
[email protected]
https://www.facebook.com/bouhaddouz
* باحث في الثقافة الأمازيغية.
----
الهوامش
(1)يستعمل الكاتب كلمة إسلاموي للإشارة لأتباع الجماعات الإسلامية السياسية
(2)عن أمير المؤمنين علي (عليه السلام) حيث قال : ( سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) يقول : إنّ أمّة موسى افترقت بعده على إحدى وسبعين فرقة ، فرقة منها ناجية ، وسبعون في النار ، وافترقت أمّة عيسى بعده على اثنتين وسبعين فرقة ، فرقة منها ناجية ، واحدى وسبعون في النار ، وإنّ أمتي ستفترق بعدي على ثلاث وسبعين فرقة ، فرقة منها ناجية ، واثنتان وسبعون في النار )
(3) [النحل:125]
(4) [البقرة:143]
(5) ( سورة الحجرات)
(6) حديثُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ . متفق عليه
(7) سورة النساء آية 86
(8) النساء 125
(9) سورة إبراهيم : الآية | 24ء26
(10)الحجرات: 6
(11)المغرب و الموساد: بقلم إدريس ولد القابلة
(12)أنظر مقالة : "جمهورية الريف" والتسعون سنة للكاتب رشيد إيثري بوهدوز
(13)صحيح مسلم 2581


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.